رئيس التحرير
عصام كامل

ناشطة تونسية: ثورتنا سُرقت و«السبسى» مخيب للآمال


قبل أربع سنوات اشتعلت تونس فأشعلت محيطها، وأسقط شباب الثورة نظام زين العابدين بن على القوى، وبنوا أحلامهم بتونس ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، وعلى خطاهم سار شباب مصر وليبيا وسوريا واليمن.

واليوم في الذكرى الرابعة لانطلاق "ثورة الياسمين"، تشهد تونس صعوبات لكنها لا تزال الوجه المشرق لما سمى "الربيع العربي" في الوقت الذي غرقت فيه دول عربية أخرى في حمامات الدماء وفوضى الاقتتال اليومي، DW عربية أجرت حوارًا مع الناشطة السياسية والمدونة التونسية المعروفة لينا بن مهني بمناسبة الذكرى الرابعة للثورة التونسية.

لينا التي يلقبها البعض بـ"مدونة الثورة" ترى أن تونس تعيش اليوم الكثير من المشاكل، ولم يتغير حالها كثيرًا عما كانت عليه في عهد بن على، لكن الناشطة الشابة -التي تتلقى تهديدات ممن سمتهم إرهابيين- تؤكد في الوقت نفسه أن تونس تبقى أفضل حالًا، مقارنة ببقية دول "الربيع العربي".

DWعربية: اليوم بعد مضي أربع سنوات على الثورة التونسية.. ما هي الحصيلة؟
لينا بن مهني: بعد أربع سنوات أستطيع القول إننا حققنا بعض وليس كل ما كنا نأمل إليه، كشابة شاركت في ثورة الياسمين أرى أن الحكومات المتعاقبة على تونس منذ سقوط نظام بن على حادت للأسف عن مسار الثورة وأهدافها، فهذه الثورة قامت من أجل الكرامة والحرية والعيش الكريم، لكن هذه الأهداف لم تتحقق بعد، كما أن ضحايا وشهداء الثورة وعائلاتهم لم يأخذوا حقهم بعد وأفلت المسئولون من العقاب، لكن تونس تبقى أفضل حالًا من دول أخرى قامت فيها ثورات أيضًا، فقد حققنا حرية التعبير رغم أنها تتعرض للتهديد ولكنها موجودة.

وهناك مضايقات واعتقالات لكن اليوم أصبح بإمكان التونسي التعبير عن مواقفه ومشاكله بحرية أكبر، كما نجحنا في تنظيم انتخابات واختيار رئيس ومجلس نواب لكن ذلك لا يكفي.

أين شباب الثورة اليوم؟ رأينا أنهم قاطعوا الانتخابات الأخيرة.. ونرى اليوم على رأس السلطة في تونس رجلًا في عقده الثامن؟

للأسف هذا صحيح وذلك لأنهم شعروا بأن ثورتهم سُرقت منهم، اليوم هناك شباب مازالوا يؤمنون بمبادئ الثورة ويطمحون لتحقيق أهدافها لكن عددهم قليل، بينما وجد الكثيرون أنفسهم بين خيارين: إما الهجرة غير الشرعية نحو أوربا أو الالتحاق بداعش أو غيرها من التنظيمات الإرهابية، بينما فضل آخرون اعتزال السياسية والعودة للحياة العادية، أما اختيار السبسي رئيسًا فهو أيضًا مخيب للآمال، كنا نعتبر بن على كبيرًا في السن فجاء من هو أكبر منه سنًا.

لكن الكثير من الشباب التونسي فضل أيضًا الالتحاق بمنظمات المجتمع المدني بدلًا من الأحزاب السياسية.. هل تعتقدين أن ذلك كافٍ لحماية أهداف الثورة؟

هذا الاختيار ليس دون أسباب، فالشباب فقد ثقته في الأحزاب السياسية والسياسيين بشكل عام ولهذا لجأ إلى منظمات المجتمع المدني، صحيح أن الأخيرة ليس لها تأثير قوي في صنع القرار السياسي لكنها لعبت دورًا مهما على مدى السنوات الأربع الماضية، ففي كل مرة كانت تُستهدف فيها الحريات والحقوق، ضغطت هذه المنظمات ونزلت إلى الشارع وفرضت موقفها.

بماذا تفسرين فشل الإسلاميين وتجربة الترويكا في تونس؟
فشل هذه التجربة يعود إلى أداء الإسلاميين خلال فترة حكمهم، فقد أدخلونا في نقاشات حول الهوية والدين، نحن في غنى عنها، بدلًا التركيز على أهداف الثورة، في فترتهم تدهورت الأمور، دخل الإرهاب إلى تونس وعشنا الاغتيالات السياسية لذا تخلى عنهم الناس.

لكن اليوم في عهد السبسي تشهد تونس اعتقال نشطاء بسبب آرائهم مثل المدون ياسين العياري.. ما رأيك؟
هنا يجب أن نوضح أن اعتقال المدون ياسين العياري، والمخرجة إيناس بن عثمان تم في عهد الحكومة السابقة، فالحكومة الحالية لم تتسلم مهامها بعد مع العلم أني لا أدافع عن أي طرف.

مع حكم السبسي.. ألا تخشين من عودة النظام السابق إلى تونس؟
لا أريد استباق الأحداث، لكن بالفعل لدي خشية من أن يحدث ذلك، السبسي من رموز النظام السابق، عمل تحت نظام بن على والرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وكان وزيرًا للداخلية في فترة معينة، وتدور حوله شبهات بتورطه في عمليات تعذيب كما أن حزبه يضم أيضًا شخصيات من النظام القديم. حزب نداء تونس لا يمثلني ولا يمثل المبادئ التي قامت عليها الثورة.. هذا كله يطرح تخوفات وعلينا أن نبقى يقظين.

المرأة التونسية حققت مكتسبات مهمة.. ما وضع هذه المكتسبات اليوم.. هل تراجعت أو أنها تعززت؟
حقوق المرأة تعرضت خلال فترات من حكم الترويكا لتهديدات لكن بفضل ضغوط المجتمع المدني لم تتأثر هذه الحقوق كثيرًا، المرأة التونسية قوية واستطاعت الحفاظ على حقوقها، بل وسعت إلى تعزيز حضورها في الساحة السياسية وهي تتحرك كلما شعرت بأن حقوقها مهددة، أكثر من مليون امرأة صوتت لصالح السبسي، وأتمنى أن أرى الكثير من النساء في الحكومة الجديدة.

ماذا عنك شخصيًا.. كيف تتعاملين مع التهديدات والانتقادات الشديدة التي تتعرضين لها بسبب مواقفك؟
أنا أعيش تحت حماية أمنية لصيقة منذ اغتيال الشهيد محمد البراهمي لأن الداخلية اكتشفت وجود تهديدات جدية لي، الأسبوع الماضي تعرضت مثلًا لتهديدات لكني تعودت على الأمر، بل يزيدني ذلك إصرارًا على مواصلة طريقي ومواجهة الظلاميين الذين يريدون تحويل تونس إلى بلد إرهابي.

نرى الصعوبات التي تواجهها تونس الموجودة أصلًا في محيط معقد.. هل تعتبرين أن الأوضاع الحالية في سوريا وليبيا ومصر واليمن تعني موت "الربيع العربي"؟

أنا ضد تسمية "الربيع العربي" لأن لكل دولة من هذه الدول معطياتها الجغرافية والتاريخية والسياسية الخاصة، لكن المشهد عمومًا يبدو مفزعًا عندما نرى حمامات الدم في سوريا وفي مصر وخصوصا في ليبيا المجاورة لنا، تدهور الأوضاع في ليبيا مكن من دخول السلاح والإرهابيين إلى تونس وتهديدات تنظيم "الدولة الإسلامية" لتونس تثير القلق كثيرًا، كل ما أقوله هو أن كل شيء ممكن وعلينا أن نبقى يقظين.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية