رئيس التحرير
عصام كامل

«عام الطفل».. شعار يرفعه اليونيسيف في اليوم العالمي للطفل هذا العام

منظمة الأمم المتحدة
منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"

تحيي منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" غدا اليوم العالمي للطفل 2017 تحت شعار "عام الأطفال"، حيث يهدف الاحتفال هذا العام إلى تولي الأطفال من جميع أنحاء العالم الأدوار الرئيسية في وسائل الإعلام والسياسة والأعمال والرياضة والترفيه للتعبير عن دعمهم لملايين أقرانهم الذين هم غير متعلمين وغير محميين.


وأشار جستين فورسيث، نائب المدير التنفيذي لليونيسف، من أوكلاند إلى عمان ومن نيويورك إلى نجامينا، نريد من الأطفال أن ينضموا إلى مدارسهم ومجتمعاتهم المحلية للمساعدة في إنقاذ حياة الأطفال، والكفاح من أجل حقوقهم وتحقيقها.

وللمساعدة في إعطاء صوت لملايين الأطفال الذين لا تزال أصواتهم غير مسموعة، يقدم نجوم بارزون وقادة العالم دعمهم للمبادرة، بما في ذلك: سيسأل سفير اليونيسف للنوايا الحسنة ديفيد بيكهام الأطفال حول آرائهم عن العالم في فيلم قصير يتم إصداره ليوم الطفل العالمي، وستقوم مجموعة الموسيقى الفرنسية التي تسمى مجموعة الأطفال المتحدون بإطلاق فيديو موسيقي جديد تم تمكينه لليونيسف ويوم الطفل العالمي، كما يشارك لاعب الكريكيت الأسطوري ساشين تيندولكار، ولاعب كرة القدم الإسباني وكابتن مدينة نيويورك ديفيد فيلا، والممثل الكوري الجنوبي والسفير الوطني آهن سونغ كي، ومؤسسة ليغو وكانتاس، كما ستنضم الممثلة لوغان دافني كين وإيزابيلا مونير من فيلم " المتحولون: الفارس الأخير Transformers: The Last Knight ونيكلوديون، إلى 150 طفلا ليشغلوا مقر الأمم المتحدة، حيث سيبدأ المطربون وكتاب الأغاني والموسيقيون كلوي إكس هالي بعرض مسار مميز خصيصا للاحتفال بهذا اليوم.

وكانت الجمعية العامة قد أوصت في عام (1954) القرار 836(IX) بأن تقيم جميع البلدان يوما عالميا للطفل يحتفل به بوصفه يوما للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال وللعمل من أجل تعزيز رفاه الأطفال في العالم، واقترحت على الحكومات الاحتفال بذلك اليوم في التاريخ الذي تراه كل منها مناسبا.

ويمثل تاريخ 20 نوفمبر اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل في عام 1959، واتفاقية حقوق الطفل في عام 1989، وتحدد الاتفاقية ( وهي المعاهدة الدولية التي صدق عليها كأحد اتفاقيات حقوق الإنسان) عددا من حقوق الطفل، ومنها حقوق الحياة والصحة والتعليم واللعب، وكذلك الحق في حياة أسرية، والحماية من العنف، وعدم التمييز، والاستماع لآرائهم.

وكشف تقرير جديد أصدره " صندوق إنقاذ الطفولة " لعام 2017، عن العوامل الرئيسية التي تسهم في القضاء على الطفولة في جميع أنحاء العالم، ووفقا للتقرير، تعد الطفولة في البلدان الاسكندنافية والأوروبية "أكثر سلامة"، فيما تصبح " أكثر عرضة للتهديد " في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى" وقد أشارت "كارولين مايلز" الرئيسة التنفيذية لمنظمة إنقاذ الطفولة، إلى أن كل يوم يموت 16 ألف طفل قبل بلوغهم سن الخامسة، من أسباب يمكن الوقاية منها وعلاجها، وأضافت مايلز، أن 156 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم بسبب سوء التغذية، وكثيرون منا يعرفون أن التقزم ليس مجرد علة جسدية، بل هو أيضا علة ذهنية، إنها تؤثر حقا على هؤلاء الأطفال طوال حياتهم، ودعت مايلز الحكومات إلى إعطاء الأولوية لبرامج الأطفال، مثل التعليم، والصحة، والحماية، والتأكد من حصول كل طفل على هذه الحقوق الأساسية.

كما دعت الجمهور أيضا للاستفادة من فرصة التحدث عن مثل هذه القضايا في اليوم العالمي للطفل، في الوقت نفسه أشارت "مارتا سانتوس بايس" الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف ضد الأطفال، أن أحد الجوانب المهمة جدا في هذا التقرير هو كيف أن العنف المتكرر يشكل حياة الأطفال في العديد من الجوانب، بما في ذلك إخراجهم من المدارس أو إرغام الفتيات على الزواج.

وأضافت بايس، أعتقد أنني أرى هذا كل يوم عندما أذهب في جميع أنحاء العالم وألتقي بالكثير والكثير من الفتيات والفتيان، إنهم يعرفون حياتهم دائما بكلمتين - بشكل منهجي مهما كانت المنطقة أو نسبة التنمية في البلاد- يعرفونها بالخوف والألم، لا يمكن أن نقبل تعريف الحياة بهاتين الكلمتين المحزنتين جدا.

وكشفت دراسة حديثة أن 3 من كل 4 أطفال في جميع أنحاء العالم يتعرضون للعنف في كل عام، وذلك في البلدان الغنية والفقيرة على السواء.

وأكدت الدراسة الصادرة مؤخرا عن مؤسسة "تعرف على العنف في الطفولة"، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، أن العنف في مرحلة الطفولة مرتبط بالعنف ضد المرأة، وقالت إن الأطفال الذين يشهدون إساءة معاملة أمهاتهم، من المرجح أن يصبحوا ضحايا، أو مرتكبين لاعتداءات عندما يكبرون.

ووجدت الدراسة، التي حملت عنوان "أوقفوا العنف في مرحلة الطفولة"، أن العنف في مرحلة الطفولة يكاد يكون عالميا، مما يؤثر على 1.7 مليار طفل على مدار العام الواحد، وأن 58 % من الأطفال في البلدان الصناعية يعانون من العقاب البدني الممارس عليهم في البيت، بينما تبلغ النسبة 8 من 10 أطفال في بلدان أفريقيا وآسيا.

وأشار التقرير إلى وجود 261 مليون طفل حول العالم يتعرضون لعنف الأقران وأن أعمارهم لا تتعدى 10 سنوات، وجدير بالذكر أن المغرب قد سجل أقل نسبة في العالم على مستوى التسلط والشجار البدني الممارس ضد الأطفال، إذ قدره التقرير بنسبة 1%، فيما تجاوزت النسبة 50% في كل من زامبيا وموريتانيا.

وتطرقت الدراسة إلى صنوف العنف التي يتعرض لها الأطفال، وبينها البلطجة والعراك والضرب والاعتداء الجنسي والعقاب البدني في المنزل والمدرسة والعنف الجنسي.

وركز الباحثون على العنف القائم بين الجاني والطفل، ولم تشمل العنف الناجم عن الحروب أو غيرها من الأحداث، وقد استغرقت الدراسة أكثر من 3 سنوات لتوثيق حجم العنف الذي يعاني منه ملايين الأطفال في العالم.

وقالت "ريما سوبرامانيان" المديرة التنفيذية لمؤسسة "تعرف على العنف في الطفولة"، إن الأطفال يتعرضون لعقوبات عاطفية وجسدية منذ سنتين من العمر.

وأضافت أن العنف سلوك متجذر في ثقافات عدة، إذ أن الضرب على سبيل المثال يعتبر في بعض المجتمعات شكلا من أشكال الانضباط، وأشارت الدراسة إلى أن 8 % من إجمالي الناتج المحلى العالمي تنفق كل عام على إصلاح الأضرار الناجمة عن العنف ضد الأطفال، ويتعلق معظمها بمشكلات صحية وبدنية وعقلية واضطرابات نفسية.

وفي الوقت نفسة أشار تقرير صادر عن اليونيسيف بعنوان " حالة الأطفال لعام 2017"، أنه في عام 2016 شهد وفاة 15 ألف طفل يوميًا قبل عامهم الخامس، ومات 46 % منهم أي 7000 طفل في غضون الأيام 28 الأولى من حياتهم.

وقد كشف تقرير المستويات والاتجاهات في وفيات الأطفال لعام 2017، عن أنه على الرغم من أن عدد الأطفال الذين يموتون قبل سن الخامسة انخفض من جديد - 5.6 ملايين طفل في عام 2016 مقارنة بنحو 9.9 ملايين طفل في عام 2000، وإن نسبة المواليد في وفيات الأطفال دون الخامسة قد زادت من 41 % إلى 46 % خلال الفترة نفسها.

وأشار ستيفان سوارتلينغ بيترسون رئيس قسم الصحة في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، أنقذت أرواح 50 مليون طفل دون سن الخامسة منذ عام 2000، ويشهد ذلك على الالتزام الجاد من جانب الحكومات وشركاء التنمية بالتصدي لوفيات الأطفال التي يمكن تلافيها، ولكن إذا لم نفعل المزيد لمنع وفاة الأطفال يوم مولدهم أو بعد أيام من مولدهم، فإن هذا التقدم سيظل غير مكتمل، ولدينا المعارف والتكنولوجيات اللازمة، وليس علينا إلا أن نحملها إلى حيث تمس الحاجة إليها.

وفي ظل الاتجاهات الحالية، سيموت 60 مليون طفل قبل عامهم الخامس بين عامي 2017 و2030، نصفهم من الأطفال الحديثي الولادة، وفقًا للتقرير الصادر عن اليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، وشعبة السكان التابعة لإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، وهي الجهات التي تشكل الفريق المشترك بين الوكالات المعني بتقدير وفيات الأطفال.

وحدثت معظم وفيات المواليد في إقليمين اثنين، وهما: جنوب آسيا % 39، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 38%، وشهدت 5 بلدان نصف العدد الإجمالي لوفيات المواليد، على النحو التالي : الهند 24%، وباكستان 10 %، ونيجيريا 9 %، وجمهورية الكونغو الديمقراطية 4 %، وإثيوبيا 3 %.

وقالت الدكتورة "فلافيا بوستريو" المديرة العامة المساعدة لدائرة صحة الأسرة والمرأة والطفل في منظمة الصحة العالمية، إنه لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وضمان بقاء المزيد من المواليد على قيد الحياة وازدهارهم، يجب علينا خدمة الأسر المهمشة،

فلمنع المرض يلزم أن تكون الأسر لديها القدرة المالية وأن يكون لها صوت مسموع وأن يتاح لها الحصول على الرعاية الجيدة،

ويجب إعطاء الأولوية لتحسين جودة الخدمات والرعاية الملائمة التوقيت أثناء الولادة وبعدها.

ويشير التقرير إلى إمكانية إنقاذ العديد من الأرواح بالحد من الإجحافات على الصعيد العالمي، فلو كانت جميع البلدان قد حققت متوسط معدل الوفيات الذي حققته البلدان المرتفعة الدخل، لكان من الممكن تلافي 87 % من وفيات الأطفال دون سن الخامسة وإنقاذ 5 ملايين من الأرواح في عام2016، وقال "تيم إيفانز" كبير مديري شعبة الصحة والتغذية والسكان في مجموعة البنك الدولي، أنه من غير المعقول في عام 2017 أن يكون الحمل والولادة من الحالات التي تهدد حياة المرأة، وأن يموت 7000 مولود يوميًا.

ويتمثل أفضل مقياس لنجاح التغطية الصحية الشاملة ليس فقط في أن تكون كل أم قادرة على الحصول على الرعاية الصحية بسهولة، بل وأن تكون هذه الرعاية جيدة وميسورة التكلفة وأن تضمن تمتع أطفالها وأسرتها بالصحة وبحياة منتجة، ونحن ملتزمون بالتوسّع في التمويل الذي نقدمه دعمًا لطلب البلدان في هذا المجال، بما في ذلك من خلال آليات ابتكارية مثل مرفق التمويل العالمي.

ويتصدر الالتهاب الرئوي والإسهال قائمة الأمراض المعدية التي تحصد أرواح ملايين الأطفال دون سن الخامسة في العالم، ويتسببان في 16 % و8 % من الوفيات بالترتيب، وتسببت المضاعفات التي تحدث أثناء المخاض أو الولادة في 30 % من وفيات المواليد في عام 2016، وفضلًا عن الأطفال دون سن الخامسة الذين يموتون سنويًا والبالغ عددهم 5.6 ملايين طفل، تحدث 2.6 مليون حالة إملاص سنويًا، وهي في معظمها من الحالات التي يمكن تلافيها، ويمكن وضع نهاية لوفيات الأطفال التي يمكن تلافيها بتحسين إتاحة الفنيين في مجال الصحة أثناء الحمل والولادة، وإجراء التدخلات المنقذة للحياة التي تُعد الآن في غير متناول أشد المجتمعات المحلية فقرًا، مثل التمنيع والرضاعة الطبيعية والأدوية الرخيصة، وزيادة إتاحة المياه وخدمات الإصحاح.

واشتمل التقرير لأول مرة على البيانات الخاصة بوفيات الأطفال الأكبر سنًا الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عامًا، وسجل أسباب الوفاة الأخرى مثل الحوادث والإصابات، وقد توفى مليون طفل تقريبًا من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عامًا.

وقال "ليو جنمين" وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الاقتصادية والاجتماعية، إن هذا التقرير الجديد يلقي الضوء على التقدم الملحوظ المحرز منذ عام 2000 في الحد من وفيات الأطفال دون سن الخامسة، وعلى الرغم من هذا التقدم، فمازال هناك تفاوت كبير في معدلات بقاء الأطفال على قيد الحياة على صعيد الأقاليم والبلدان، ولاسيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ومع ذلك فالعديد من الوفيات في هذه الأعمار من الممكن تلافيها بسهولة عن طريق التدخلات البسيطة وذات المردود التي تقدَّم قبل الميلاد أو أثناءه أو بعده، ويعد الحد من الإجحافات والوصول إلى المواليد والأطفال والأمهات الأسرع تأثرًا، ضروريين لتحقيق الغاية المدرجة في أهداف التنمية المستدامة والتي تنص على وضع نهاية لوفيات الأطفال التي يمكن تلافيها وضمان ألا يتخلف أحد عن الركب.

وكشف التقرير إن التقديرات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تشير إلى أن طفلًا واحدًا من كل 36 طفلًا يموت في شهره الأول، في حين يبلغ المعدل في بلدان العالم المرتفعة الدخل 1 إلى 333، وإذا لم يتحسن معدل التقدم، فإن أكثر من 60 بلدًا سيعجز عن تحقيق هدف التنمية المستدامة الرامي إلى وضع نهاية لوفيات المواليد التي يمكن تلافيها بحلول عام 2030، وسيعجز نصفها عن تحقيق غاية خفض وفيات المواليد إلى 12 وفاة في كل 1000 مولود حي بحلول عام 2050، وقد شهدت هذه البلدان 80 % تقريبًا من وفيات المواليد في عام 2016.

أما بخصوص التعليم، فقد أشار التقرير إلى أنه في عام 2016 أصبح لدينا طبقة جديدة- وعالمية- غير مرئية : 260 مليون صبي وفتاة من المحرومين حاليا من الوصول إلى التعليم الأساسي، ضحايا اليوم غير المرئيين هم الأطفال اللاجئون المحتجزون في خيام وأكواخ، ولن يشهدوا أبدا اليوم الأول في المدرسة، إنهم الملايين الذين تترواح أعمارهم بين 9 إلى 12 عاما والمحكوم عليهم بالعمل في سن الطفولة، والملايين من الفتيات الصغيرات اللاتي قدر لهن الزواج في سن الطفولة والحرمان من التعليم ببساطة بسبب جنسهن، وضمان مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال هو نضال الحقوق المدنية في عصرنا، ويخسر الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة بسبب فشلنا في الاستثمار في التعليم، ولكن الخسارة كانت أيضا من نصيب 600 مليون صبي وفتاة آخرين ملتحقين بالمدرسة، ولكنهم لا يتعلمون، ففي الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، لا يتعلم نصف الأطفال في سن الدراسة الابتدائية أساسيات القراءة والكتابة والمهارات الحسابية.

وفي مجمل الأمر، يصل 900 مليون طفل من أصل 1.4 مليار طفل في العالم إلى سن البلوغ بلا تعليم أو تعليم ناقص. وفقا للتقرير الصادرعن اللجنة الدولية لتمويل فرصة التعليم العالمي (لجنة التعليم) فإن أفراد هذه الأغلبية المهملة يفتقرون إلى المهارات التي سيحتاجون إليها لتحقيق النجاح في سوق العمل العالمية الدائمة التغير.

وفي عالم المستقبل المترابط، سيحتاج الأطفال إلى تعلم تكنولوجيا المعلومات ومهارات الحوسبة إذا كان لهم أن يتمكنوا من العثور على عمل بأجر مجز، ولكن في الدول ذات الدخل المنخفض، حيث تشتد الحاجة إلى التكنولوجيا لتحسين خدمات التعليم والنمو الشامل، يذهب 10% فقط من التلاميذ إلى مدارس متصلة بالإنترنت، ومن غير المرجح أن يكون نهج "العمل كالمعتاد" كافيا لإغلاق هذه الثغرات في التعليم، وفي الواقع، بحلول عام 2030 والذي وعدت أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة خلاله بتسليم التعليم الأساسي الشامل بحلوله، سيكون 1.5 مليار بالغ بلا تعليم أعلى من الدراسة الابتدائية.

والأسوأ من هذا سيظل نصف شباب العالم يدخلون قوة العمل بلا مؤهلات معترف بها، وسيعانون في الأرجح من فترات طويلة من البطالة، ولسنوات ظل المجتمع الدولي يعقد اجتماعات القمة للتأكيد على التزامه بالتعليم، ولكنه فشل المرة تلو الأخرى في الوفاء بهذا الوعد، وهو ما من شأنه أن يحرم الجيل القادم من أثمن هدية يمكنهم الحصول عليها، في عام 2002 ذهب نحو 13% من مساعدات التنمية الخارجية لتعليم الأطفال؛ واليوم انخفض الرقم إلى 10%، وفي الدول المنخفضة الدخل لم يتجاوز الإنفاق على التعليم 17 دولارا للطفل في المتوسط.

ويعد حرمان أطفال العالم من حقهم على هذا النحو، إهدارا للمورد غير المستغل الأعظم قيمة لدينا، وعلاوة على ذلك ربما نمهد بهذا الطريق لسيناريو الهلاك الحديث، لأن جيلا كاملا من الشباب المستوحش غير المتعلم من الممكن أن يتحول إلى فريسة سهلة للمتطرفين والمنظمات الإرهابية.

ومن حسن الحظ أن كيفية تحسين مخرجات التعليم ليست سِرا: فأفضل المدارس تستعين بمعلمين وإداريين مخلصين وأكفاء، وتدرس مناهج تتصل باحتياجات الأطفال في المستقبل، وعلاوة على ذلك تعمل شبكة الإنترنت على تمكين أفقر الأطفال في أبعد الأماكن من الوصول إلى أفضل المكتبات والمعلمين في العالم، وبالاستعانة بأنظمة التدقيق والمساءلة يصبح بوسعنا أن نجعل استثمارات المستقبل متوقفة على النتائج، وأن نحول كل فصل دراسي إلى مركز للتعلم لكل طفل.

ولكي ينجح برنامجنا سيحتاج الاستثمار العالمي في التعليم إلى الارتفاع بشكل مطرد من 1.2 تريليون دولار أمريكي الآن إلى 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030؛ وستحتاج الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط إلى تحديث قطاعات التعليم لديها من خلال زيادة استثماراتها المحلية إلى 5.8% من الإنفاق الوطني، أعلى بنحو 1.8% من المتوسط الحالي.

وإذا كانت الدول على استعداد لاحترام مثل هذا الالتزام، فلن تفشل في تسليم التعليم للجميع بسبب الافتقار إلى التمويل، ولضمان توافر الأموال تعرض لجنة التعليم مقترحات تفصيلية لإصلاح الإطار العالمي الحالي لتمويل التعليم، وجمع بنوك التنمية المتعددة الأطراف معا لإعطاء التعليم الأولوية وإطلاق موارد جديدة.

ويعد التعليم هو الاستثمار الأكثر فعالية الذي يمكننا القيام به، وعلى هذا فإن الحجة الاقتصادية لزيادة التمويل شديدة الوضوح، ويتلخص هدف لجنة التعليم في جعل أطفال اليوم والغد "جيلا متعلما"، وإذا نجحنا فنتوقع أن يصبح نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي في الدول المنخفضة الدخل أعلى بنحو 70% مما هو عليه الآن بحلول عام 2050، وعلى النقيض من هذا، إذا استسلم العالم للتقاعس عن العمل والشلل، فنحن نتوقع أن يتكبد الناتج المحلي الإجمالي العالمي نتيجة لهذا نحو 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2050، وستقع وطأة هذه التكلفة على الدول المنخفضة الدخل، حيث سيظل 25% من السكان يعيشون في فقر مدقع، وهذه هي التكاليف التي يمكن قياسها كميا نتيجة لتجاهل جيل غير مرئي من الشباب؛ أما التكاليف الأخرى، فيما يتصل بالفرص الضائعة وتدمير حياة البشر، فمن المستحيل قياسها كميا، ولكنها لا تقل إثارة للانزعاج والقلق.
الجريدة الرسمية