رئيس التحرير
عصام كامل

الهروب من الفقر إلى الموت.. قصة وفاة ابن المنيا عطشا في صحراء ليبيا.. والد الضحية: نجلي سافر دون علم الأسرة.. 14 شهرا لم نسمع صوت عبد الله.. والشمس «افترست» جثة ولدي

فيتو

المخاطرة بالحياة أهون من البقاء في الفقر، ومن يده في الماء ليس كمن يده في النار، هاتان العبارتان تفسران بوضوح شديد لماذا يلقي شباب مصر بنفسه إلى التهلكة؟ متسلسلا عبر حدود أم الدنيا إلى الشقيقة ليبيا ليقع بين مطرقة رصاص الإرهاب وسِندان الموت عطشا في صحراء قاحلة لم ترحم أحدا على مر التاريخ.


وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة سيظل مسلسل موت المصريين على رمال الأراضي الليبية عرضًا مستمًرًا، فهناك إما أن تموت عطشًا أو جوعًا أو تموت برصاصة طائشة فلا مفر من الموت المحقق الذي ستواجهه حال اتخاذ قرار الدخول إلى الأراضي الليبية "هروبًا". 

في فجر اليوم الإثنين، عثرت السلطات الليبية، على جثامين 3 مصريين ملقاة في منطقة صحراوية تبعد عن واحة "جغبوب" نحو 100 كيلو متر، من قبل أعضاء مكتب "سرايا حرس الحدود" بواحة جغبوب، التابع لمصلحة الجمارك، تآكلت أجسادهم نتيجة حرارة الشمس، وكان سبب الوفاة الجوع والعطش، نتيجة السير في دروب صحراوية بهدف دخول البلاد بطريقة غير شرعية.

وكان لمحافظة المنيا نصيب في تلك الواقعة فكان من بين الثلاثة المتوفين جوعًا وعطشًا وعبد الله أحمد إبراهيم عبد اللطيف ابن قرية كوم الصالح التابعة إداريًا لمركز مغاغة الواقع شمالي محافظة المنيا.

في هذا السياق أكد أحمد إبراهيم عبد اللطيف، والد الضحية، أن عبد الله لديه من العمر 19 عاما، وله من الأخوة أربعة أكبرهم "معاذ"، و"نهاد ومحمد" وأصغرهم سنًا هو عبد الرحمن، كان يهوى أعمال النجارة، وكانت لقمة عيشه، لم تخطر فكرة السفر إلى الأراضي الليبية مطلقُا في تفكيره، وأيضا لم يكن يعتزم الزواج ليجبر على السفر إطلاقًا.

"مفاجأة"

ويضيف "عبد اللطيف" في تصريحاته لـ"فيتو"، ذات يوم تفاجئنا بغيابه وحين سألت والدته أين عبد الله؟ قالت لي إنه سوف يمكث اليوم عند نجل خاله، وفي اليوم التالي، توجهت إلى منزل ابن خاله لكي تسال على عبد الله وتبين أنه لم يكن هناك وعندما سألت علية قال لها ابن خاله: عبد الله سافر ليبيا فجر اليوم. 

وتابع «جاء القرار دون أن يعلم أحد منا على الإطلاق، ولم نعرف بموضوع سفره ولا من قريب أو بعيد وكل ما نعرفه أنه ذهب ليمكث في منزل ابن خاله يومًا واحدًا لكن تفاجئنا بسفره».

واستكمل والد الضحية حديثه قائلا: أخفى عبد الله على الجميع فكرة سفره، فاجئنا بقراره الغريب، حاولنا الاتصال به في الليلة ذاتها ولم يجب على الهاتف، حاولنا أكثر من مرة في اليوم التالي ولم يجب أيضًا، فلم يكن أمامنا إلا أن نستعوض الله فيه. 

وأضاف: غاب عبد الله 14 شهرًا ولم يصلنا منه أي اتصال واحد فلم يكن أمامنا سوى أن نستنتج إما أن يكون سُجن في ليبيا أو قُتل برصاصة طائشة أو أكلته رمال الصحراء عطشًا وجوعًا، وفي النهاية عَلمنا فجر اليوم بواقعة العثور عليه في صحراء ليبيا متوفيًا بسبب الجوع والعطش وأكلت حرارة الشمس جسده النحيف.

شهادة الوفاة
وأنهى "عبد اللطيف" حديثه قائلا: تلقيت اتصالا منذ قليل من أحد رجال ليبيا الكرماء يبلغني أنه تم دفن عبد الله وتم تغسيله وقمنا بالصلاة عليه، مطالبًا الجهات التنفيذية بتسهيل إجراءات الحصول على شهادة وفاته.

تجدر بالإشارة، إلى أنه تم العثور على جثامين 3 مصريين، من قبل أعضاء مكتب "سرايا حرس الحدود" بجغبوب، التابع لمصلحة الجمارك، وتم الإبلاغ عنهم في مركز شرطة الجغبوب يوم الجمعة الموافق 20 يوليو الجاري.

وتم تجهيز دورية من أعضاء مركز شرطة الجغبوب، وأعضاء الجمارك، وتحركت الدورية المشتركة إلى موقع البلاغ، وعثروا على الجثامين الثلاثة وقاموا بدفنهم في الصحراء.

"الجوع والعطش"
وأكد امراجع خطاب، أحد أفراد قوة مركز شرطة جغبوب، الذي رافق دورية البحث، أن الجثامين التي تم العثور عليها للمصريين الثلاثة تعرضت للتآكل نتيجة حرارة الشمس وبدا عليهم الموت بسبب الجوع والعطش، نتيجة السير في دروب صحراوية بهدف دخول البلاد بطريقة غير شرعية.

وبحسب صور البطاقات الشخصية المرفقة بالجثث، تبين وفاة كل من، عبد الله أحمد إبراهيم عبد اللطيف من مواليد مركز مغاغة بمحافظة المنيا، وسيد عبد الحميد محمد مصطفى، المقيم في منية الحيط بمركز إطسا التابع لمحافظة الفيوم، وحمدي رمضان عبد الحميد، تطون مركز إطسا الفيوم.
الجريدة الرسمية