رئيس التحرير
عصام كامل

"داعش" تبحث عن موطئ جديد.. "البغدادى" يعتبر سيناء ملاذا آمنا بعد سوريا والعراق.. تخاذل القيادات في القتال وراء الخطة.. فصل جميع العراقيين من المفاصل القيادية.. ومخاوف من حزم "السيسي" على الحدود

داعش- ارشيفية
داعش- ارشيفية


كشفت مصادر قريبة من أوساط الجهاديين أن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) يبحث عن إيجاد موطئ قدم له في الدول المجاورة لسوريا والعراق، بهدف تعزيز نفوذه وتأمين خطوط إمداده، وإنشاء قواعد قادرة على مساعدته في تحقيق أهدافه.


وقالت المصادر لصحيفة "السياسة" الكويتية، في عددها الصادر اليوم الخميس، إن قرار "داعش" مرده إلى الحملة التي يشنها الجيش العراقي على معاقله في الرمادي والفلوجة بمحافظة الأنبار غرب العراق، والمعارك التي يخوضها مع "الجيش السوري الحر" والكتائب الإسلامية المقاتلة في مناطق شمال سوريا، وسط توقعات بأن ينتهي الأمر بتقوقعه في مدينة الرقة، وفشله في إيجاد خط تواصل بين معاقله في سوريا ومعاقله في العراق.

سيناء ملاذ آمن
وبحسب المصادر، وإزاء هذا الواقع، ناقش زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي مع كبار قادته، وفقًا للمعلومات، "إمكانية التمدد، وإيجاد ملاذ آمن في بلد ثالث غير سوريا والعراق"، تحسبًا لإمكانية تقهقر التنظيم في هذين البلدين.

وُطِرحَت أفكار عدة في هذا الإطار، منها التركيز على شبه جزيرة سيناء، حيث يوجد نفوذ للجهاديين من تنظيمات عدة، لاسيما "أنصار بيت المقدس" و"السلفية الجهادية"، أو قطاع غزة، الذي تنشط فيه تنظيمات متطرفة، أو الأردن، حيث يوجد نفوذ للجهاديين وجماعة "الإخوان المسلمين".

ورغم أن المصادر تحدثت عن أن التنظيم يعتزم التوجه للأردن، كونه البلد الأقرب للعراق وسوريا، إلا أن مصادر قريبة من الجهاديين أكدت أن "داعش" قررت "عدم التمركز في موقع واحد، بل التمدد إلى الدول القريبة من سوريا والعراق، وتحديدًا الأردن ولبنان وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء" في مصر، مشيرةً إلى أن التنظيم يبحث عن "ملاذ آمن يعيد فيه هيكلة عناصره"، بعد تخاذل كثير من قياداته في القتال، فضلًا عن انشقاق قسم كبير منهم.

وأوضحت المصادر أن "التنظيم يحاول من خلال هذا التمدد حل أزمته الناجمة عن اصطدامه مع تنظيم القاعدة الأم، بزعامة أيمن الظواهري، نتيجة الخلافات بينه وبين "جبهة النصرة"، التي يعتبرها تنظيم القاعدة ذراعه الرسمية في سوريا".

كما أن تنظيم "داعش" اصطدم أيضًا مع أجزاء من تركيبته، وفقد الكثير من الشخصيات التي تربطه بالعراق".

الحرب على الإرهاب
وأكدت المصادر أن التنظيم يتحسب بكثير من الريبة لـ "تحول الحرب على الإرهاب مطلبًا إقليميًا وأوروبيًا"، إلا أن قراره، قبل أيام، بإقصاء جميع العراقيين من المفاصل القيادية في التنظيم، ووضع دفة القيادة بشكل كامل بيد خليجيين وفلسطينيين وتونسيين وليبيين، يندرج في "إطار الإستراتيجية الجديدة التي تهدف إلى حصر القيادة بالموثوقين".

وبحسب المصادر، فإن هذه الإستراتيجية لا تتضمن صلحًا أو تسوية مع "جبهة النصرة" في سوريا، إلا أن قياديين من "أهل الجهاد" يعملون على خط الوساطة بين الجانبين، لاسيما أن التنظيم بات في موقع ضعيف، وخسر الكثير من نفوذه في العراق وسوريا، كما أن "مصادر تمويله تراجعت بشكل كبير، خلال الأشهر الستة الماضية"، وإن كان لا يزال قادرًا على الاستمرار، وفرض سطوته في بعض المناطق بالبلدين.

وأوضحت المصادر أن القيادين الكبار في التنظيم، على رأسهم البغدادي، مازالوا يعتقدون أنهم يستمدون شرعيتهم من تحدرهم من "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" (بزعامة أبو مصعب الزرقاوي)، ومن سيطرتهم على حيز جغرافي يجيز لهم إقامة "إمارة إسلامية" يتوجب على بقية التنظيمات الخضوع لها، لكنهم في الوقت نفسه باتوا على يقين أن استمرارهم في الصدام مع التنظيمات الجهادية المرتبطة بـ"القاعدة" ستؤدي إلى نهاية تنظيمهم، وبالتالي فإنهم يسعون إلى التمدد نحو دول أخرى تحسبًا لذلك.

انتحار
وخلصت المصادر إلى أن خطوة "داعش" الجديدة أشبه بـ"الانتحارية"، لأن دونها صعوبات كبيرة، فلبنان يخوض حربًا ضد الإرهاب، وينفذ خطةً أمنيةً في مختلف المناطق، لمنع إقامة ملاذات آمنة للجهاديين، والأردن لا يتردد في استخدام القوة ضد أي خرق لحدوده مع سوريا، والحزم ضد أي تحرك مشبوه في الداخل.

ويعتقد أن مصر ستصعد من الحرب ضد التنظيمات الجهادية في سيناء، مع انطلاق عهد عبد الفتاح السيسي المعروف بحزمه وصلابته، فيما قطاع غزة يئن من الحصار الإسرائيلي، ولم تعد حركة "حماس" تحكمه لتشكل غطاءً لأي مجموعات متطرفة، كما أن الجيش المصري لن يسمح بتحول الحدود بين القطاع وسيناء مرتعًا للجهاديين.
الجريدة الرسمية