رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. "كتشنر" يحصد أرواح أبناء كفر الشيخ.. 50 منشأة صناعية تلقي سمومها في المصرف.. المياه الملوثة بالمعادن الثقيلة تروي أكثر من 300 ألف فدان.. واعتماد 100 مليون دولار لإنشاء محطات المعالجة


مصرف "كتشنر" أو كما يُطلق عليه القنبلة الموقوتة، طوله أكثر من 64 كيلومترا، منها 56 كيلومترا في نطاق محافظة كفر الشيخ والباقي يقع في نطاق محافظة الغربية، تصرف أكثر من 50 منشأة صناعية بمحافظة الغربية، خاصة مدينة المحلة، مخلفاتها، ومنها مصانع الوبريات والغزل والنسيج ودبغ الجلود ومصنع الزيوت والصابون.


"300 ألف فدان"
وتسبب هذا المصرف شديد التلوث، في ارتفاع نسبة إصابة مواطني المحافظة بأمراض الفشل الكلوي وتليف الكبد والتيفود والأمراض المتوطنة كالبلهارسيا، في ظل غياب كامل لمسئولي وزارة البيئة.

وتزداد الكارثة خطورة باستخدام مياه المصرف في ري أكثر من 300 ألف فدان في نطاق مركزي الحامول وبلطيم، وتعتمد أكثر من 100 ألف فدان سواء ببحيرة البرلس أو المزارع السمكية بشكل أساسي عليه، ما أدى لإصابة أكثر من 73% من أبناء المحافظة بفيروس "سى"، وسجلت كفر الشيخ أعلى نسبة إصابة بالفيروس على مستوى الشرق الأوسط.

"200 مليون جنيه"
وكان قد تم تخصيص 200 مليون جنيه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، لإنشاء عدد من محطات التنقية على امتداد المصرف، وقرر وقتها إلزام أصحاب الشركات والمصانع بالمحلة الكبرى بتركيب وحدات تنقية للصرف الصناعي قبل صرف المياه، وإنشاء محطات معالجة إلا أنه لم يتم عمل شيء حتى الآن.

وفي هذا الصدد، قال محمد البرلسي محمد - أحد أبناء محافظة كفر الشيخ -: "الموت طال الجميع، وأطفالنا جالها المرض، وبسبب مصرف "كتشنر" بنروي أرضنا وبنسقي حيواناتنا وزوجاتنا بتغسل منه الأواني، ومفيش حد من المسئولين بيتحرك، المحلة بتصرف صرفها وإحنا بنشيل الشيلة لأننا بنعتمد عليه بشكل أساسي، والمسئولين لا حياة لمن تنادي".

"مفيش بديل"
محمد عبد الرازق، أحد المزارعين الواقعة أرضهم على مصرف "كتشنر" مباشرة، يقول: "غلبنا من الشكاوى للمسئولين في النظام السابق عن تلوث مياه الري في "كتشنر"، لكن مفيش فايدة، وإحنا بنروي أرضنا لأن مفيش بديل غيره، والحكومة لا تهتم بالمصرف ولا بالفلاحين اللي بيموتوا بسبب الأمراض"، مشيرًا إلى أن أبناء القرية يقومون بغسل الملابس وأواني الطعام داخل مياه هذا المصرف، ما يجعل الكارثة مضاعفة.

وتابع "لازم الدولة تسرع وتتحرك لإنقاذ المواطنين، ده خطر يهدد صحة الإنسان والنبات والحيوان"، ومؤكدا أن جميع أراضي الفلاحين بمنطقة الإصلاح تروى من مياه مصرف الغربية الرئيسي التي يغلب عليها الصرف الصحي والصناعي دون معالجة.

"المعادن الثقيلة"
الدكتور صلاح علي عبد الوهاب، أستاذ البيئة والأراضي والمياه بمركز البحوث الزراعية وابن كفر الشيخ، أكد أن مياه مصرف كتشنر سلبية؛ حيث إن الكارثة تكمن في أن المياه الملوثة في هذه الحالة تصبح مصدرًا رئيسيًا لمحطة مياه الحامول، وأن نسبة الخلط تتم بنسبة 3 إلى 1 مع المياه العزبة في بحر تيرة لكنها غير كافية.

وكشفت الكثير من الأبحاث العلمية التي تم إجراؤها على مياه مصرف كتشنر، أنها محملة بالمعادن الثقيلة الضارة بصحة الإنسان والنبات والحيوان مثل الصوديوم والمنجنيز والزنك والنحاس والحديد والرصاص والماغنيسيوم والنيكل والكالسيوم، وهذه المواد مدمرة لخلايا الكبد والجهاز الهضمي، وتسبب الفشل الكلوي وسرطان الكبد، وثبت بالتحليل أن نسبة ملوحة المياه مرتفعة للغاية.

"260 فدانا"
من جانبه، يؤكد المهندس شوقي كريم - وكيل وزارة الري بالمحافظة - أن أكثر من 260 فدانا في زمام مركزي الحامول والبرلس، يروون من مياه مصرف كتشنر بعد تنقيته، وأن نحو 35 ألف فدان في منطقة الزهراء ببلطيم يعتمدون بشكل أساسي على مياه المصرف، وليس لهم بديل غيره، وأن هذه الأرض تزرع محاصيل أساسية كالقمح والأرز وغيرها من المحاصيل مثل الفواكه والخضراوات. 

ويضيف وكيل وزارة الري، أن الحكومة بالفعل أنشأت محطات معالجة بمحافظة الغربية لمعالجة المياه قبل وصولها لكفر الشيخ، وأن الري يقوم بتطهير المصرف كل فترة من "ورد النيل والحشائش"؛ حتى لا يعوق وصول المياه للأراضي. 

"100 مليون دولار"
وقال محافظ كفر الشيخ، الدكتور أسامة حمدي عبد الواحد، إن وفدا يابانيا قد زار مصرف كتشنر، الذي يمر بمراكز بيلا والحامول وبلطيم بطول 56 كيلومترا، أسفرت عن اعتماد مبلغ 100 مليون دولار كمنحة لإنشاء محطات معالجة لمياه الصرف الصحي ومياه مصرف كوتشنر؛ حتى تكون صالحة للري الزراعي.
الجريدة الرسمية