رئيس التحرير
عصام كامل

«عدلي منصور والأنبا باخوميوس» رجلا المرحلة الانتقالية في الدولة والكنيسة.. واجها التحديات وتغلبا على الصعوبات بنجاح وأنجزا المهمة بيسر.. وكلاهما من مواليد شهر ديسمبر ويتمتعان بالإرادة والعزي

البابا تواضروس وعدلى
البابا تواضروس وعدلى منصور

«منصور وباخوميوس» مثالان يحتذى بهما في القيادة، أدارا المراحل الانتقالية في الدولة والكنيسة بنجاح، واجها التحديات وتغلبا على الصعوبات، كلاهما مواليد شهر أصحاب الإرادة والعزيمة، عبرا بمهامهما للنور. 

بعد اجتياز مصر الاستحقاق الثاني من خارطة الطريق بإجراء الانتخابات الرئاسية، والمنتظر إعلان نتائجها خلال أيام قليلة، وتذهب المؤشرات لصالح المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، يكون بذلك أنهى المستشار عدلي منصور ــ الرئيس المؤقت للبلاد ــ مهمته كاملة، بعد أن أخذ على عاتقه إدارة مهام البلاد طيلة الأحد عشر شهرًا الماضية خلال الفترة الانتقالية بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي وجماعة الإخوان.

الرئيس عدلي منصور رجل المرحلة الانتقالية
يعد عدلي منصور، هو أول رئيس لمصر يشرف بشخصه على إجراء انتخاب لمن يخلفه إتمامًا للمهمة التي أسندت إليه في بيان 3 يوليو2013 الذي ألقاه وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي.

واتسم الرئيس عدلي منصور، بالانضباط وقوة الإرادة ولعل تلك الصفات أضفاها عليه مواليد برج شهر «ديسمبر»، فإنها تحمل الضغوط العصيبة التي كانت تمارس من بعض الدول الخارجية على مصر بعد إسقاط الإخوان.

كما تميز بالالتزام في مواعيد خطاباته الرسمية للشعب، وواجه رساله ترقى لمنصب الرئيس خلال انعقاد مؤتمر القمة العربية بتأكيده أن مصر دوله كبرى ولها قدرها وكانت رسالة لأمير قطر الذي كان يشارك في المؤتمر.

وأجرى الرئيس حوارا مجتمعيا حول عدد من الأمور بالبلاد ومنها إجراء الانتخابات الرئاسية أولًا أم البرلمانية، وكذلك إجراء عدة تعديلات ببعض القوانين منها قانون التظاهر وهو ما أثار جدلًا واسعًا.

كما وقع «منصور» عددا من الاتفاقيات الدولية لتنشيط التجارة والتنقيب عن البترول، فيما ألغى قرارات الرئيس السابق محمد مرسي في العفو عن 52 شخصا من الصادرة ضدهم أحكام، وقبل هذا وذاك خرج في عهده دستور لاقى قبول فئات من المصريين.

وسطر عدلي منصور، بروتوكول جديدًا حال زيارته للبابا تواضروس الثاني، بابا الكنيسة القبطية، لتهنئته بعيد الميلاد المجيد في يناير الماضي، وهي البادرة الأولى من نوعها.

ويرى الكثيرون أن الرئيس المؤقت كان مثالا يحتذى به في الإدارة والتواصل والحسم والصبر والصمود رغم التحديات، وصنع أدبيات مستحدثة للتعامل ومنها زيارات الرؤساء لتهنئة بابا الكنيسة بالقبطية.

الأنبا باخوميوس رجل المرحلة الانتقالية في الكنيسة

وفى ضوء خروج الوطن من المرحلة الانتقالية نتذكر الرجل الذي أدار الكنيسة القبطية ثمانية أشهر قبل وصول البابا تواضروس للسدة المرقسية، إنه الأنبا باخوميوس ــ مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، الذي خرج بالكنيسة من مرحلة انتقالية صعبة بوجود بطريرك جديد وهو البابا تواضروس.

ويبدو أن الأقدار تجعل من مواليد شهر ديسمبر خير مدير للمراحل الانتقالية للدولة أو الكنيسة فإن الأنبا باخوميوس مواليد شبين الكوم في 17 ديسمبر 1935م، وهو ذات الشهر الذي ولد فيه الرئيس المؤقت عدلي منصور، ويغلب طابع هذا الشهر على صاحبه قوة الإرادة والصدق والصمود أمام التحديات.


بعد رحيل البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية، في 17 مارس عام 2012، تولى مطران البحيرة الأنبا باخوميوس مهام القائم مقام البطريرك بعد اختيار مجمع الكنيسة له ليدير أمور الكنيسة لحين اختيار بطريرك.

واجه الأنبا باخوميوس العديد من العقبات خلال الثمانية شهور حال توليه المسئولية، في ظل وجود من يسعون للرئاسة والصعود إلى الكراسى، والتي رتبت من الداخل والخارج، ووصلت إلى حد إقامة القضايا ضد الانتخابات البابوية، بغرض عرقله باخوميوس عن الإطار الصحيح.

وأقام أحد الأقباط ويدعى صبري راغب، قضية بإلغاء تعيين الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريركى، ورفعت قضية لوقف قرار تعيين مطران البحيرة قائم مقام، وكذلك وقف الانتخابات البابوية.

وتزايدت وتيرة الهجوم عليه من بعض النشطاء حينما عقدوا مؤتمرًا بعنوان «إنقاذ الكرسى المرقسي» للمطالبة بوقف الأنبا باخوميوس وكذلك تعطيل الانتخابات وغيرها من العراقيل.

حمل الأنبا باخوميوس، منسق التيار العلمانى كمال زاخر ثلاث رسائل وهي: الأولى «قل للذين يريدون إقالة القائم مقام اصنعوا ما أنتم فاعلون بأقصى سرعة، لأني رأيت في المقر البابوى ما أحزن قلبى»، الثانية «إذا كان هناك اعتراض على قائمة الناخبين فأنا أوافق على استبعاد المخالفين»، والثالثة «ملتزم بكل الإجراءات مع تحفظى على لائحة 57 »، مؤكدًا «لا أنا البابا إثناسيوس ولا الموجودون هم أساقفة زمان». 

ولم تبرز حكمة باخوميوس في إنهاء أزمة هؤلاء النشطاء فحسب، وإنما في إنهاء أزمات كل ملفات المتقدمين للترشح للانتخابات البابوية وقتها وحصرها في عدد مناسب وليس عشرات المرشحين، وذلك بعد الفصل في الطعون المقدمة ضدهم.

واتخذ أيضا موقفا حياديا تجاه الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالرئيس السابق محمد مرسي إلى سدة الحكم، فأكد أن الكنيسة لن تدعم أحدا مطالبًا الناخبين بمراعاة ضميرهم في الاختيار.

ولم تكن المراحل الانتقالية عصيبة على الدولة وحدها، وإنما كانت داخل الكنيسة أيضا كونها أحد أقطاب الدولة المصرية، ولم يكن كل القادة الذين أداروا المراحل الانتقالية طامعين في سلطة أو منصب فالأنبا باخوميوس سلم مقاليد الكنيسة للبابا تواضروس الثاني لتشهد استقرارًا، والرئيس عدلي منصور سيسلم السلطة للرئيس الجديد.
الجريدة الرسمية