رئيس التحرير
عصام كامل

وعندك كمان ثورة في فنجال!


كتبت في هذا المكان العزيز نوفمبر الماضي، واصفًا الثورة الإسلامية الدموية التي دعا لها بعض البلهاء، لتجتاح مصر كُلها من شيشان شبابيكها، ومن تحت أعقاب أبوابها.

كتبت مؤكدًا أن الثورة المزعومة ليست سوى "ثورة في فنجال"، وأن أعداد النازحين اللاجئين للشوارع لن يتخطى عدة مئات، خاصةً أن الشعب خلاص بح مابقاش عايز ثورات تاني، بعدما اكتفى بما حققته ثورة يونيو وتصحيحها لأخطاء ثورة يناير، وأكبر تلك الأخطاء هو الإطاحة بنظام حكم فاشي غشيم فاشل، ومعه دلاديل السبوبة ونشطاء الغبرة!

للأسف الثورة المزعومة وقتها خيّبت أملي، ولم تكُن قادرة حتى على أنها تملأ الفنجال، يا دوب كانوا شوية "تِفل" في القعر كدة لم ينتبه لهم أحد، وانتهى الموقف سريعًا بحسرة للمضحوك عليهم، وضحك جديد مننا على خيبتهم، وقفا مألوف على مؤخرة أعناق الراغبين في إعادتنا لأيام أسود من السواد، والسواد هو نظام الحُكم الذي كان قائمًا قبل ثورة يناير، وأطاحت به ثورة الشتاء، أما الأسود من السواد، فهو النظام الأهبل الذي أطاحت به ثورة الصيف في يونيو!

بالتأكيد لا خلاف على رغبة الإخوانلية في الحصول على أي حاجة في رغيف، ثورة، اغتيالات، إرهاب، انهيار اقتصادي، إن شاء الله خناقة في ميكروباص، عاوزين أي جنازة ويشبعوا فيها لطم ومأمأة، والأكثر تأكيدًا من ذلك أن هذه أيام ولَّت ولن تعود، تقول لي ثورة إسلامية، تقول لي انتفاضة رغيف، تقول لي شرعية المهلبية، كلام فارغ مش هيأكل مع الناس لسبب بسيط؛ هو أن الشعب مش عايز ثورة.. هل أتكلم أنا بلسان الشعب؟ 

طبعًا لأ، لكن لو الشعب عاوز ثورات أكيد هايقوم بيها زي ما قام في يناير ويونيو، ولن يكون أبدًا في انتظار بعض الصيَّع والمتآمرين لقيادته، خاصةً بعدما وعى درس ثورة يناير، ومن اندسوا فيها وفوقها من نشطاء الغبرة، وسبابجية ستة أبريل، وسرسرجية (البرادعي)، وإخوانلية الإخوان، ورقاصين التيارات الإسلامية، اللي شوية في حُضن الإخوان، وشوية تحت أحضان أمن الدولة!

إذن المُستفيد والداعي للقيام بشوية دوشة في 25 يناير، هُما شوية فلول الإخوانلية المخابيل الراغبين في عودة المخبول بتاعهم للعرش، تُحرِّكهم أصابع آثمة من قياداتهم بالخارج بعد ما هربوا زي الفيران، دون أن يستوعب واحد منهم أو من دلاديلهم وديولهم في الداخل قيمة الكفاح (لو كان كفاح) أو الشرف (لو كانوا يعرفوا الكلمة دي) في أنك تناضل جوة بلدك (لو تعرف يعني أيه نضال) وتتبهدل أو تتسجن حتى فيها أو يعدموك، ولا أنك تروح تنام على بطنك في قطر وتُركيا، ونسمع آهاتك وإحنا قاعدين هنا!

المستفيدون أيضًا هُم الصفوف الثالثة والرابعة من قبيضة ستة أبريل، مرتزقي الثورات ومُحترفيها، ومنهم مَن لم يحصُل على فُرصة مُناسبة لتكوين نفسه، وبيحلم كُل يوم بثورة يؤمن بيها مستقبله زي ما حصل مع (سموءة) و(سروءة) و(دموءة) و(قرضوءة) و(مهورة) و(نجورة) و(عبوسة)، وهم ناس حملتهم الثورة من غياهب الفقر والنسيان، إلى حيث الفيلل والسيارات البي إم والفضائيات، فيا ريت كمان ثورتين تلاتة كدة علشان بقية الكوادر تلحق تأمِّن مستقبلها، ويا سلام لو شوية دماء وشهداء يبقى إشطة، نتكلم عن حق الشهداء، ودم الشهداء، والقصاص للشهداء، ونعيش حياتنا بقا على حساب الشهداء، أومال هي الثورة أيه غير كدة؟! بس إحنا نطولها وإحنا نمسك فيها بأيدينا وأسناننا!

هل العبد لله ضد الثورات؟.. أبدًا وربنا، الحمد لله كان لي شرف المشاركة في ثورتي يناير ويونيو، مشاركة عادية جدًا كأي مواطن مصري، لا قيادي ولا حقوقي ولا حتى ثورجي، أصل مش كُل اللي شاركوا في الثورتين كانوا ثورجية، الثورجي ده له مواصفات خاصة، يعني لازم ينكش شعره، يلبس شتوي في الصيف، وصيفي في الشتا، يجعَّر وينعَّر ويسب طول الوقت، يرفَّس في كُل حاجة، فدي شروط صعب تلاقيها في كُل البشر، الأحياء منهم والبني آدمين يعني على حدٍ سواء.

لكن لازم يكون الثورة ليها داعي، ليها أسباب، ليها فوايد المفروض نحصُل عليها - كشعب - من وراها، مش ثورة علشان خاطر عيون مُجرم مرمي في السجن هو وجماعته، أو علشان نرجع نوسَّخ تُراب مصر وهواها بأشكال زي شيخي الضلال والفتنة (القرض لسَّه بيتنطط واللا بطَّل تنطيط) و(وغدي زنيم) أو جوز الإرهابيين المترخصين (عاصم عبد الماجد) و(طارق الزمر)، أو علشان المناضل الكتكوت عاوز يغيَّر عربيته البي إم موديل 2013 بواحدة موديل 2015، فمزنوق في ثورة بسرعة بدل ما يعمل له جمعية، أو يأخُد قرض من البنك!

طيب أعداد الناس دي كام، على شوية المضحوك عليهم ببريق الثورة، أو باسم الإسلام والشريعة اللي لا شوفناهم ولا هانشوفهم أبدًا من الإخوان وتيارات تجارة الدين كُلها، أهم شوية كدة مايملوش قعر فنجال كمان، يعني يا دوب مِيت واحد يقتحموا ميدان التحرير، خمسين واحدة يقفوا يتصوروا بإشارة ذوات الأربع على طريق كفر ميت العِجل، وبعدين يروَّحوا يناموا في بيوتهم، وتلاقي (رصد) كاتبة لك سلسلة بقرية على الطريق الدولي، والمخبول (محمد ناصر) بيحلف أنه شاف تلاتة كانوا عاوزين يتظاهروا بس اتزنقوا في رمسيس تحت كوبري أكتوبر، والمأفون (معتز مطر) يؤكد أن المزنوقين دول كانوا أربعة مش تلاتة، قال يعني كدة هايملوا الفنجال، ويعدي اليوم - كالعادة - في الكازوزة!

لمُراجعة المقال السابق المُشار إليه بعاليه اضغط هنا
الجريدة الرسمية