رئيس التحرير
عصام كامل

"توتة توتة" خلصت حدوتة جوهرة الدراما العربية.. محمود يس ورحيل في شهر ذكر اسمه

الفنان الراحل محمود
الفنان الراحل محمود يس

فجع الوسط الفني صباح اليوم الأربعاء الموافق 14 أكتوبر 2020 بخبر وفاة الفنان محمود ياسين بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز الـ 78 عامًا قضاها في عطاء فني زاخر ما بين شتى ألوان الفنون ما بين المسرحية والدرامية والإذاعية والسينمائية.



فلم يتوقف العطاء الفني للفنان الراحل محمود يس والذي لقب بـ "جوهرة الدراما العربية" إلا فقط منذ قرابة الـ 8 سنوات بسبب إصابته بمرض ألزهايمر والذي حال دون استكمال مسيرته الفنية الخالدة.

تميز الفنان الراحل محمود يس بنبرة صوته ذات الأداء المسرحي الفريد فقد جمعت طبقة صوته ما بين الأداء المسرحي وبين البساطة في الأداء فاستطاع الوصول بها لأكثر من طبقة من طبقات الشعب المصري خاصة والعالم العربي بشكل عام.

ولعل من أبرز المفارقات التي كشفها رحيل الفنان محمود يس أن يتصادف خبر وفاته مع ذكرى كلما حلت كلما ذُكِر فيها إسمه، ففي كل عام ما بداية الأسبوع الأول لشهر يناير تبدأ الاحتفالات بذكرى نصر السادس من أكتوبر المجيد.

وفي هذه المناسبة كل عام تعج صفحات السوشيال ميديا بمختلف البوستات فقد كان الفنان الراحل من أكثر المشاركين في أعمال فنية معبرة عن حقبة السادس من أكتوبر 1973، وأبرز تلك الأعمال على الإطلاق كان العمل الفني الخالد الذي ارتبط اسمه بذكرى أكتوبر "الرصاصة لا تزال في جيبي".

ولم يكن ارتباط اسم محمود يس بذكرى نصر أكتوبر فقط في عصر الانترنت والسوشيال ميديا ولكن من قبل تلك الحقبة بأعوام فكما كان قديما يعرف التليفزيون في رمضان بالفوازير فكل عام تهل بشائر الإحتفال بذكرى نصر أكتوبر بإذاعة باقة من أفلام محمد ياسين والتي جسدت ملحمة العبور التاريخية.

ولد محمود ياسين بمدينة بورسعيد، في 2 يونيو 1941، وتخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1964 والتحق بالمسرح القومي قبلها بعام. 

كان أبوه موظفا في هيئة قناة السويس، وكانوا يعيشون في فيللا ملك لشركة القناة، فلما قامت ثورة يوليو وصدرت قرارات التأميم لهيئة قناة السويس في 1956 آلت ملكيتها إلى الشعب.

وبعد انتهاء دراسته الثانوية رحل محمود ياسين للقاهرة ليلتحق بكلية الحقوق، وطوال سنوات دراسته كان حلم التمثيل بداخله وخصوصا في المسرح القومي لذلك تقدم بعد تخرجه مباشرة لمسابقة في المسرح القومي وجاء ترتيبه الأول في ثلاث تصفيات متتالية.

وكان الوحيد في هذه التصفيات المتخرج من كلية الحقوق، ولكن قرار التعيين لم يحدث، في الوقت نفسه تسلم من القوى العاملة قرارا بتعيينه في بورسعيد بشهادة الحقوق وهو الوحيد في دفعته الذي يعين في موطنه الأصلي، ورغم حبه لمدينته إلا أنه لم يتصور فكرة الابتعاد عن المسرح.

بعد تعيين محمود ياسين في المسرح القومي، بدأ رحلته في البطولة من خلال مسرحية "الحلم" من تأليف محمد سالم وإخراج عبد الرحيم الزرقاني، بعدها بدأت رحلته الحقيقية على خشبة "المسرح القومي" والذي قدم على خشبته أكثر من 20 مسرحية أبرزها، (وطني عكا - عودة الغائب – واقدساه - سليمان الحلبي – الخديوي - الزير سالم - ليلة مصرع غيفارا – ليلى).

رغم مشاركته في عدد من الفلام السينمائية الكبيرة إلا أن صغر حجم الأدوار التي لعبها في تلك الأفلام لم تضف إلى رصيده الفني، كما في أفلام (الرجل الذي فقد ظله - القضية 68 - شيء من الخوف - حكاية من بلدنا).

حتى الانطلاقة الحقيقية من خلال فيلم "نحن لا نزرع الشوك" مع شادية ومن إخراج حسين كمال، ثم توالت أعماله السينمائية ليصل ليقدم بعدها أكثر من 150 فيلم مكنه خلالها من الحصول وعن جدارة على لقب "فتى الشاشة الأول"، وكانت فترة السبعينات بمثابة العصر الذهبي والتوهج الفني للفنان الراحل محمود يس، ولكن أعماله لم تنقطع وان قلت.

حصل الفنان الراحل على أكثر من 50 جائزة في مختلف المهرجانات في مصر وخارجها منها، جوائز التمثيل من مهرجانات طشقند عام 1980، ومهرجان السينما العربية في أميركا وكندا عام 1984، ومهرجان عنابة بالجزائر عام 1988، حصل على جائزة الدولة عن أفلامه الحربية عام 1975، جائزة الإنتاج من مهرجان الإسماعيلية عام 1980.

كما اختير رئيس تحكيم لجان مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 1998 ورئيس شرف المهرجان في نفس العام إلى جانب توليه منصب رئيس جمعية كتاب وفناني وإعلاميي الجيزة، وحصل على جائزة أحسن ممثل في مهرجان التلفزيون لعامين متتالين 2001، 2002.

وتم اختياره عام 2005 من قبل الأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع لنشاطاته الإنسانية المتنوعة.

قلما تجد فنان بمثل هذه المسيرة الفنية الطويلة دون صراعات او اخبار وشائعات تلاحقه، إلا أن الأمر مختلف تماما مع الفنان الراحل محمود يس، نجا من تلك الآفة التي تلاحق المشاهير باستثناء تلك التي لاحقته في سنوات مرضه الاخيرة بنشر أخبار مغلوطة عن وفاته، الأمر الذي دفع زوجته الفنانة شهيرة بالتهديد بملاحقة مروجي تلك الشائعات قانونيًا.

ومرت السنوات حتى تحققت الشائعة وأسدل الستار على حياة أحد عمالقة المسرح، مرددًا في الخلفية أغنية فيلمه الشهير مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة "أفواه وأرانب"، "توتة توتة توتة" ولكن هذه المرة خلصت حدوتة محمود ياسين.

الجريدة الرسمية