رئيس التحرير
عصام كامل

إلغاء الصور الرمزية في الانتخابات البرلمانية؟


من قال إن الثقافة لا تؤكل عيشا؟ بل الحقيقة عكس هذه المقولة أيضا صحيح، فنقص الثقافة يؤتي بالفقر، ومن لا يعترف أن جانبا كبيرا من الفقر الذي نعيش فيه يرجع للتخلف في السلوك اليومي ولسوء بعض العادات المجتمعية لدى كثيرين من المواطنين، فهو يهرب من مجابهة الحقيقة، الثقافة تمحو الفقر وتزيل التخلف، أما الجهل والتخلف يأتيان بالمرض وضيق العيش، لا يمكن لأي دولة أن تتقدم ومجتمعها جاهل، ولا يمكن لأي مجتمع أن يتجنب الأمراض ويحيا حياة صحية وبه نسبة أمية تصل للنصف.

المفترض أننا «أمة اقرأ» التي تعلي من شأن العلم والمعرفة والقراءة والكتابة، لكن مع ذلك وفي القرن الواحد والعشرين، وفي عصر الأيباد والأي فون والتابلت والفيزا كارت وغيرها، ما يزال عدد ليس بالهين من أهالينا الطيبين يسيرون وفي جيوبهم (ختم نحاسي صغير)، يمثل هويتهم وشخصيتهم في المعاملات الرسمية.

وما تم صرفه على محو الأمية في مصر، سواء من قبل الدولة، أو المؤسسات المانحة، ربما لو تم حسابه وتقسيمه على عدد الأميين، وإعلانه كمكافأة لكل أمِّي يمحو أميته بنفسه وعلى نفقته الخاصة لكي يحصل على هذه الجوائز بعيدا عن بيروقراطية الأجهزة المشرفة على هذا الموضوع، لكنا بالتأكيد قد قضينا على الأمية منذ زمن.

على أية حال، عندي فكرة أخرى قد تسهم في محو الأمية، وهي إلغاء الصور الرمزية للمرشحين في الانتخابات، وهو ما يعني أن أي ناخب لن يستطيع أن يختار مرشحه إلا إذا كان متمكنا من القراءة والكتابة.

هذا لا يعني على الإطلاق محاولة حرمان أو إهدار حق الأميين في الاختيار البرلماني، بل العكس صحيح، تخيلوا معي لو تم اتخاذ هذا القرار، إلى أين سيتم توجيه أموال وأنشطة الدعاية الانتخابية من قبل المرشحين؟ كل مرشح لديه مجموعة ثابتة من المؤيدين له ولكن بالنسبة للبعض منهم الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، سيقوم هو وأفراد حملته بالعمل الفوري والسريع على محو أمية الأميين من أنصاره، وفي الوقت نفسه سيصبح هناك دافع لدى الأميين للتعلم، فقصر التصويت الانتخابي على من يعرف القراءة والكتابة هو دافع جيد لتحمل مرارة التعلم.

الحقيقة أنني أتضايق كثيرا عندما أرى بعض الناخبين في اللجان، ورغم وجود الرموز الانتخابية يضطرون أن يسألوا عن مرشح ما أين يوجد موقعه بالضبط لكي يختاره في بطاقة الانتخاب، وفي بعض الأحيان يتعرضون للخداع.

ترى ما رأيكم في هذا المقترح؟ هل يمكن فعليا تنفيذه؟ وهو ما أتوقع أنه لو تم تنفيذه سيسهم في محو على الأقل نصف عدد الأميين الحاليين في مصر في ظرف شهرين أو ثلاثة من قوائم الأميين.
الجريدة الرسمية