رئيس التحرير
عصام كامل

إحنا نروح مجلس الأمن!


أتاريهم بيخدعونا بقالهم كام سنة، ويقولوا البلد فيها أزمة كهربا، وطلع لا فيه أزمة كهربا ولا يحزنون، والبلد مليانة كهربا، وبقوة ألفين وتلات آلاف فولت، تسرى في جتتك، وتنططك وتخليك تعمل أرقاما قياسية في الوثب الطويل، والقفز بالزانة من غير زانة كمان، ومن غير حتى ما تحتاج في توليد الكهربا دى لسد عالى، ولا محطات نووية، ولا طاقة شمسية، ولا بترول ولا مازوت ولا بطارية قلم، ولا كلام فارغ من ده، يكفى إنك تسمع خبرا أو تصريحا أو مصطلحا من هذه العينة، علشان تتكهرب مترجعشى تانى، وشعر راسك يقف مينزلشى تانى، لا تقول لى سيشوار ولا جيل ولا كريم شانتيه!

الكهربا دى هبدتنى في السقف وأنا بشوف على شاشة CBC برنامج أخونا (خيرى رمضان) وأنا مش عارف (خيرى) اللى مسئول عن البلوة دى واللا (رمضان) هو المسئول، بس أكيد فيه حد مسئول عن كتابة وصف الضيف على الشاشة، وكان الضيف هو أخونا العزيز المُتحدث باسم قبيلة الهلايلة، ولولا توابع وبقايا أدب عند العبد لله، لقلت ألفاظا خارجة يُعاقب عليها القانون لو كان رايق ولاقى حد ينفذه، ويشيب لها (هذه الألفاظ) شعر المُجتمع هولًا، لو مكانشى شعر هذا المجتمع لسَّه وقع من الهموم والبلاوى اللى بتحصل في بلدنا!

مش عارف إيه اللى جدد الاشتباكات بين القبيلتين في أسوان، جايز قبيلة منهم تخطت حدود التانية، واللا طيارة من هنا اخترقت المجال الجوى لهناك، أو مركب صيد توغل في المياه الإقليمية للقبيلة التانية، قام حرس حدودها طخّوهم، ماهو ما دام الأمر وصل للمتحدث الرسمى، يبقى مش بعيد نلاقى مركبات ومدرعات بتتحرك من القبيلة دى رايحة القبيلة التانية، وواحد يتم سحله من هنا، علشان أهان علم هناك، ويكون بينهم جواسيس وأسرى، ومش بعيد يخفضوا التمثيل الدبلوماسى أو يلغوه خالص بينهم وبين بعض، دة إيه الشغلانة الزرقا دى؟ من ساعة الحرب اللى فاتت، وقالوا المحافظ بيرعى الهُدنة، وأنا الفار جاب كُل فيران المنطقة، وقعدوا يلعبوا في عبى حكشة واستغماية، وعملوا كأس العالم للفيران كمان في عبى لحد ما قرفونى، والجزيرة الرياضية لعلمك كانت عاوزة تشترى حقوق النقل دى رخرة، بس أنا رفضت، قولت مينفعش العالم يتفرج على صدرى كده وأنا لا بتاع بدى بلدنج ولا عندى عضلات زى (الشحات مبروك) و(محمد رمضان)، وقولت الحكاية دى مش هاتخلص على خير، هُدنة إيه يا أبو هُدنة، دى حاجة تجنن، إلا لو كنتم ناويين تحافظوا على التهريج ده علشان توليد الكهربا بقى زى ما قولنا فوق، طيب ليه لسَّه بتقطع لحد النهارده ما دام الوضع كده؟!

طيب الأخ المتحدث الرسمى ده بيقول كلام من دماغه، واللا بيرجع لحكومته الأول، وبعدين هل تم تبادل سحب السفراء بين القبيلتين؟ أنا أقترح إن اللواء (محمد إبراهيم) وزير داخلية مصر، يجتمع بوزير داخلية الهلايلة، ووزير داخلية الدابودية، كُلٌ على حده طبعًا علشان الطرفين مش طايقين بعض، وياريت الاجتماع يكون في بلد مُحايد زى رأس البر أو سويسرا، وممكن برضو وزارة الخارجية بتاعتنا تحاول تعرض وساطة بين القبيلتين، أو نعمل اجتماع على مستوى القمة معاهم!

وعلى التوازى مع هذه الإجراءات، أقترح نشر إعلانات في الأهرام والأخبار والوسيط بتقول: محدش شاف قانون يا أخواننا؟ محدش شاف هيبة دولة يا أولاد الحلال؟ دولة إيه اللى فيها متحدثين رسميين للقبائل دى رخرة؟ وياريتهم قبائل عايشين عادى، ده حرب حقيقية، فيها أسرى وقتلى، وناس بتتعذب وجثث بيتم التمثيل والتنكيل بيها، بشكل مشوفناهوش في الحروب العالمية، أنا أعرف إن القانون قانون، قانون حُمار أعمى، ميعرفشى (زينب) وميعرفشى (هلالية) ولا (دابودية)، ناس من هنا اتخانقت مع ناس من هنا، قتل متبادل، سحل عينى عينك، إنهاك جثث وتفصيص أحياء، فين السُلطة؟ فين القبضة الأمنية الحديدية؟ 

لا تقول لى عُرف ولا قبائل، كُله يخضع لإرادة الدولة وقانونها، والقوة لا تُقابل أو تُجابه إلا بقوة أقوى وأكثر بطشًا منها، مش نقول هدنة وكلام فارغ، مش نفصل لكل حادثة قانون لوحدها، ونعمل لكل قبيلة مقام لوحدها، ونقعد نلف نحوه، ويا أم المتطاهر رُشى الملح سبع مرَّات، طالما وضعت قدمك على أرض هذه الدولة المتحدة المتماسكة المركزية، يبقى قدمك تتحط زى الناس يا تتقطع، مش حرب دايرة في البلد، والدولة بتتوسط، وبتعمل هُدنة، ده موقف الدولة من الهُدنة دى زى موقف أي واحد لا مؤاخذة شغال لا مؤاخذة بصراحة لا مؤاخذة.. يا أخى لا مؤاخذة هاقول الكلمة والله!

المتحدث الرسمى باشا (واجعانى أوى المتحدث الرسمى دى) قال لك مش عارفين نسيطر على شبابنا، يعنى الشباب ده لا مؤاخذة عنده حالة انتقام لا إرادى، زى التبوُّل اللا إرادى كده؟ يا ترى هما اتبولوا على جثث بعض، واللا استكفوا بالحرق والرمى لكلاب السكك؟ يا سلام على الأخلاق، طيب ما دام المتحدث وحكومته القبلية وكل أجهزة القبيلة مش عارفة تسيطر، نجيب دولة تسيطر عليهم، مش العملية تبقى سايب في سايب كده، كان زمان لما ناس بتتخانق، بيطلعوا ع القسم وكُل واحد ياخد حقه، لو القسم دلوقتى مش عارف يشوف شغله، يبقى نطلع على مجلس الأمن بقى من أجل تدويل القضية.

ومش بعيد نلاقى أخواننا بتوع الهلايلة بيعلنوا انسحابهم من الجامعة العربية، واللا الدابودية يشتكونا في الأمم المتحدة، أنا لا ليا في ده ولا ده، ولا بحقق في الغلطان أو البادئ، اللى أعرفه إن كل متجاوز ياخد على دماغه، وفيه جهات تحقيق، وفيه سلطات أمنية تقبض على كُل واحد شارك في المهازل دى، وفيه قضاء يحكم عليهم، وفيه أمن ـ تانى ـ يضرب بيد من حديد على هذه الأحداث التي لا ترضى قانونا ولا دينا ولا مجتمعا، وتضرب كمان بأقدم حذاء في البلد كُل واحد يطلع يشعللها ويقول حقوق إنسان ويدافع عن مُجرمين فلتانين، خلونا نشوف في مصر مشاهد لم نرها في حياتنا إلا في السبعينيات والثمانينيات في نشرات الأخبار عندما كانت تنقل لنا ما يحدُث في مجاهل أفريقيا، لنُصبح أسوأ منهم في القرن الواحد والعشرين!
الجريدة الرسمية