رئيس التحرير
عصام كامل

وأقلعت عن القهوة

على غير عادتي خرجت إلى مقر عملي دون أن أتعاطى قهوتي الصباحية.. بدا لي أن اليوم مختلف.. خمول يتسرب إلى بدني.. كسل يترامى إلى أطرافي.. عيناي لا تقويان على الصمود.. تنبهت إلى أنني كسرت عاداتي فتناولت على الفور فنجانا من الإسبرسو القوى.. إكسير الحياة يعود للدوران والسير تدفقا في شراييني.. ارتفعت جفوني وتوسعت مقلتاي وعدت إلى طاولة التركيز مرة أخرى بعد أن دب النشاط في أوصالي.


وبينما كنت منشغلا فى قراءة مقالة مترجمة عميقة قفز إلى منطقة المفاجآت في عقلي سؤال مهم.. كيف كان بدني يعمل ليل نهار قبل أن أسقط في بحيرة إدمان القهوة؟.. وكيف كان ذهني متقدا طوال الوقت دون كافيين؟ وكيف سار عمرى قبل مواقعة الفنجان؟

قررت العودة إلى بدن أورجانيك دون مدخلات وعقل نابض دون مكيفات وأصدرت فرمانا ملزما بالإقلاع مهما كانت الكلفة. اعتلى بعدها الصداع جبهتي في اليوم الأول وتناثر إلى مؤخرة الرأس في اليوم الرابع وبعد أسبوعين استعدت الوعي كاملا فنهضت أروي قصتي مع الإرادة، إلى أن التقيت صديقي القديم على المقهى الذي شهد أيامنا الخوالي.

إدمان القهوة
باعتزاز وإباء رويت قصتي التي اعتبرتها دليلا على القدرة الإنسانية داخل هذا المخلوق العجيب.. الإنسان.

اتكأ صديقي وقال وهو يمعن النظر في أفق بعيد: وكيف تعيش حياتك بلا إدمان؟ بلا حافز يلح عليك ويقودك إلى مساحات فيها لذة ومتعة حتى لو كانت وهمية؟ كيف تمضى هكذا فى الحياة دون قيد المتعة التي لا يحول بينك وبينها مال كثير أو عضلات مفتولة؟! أردف قائلا: من غير المنطقي أن تمانع لذة مشروعة.

قاطعته وأنا أحكى بمتعة لا تضاهيها متعة كيف كسرت هذا القيد وحطمت أسطورة الإدمان، وبينما أنا منشغل بشهوة الإقناع والرد والجدل قاطعني صديقي وهو يبتسم: أأطلب لك فنجانا آخر؟! تنبهت إلى أن فنجان قهوتي قد انتهى وأنا ألح فى امتصاص الرواسب!
الجريدة الرسمية