رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

سيناريوهات إيران لاستعادة النفوذ الضائع.. رحيل ترامب يفتح شهية ملالي طهران لفرض السيطرة.. والعراق أرض المعركة

دونالد ترامب وحسن
دونالد ترامب وحسن روحاني
«هدنة طويلة مدتها أربع سنوات».. هدية قدمها الناخب الأمريكي للنظام الإيراني، بعدما اختار عدم منح الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، مدة رئاسية ثانية، وصوت لمنافسه جو بايدن.


رحيل ترامب

وبحسب التحركات الأخيرة التي اتخذتها «طهران» يتضح أنها بدأت تتنفس الصعداء مع اقتراب رحيل «ترامب» من البيت الأبيض، إذ بدأت الميليشيات الموالية لها تصول وتجول وتهدد في تلك الدول التي تنشط فيها مثل العراق وسوريا ولبنان.

كما أجرت في الآونة الأخيرة عددا من التحركات في إطار محاولة مسح ماء الوجه بعد أن ظل ترامب كابسا على أنفاسهم خلال الـ 4 سنوات الماضية، لا سيما وأنه خلال فترة ولاية الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، دأبت الإدارة الأمريكية على استخدام سياسة «الضغط القصوي» ضد النظام الإيراني سواء عن طريق العقوبات الاقتصادية التي تفردها على كيانات وأفراد تابعين لإيران، أو من خلال الضربات العسكرية النوعية.

استعادة النفوذ الضائع

ومن أبرز الضربات التي وجهتها الإدارة الأمريكية إلى طهران هي اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبومهدي المهندس في الـ 3 من يناير 2019.

كذلك أعلن الحرس الثوري الإيراني عن اغتيال الموساد الإسرائيلي للعالم النووي "محسن فخري زادة" في 27 من شهر نوفمبر 2020، في وضح النهار بشوارع العاصمة طهران، واستمرت إيران في تلقى الضربة تلو الآخري سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو ذراعها في المنطقة (تل أبيب)، دون أي رد خوفًا من العواقب، ومن انتقام الرئيس الأمريكي.

وفي هذا السياق، يري المحللون والمراقبون أن «سياسة الضغط التي أتبعها ترامب خلال فترة حكمه مع إيران، وضعت الجمهورية الإسلامية في موقف محرج للغاية في المنطقة، فاغتيال سليماني كانت ضربة قاصمة وغير متوقعة لفيالق الحرس الثوري الإيراني، إذ كان يصنف كواحد من أهم الرجال المقربين للمرشد الأعلي الإيراني على خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني.

إضافة إلى أن عملية اغتيال عالم النووي محسن فخري زادة تمت في عمق الأراضي الإيرانية، وكل هذا ولم تستطع طهران تحريك ساكنا»، وكشفت تقارير إعلامية تم تداولها خلال الفترة الأخيرة، أن الحرس الثوري الإيراني نقل صواريخ «آرش» الموجهة قصيرة المدى الدقيقة، وطائرات مسيرة محلية الصنع إلى أنصاره في العراق.

أرض المعركة

وقالت مصادر إيرانية مطلعة، إن عملية نقل هذه الأسلحة إلى العراق جرت على مرحلتين، موضحة أنها نُقلت أولا من طهران إلى معسكر كوثر، وهو من أكبر المعسكرات في غرب الأحواز، ثم إلى العراق عبر منفذ شلمجة الحدودي.

كما أشارت التقارير إلى أن «فيلق القدس التابع للحرس الثوري، لم يضع هذه الصواريخ والطائرات المسيرة تحت تصرف فصائل المقاومة العراقية، بل تم تخزينها في مواقع ومعسكرات شديدة الحراسة تابعة للفصائل المسلحة العراقية المقربة من طهران في المحافظات الجنوبية العراقية، تحت إشراف ضباط وعناصر من فيلق القدس».

موضحة أيضا أن «إيران أرسلت إلى العراق مع هذه الأسلحة وحدتين من خيرة ضباط الحرس الثوري المختصين بإطلاق الصواريخ ووحدة الطائرات المسيرة، لافته إلى أن هؤلاء العناصر يتلقون الأوامر مباشرة من قائد فيلق القدس الجديد، إسماعيل قاآني، الذي زار العراق مؤخرا».

بايدن

وبحسب التقارير ذاتها، قد يشن الحرس الثوري بهذه الأسلحة في الأسابيع المقبلة هجمات على عدة أهداف لا تقتصر على العراق فحسب، بل قد تشمل بعض دول المنطقة، وذلك بعد انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدف «إرباك حسابات» خلفه الديمقراطي جو بايدن في المنطقة.

إضافة إلى إمكانية اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل مباشرة، ردا على اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده قرب العاصمة طهران، كما أكد قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، على حاجي زادة، في بداية شهر يناير الجاري، أن «كل ما تمتلكه غزة ولبنان من قدرات صاروخية، تم بدعم إيران، وهما الخط الأمامي للمواجهة».

وقال زادة: «لبنان وغزة يمتلكان تكنولوجيا صناعة الصواريخ، وقدرات محور المقاومة لم تعد كما كانت قبل عشر سنوات، واليوم يطلق الفلسطينيون الصواريخ بدلا من رمي الحجارة».

وأشار زادة إلى أن «هناك تقاطعا للنيران في سماء إسرائيل، بين سوريا، ولبنان، وفلسطين"، مؤكدا أن «الفلسطينيين يمتلكون اليوم تكنولوجيا صناعة الصواريخ الدقيقة»، ومضيفًا «لدينا أمر عام من المرشد، على خامنئي، بتسوية حيفا وتل أبيب بالأرض، في حال ارتكبت أي حماقة ضد إيران، وعملنا طيلة السنوات الماضية لنكون قادرين على ذلك، وطهران تدعم أي طرف يقف في مواجهة إسرائيل».

موقف الدول العربية

ولم تكن العواصم العربية بعيدة عن حديث «زادة» حيث قال: «الدول العربية ستكون المتضرر الأكبر من أي حرب مع إيران، ولن يكون هناك أي فارق بين القواعد الأمريكية، والدول التي تستضيفها، في أي حرب على طهران، والإبقاء على مدى صواريخ إيران حتى ألفي كيلومتر لن يكون إلى الأبد، وقدراتنا الصاروخية ليست للتفاوض، ولا يحق لأحد طلب ذلك من طهران».

ويري المحللون أن إيران قد تلجأ خلال الفترة المقبلة إلى إرباك الحكومة العراقية، في محاولة منها لتهيئة الأجواء لعمل الميليشيات الموالية لها داخل بغدا، وتحويل الأراضي العراقية إلى قاعدة أو منصة انطلاق لهجماتها في المنطقة، ففي الـ 26 من ديسمبر الماضي، وجهت ميليشيات «حزب الله العراقي» التابعة لإيران، تهديدات مباشرة إلى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

ودعت مليشيا حزب الله في العراق، الكاظمي، أن لايختبر صبرها، معتبرة أن المنطقة تغلي على صفيح ساخن، وأن احتمال نشوب حرب شاملة «قائم»، محذرة «الكاظمي»: «لن تحميك الاستخبارات الأمريكية».

وفى السياق ذاته هددت ميليشيا "عصائب الحق" الكاظمي في فيديو مصور، وأمهلت الحكومة العراقية 48 ساعة للإفراج عن عناصر لها تم اعتقالهم على خلفية تهم بإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء.

يشار إلى أن الميليشات التابعة لإيران في العراق، أطلقت أكثر من 20 صاروخا على مقر السفارة الأمريكية في بغداد، ما دفع قائد القيادة المركزية الأمريكية «سانتكوم»، الجنرال كينيث ماكينزي، للتحذير من تصاعد المخاطر المتزايدة للنشاطات الإيرانية في المنطقة كما وصف استهداف السفارة الأمريكية بـ «الأمر المقلق».

وفي 30 ديسمبر الماضي، أعلنت إيران عن بدء مناورات برية وبحرية وجوية، تستمر لمدة 3 أيام في شرق مضيق هرمز وبحر عُمان وشمال المحيط الهندي، فيما نقلت شبكة «إن بي سي نيوز» الأمريكية، عن مسئول أمريكي، أن واشنطن ترى مؤشرات لهجوم إيراني محتمل بالشرق الأوسط على قوات أمريكية.

كذلك نقلت شبكة «سي إن إن» الأمريكية في بداية شهر يناير الجاري، عن مسئول آخر قوله: إن البحرية الإيرانية رفعت مستويات التأهب في المنطقة، لافتا إلى أنه من غير المعروف إذا كان التأهب الإيراني لغرض دفاعي أو هجومي.

وفي ذكري اغتيال قاسم سليماني، قال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، إن مقتل سليماني في هجوم أمريكي لن يثني طهران عن المقاومة، مهددا بعمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

والأسبوع الماضي، أكد الحرس الثوري الإيراني، أن «طهران سترد بحزم على أي عمل عدائي ضدها»، وقال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، خلال جولة تفقدية بجزيرة أبو موسى: «سنرد بحزم على أي عمل عدائي ضد إيران.. ستكون الجزر الإيرانية الثلاث في الخليج (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، المتنازع عليها مع الإمارات) هي الجبهة الدفاعية للبلاد ضد الأعداء».

وتابع: "لقد أظهرنا من خلال العمل أننا سنرد على أي عمل عدائي يقوم به العدو ضدنا بضربة مماثلة وحاسمة". وكانت وزارة الخارجية الإيرانية أيضا قد توعدت أمريكا وإسرائيل بالرد الساحق على كل من يقترب من الخطوط الحمراء التي رسمتها طهران.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده: «نحن واثقون من الرد على أي إجراء أمريكي ومستعدون لأي سيناريو»، مشددا على أن إيران لن تتساهل فيما يخص أمنها القومي ومصالحها الوطنية.

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية أيضا قد "توعدت أمريكا وإسرائيل بالرد الساحق على كل من يقترب من الخطوط الحمراء التي رسمتها طهران"، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده: "نحن واثقون من الرد على أي إجراء أمريكي ومستعدون لأي سيناريو"، مشددا على أن إيران لن تتساهل في ما يخص أمنها القومي ومصالحها الوطنية.

من جانبه، علق السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية، علي تحركات وتهديدات إيران الأخيرة، فائلا :إنها تنتهز فرصة المرحلة الانتقالية فقط في أمريكا، لافتا إلي أن طهران لا تستطيع القيام بتصعيد حقيقي وفعلي، ولكنها تلجأ للتصعيدات الكلامية لحفظ ماء الوجه، بالإضافة إلي إرسال رسالة لبايدن من أجل الضغط عليه للعودة إلي الاتفاق النووي.

وتابع: "إيران كانت تحت ضغط" لافتا إلي أنها ترفع من حدة تصريحاتها الشفوية، بسبب وجود إشارات تتحدث عن إقامة ترتيبات جديدة في المنطقة من أجل محاصرتها ومنع أي توسع في علاقاتها مع جيرانها في المنطقة.

وأوضح خلاف، أن المصالحة الخليجية تأتي في إطار خطة الإدارة الأمريكية، لقطع الطريق أمام الدول الخليجية القريبة من تطوير أو تطبيع علاقتها مع إيران، قائلاً إن الإدارة الأمريكية سارعت إلي إصلاح العلاقات الخليجية خاصةً بين السعودية وقطر، لإهدار أي فرص قد تستغلها إيران.

وأشار خلاف إلي إمكانية العودة إلي الاتفاق النووي، ولكنه أوضح أن هذا لن يتم في الفترة الأولي من ولاية بايدن، مشددا علي أن طهران سترضخ في النهاية، وتوقع خلاف أن يكون هناك بدايات اتفاق بين أمريكا وإيران خلال الـ 9 أشهر الأولي من فترة رئاسة بايدن، مع إضافة بعض التعديلات الجزئية علي الاتفاق الأوروبي الإيراني "5+1".

نفوذ إيران

فيما أشار الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إلي أن نفوذ إيران تقلص بصورة كبيرة للغاية جراء العقوبات الاقتصادية المستمرة التي تفرضها الإدارة الأمريكية عليها بين الحين والآخر، كذلك قلصت من قدرتها علي دعم أذرعها وميليشياتها في الخارج.

وأوضح رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أنه من المستبعد تماما أن تشرف إيران علي أي عمليات تصعيدية في المنطقة قبل 20 يناير (موعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن)، مبينا أنه بعد تولي جو بايدن الحكم، وطرح شروطه ورؤيته من أجل التفاوض علي الاتفاق النووي، ستتضح الرؤية الجديدة، ولكنه رجح رضوخ طهران.

وبشأن المصالحة الخليجية، أكد محمد محسن أبو النور، أن ترامب يسعي لحرمان بايدن من تحقيق أي فوز دبلوماسي أو سياسي في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن المصالحة الخليجية كانت ستتم عاجلا أو آجلا، بالإضافة إلي محاولة الغدارة الأمريكية توحيد الجبهة الخليجية حتي لا تستخدم إيران قطر في أي عمليات محتملة.

فيما أشار السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلي أن هناك بعض التحركات الأخيرة من طهران، مثل تحرش القوات الإيرانية وعناصر الحرس الثوري الإيراني بالدول الخليجية في مضيق هرمز، مشددا علي أن الدول العربية والدول الغربية لن تسمح بأي تصعيدات أو تحركات إيرانية في المنطقة.

وحول ملف المصالحة الخليجية، أكد بيومي أن الإدارة الأمريكية قررت إنهاء ملف الأزمة الخليجية وإغلاقه، للتفرغ لطهران وتحركاتها في المنطقة، مشددا علي أن إيران تمتلك دبلوماسية "معقولة" وذكية إلي حد ما، ولم يستبعد مساعد وزير الخارجية السابق، وقوع عدد من العمليات التصعيدية (حروب شوارع)، ولكنه شدد علي صعوبة بدء إيران حرب شاملة أو نظامية.

نقلًا عن العدد الورقي...
Advertisements
الجريدة الرسمية