رئيس التحرير
عصام كامل

في الجامعات.. فساد قطاع خاص!

صدمة هائلة أصابت أولياء الأمور الباحثين عن موطئ قدم لأبنائهم في الجامعات.. وهي بزوغ جر فساد من نوع جديد تمامًا.. وهو فساد لم تعرفه مصر من قبل.. فساد "قطاع خاص"!


طوال عمرنا نعرف أن الفساد ينشأ ويعشش في أحضان أضابير الحكومة، ودهاليز القطاع العام، ويتسرب ليمص دم الغلابة، ويستحل المال العام.. تماما كالجرذان التي تتسلل عبر مواسير المياه، والشقوق في الحوائط، والفتحات الصغيرة في الأبواب والشبابيك، وغيرها، ولا تعيش إلا وسط القاذورات، ولا تشعر بالأمان إلا بين "الكراكيب"، والمخلفات.

 

حكاية الليبي الذى طردته أمه بسبب فيلم "الرسالة"

وهذه أول مرة أسمع أو أعرف فيها تلك النوعية الغريبة والفريدة من الفساد.. فساد ينمو في أحضان القطاع الخاص، الذي يحتذى به في الالتزام، والانضباط، والحرص على النظام؛ ذلك أن هدفه الأساسي هو الربح.. فكيف تسمح مؤسسة خاصة بوجود أي نوع من الفساد بين جنباتها؟!


البداية بظهور نتائج الثانوية العامة هذا العام "عام كورونا"، وتميزت المجاميع بالارتفاع الملحوظ عن الأعوام السابقة.. ومن ثَمَّ تسابق القادرون وغير القادرين، من الطموحين، لإلحاق أبنائهم بكليات القمة، نحو الجامعات الخاصة، والأهلية، التي انتعش سوقها هذا العام، ونافست جامعات الحكومة، بالنزول بمجاميع القبول إلى حد كبير، مع مبالغ ضخمة..

 

في الوقت الذي رفضت فيه جامعات الحكومة التخلي عن نصيبها من "التورتة"، فلجأت إلى تطبيق نظام "الكريديت" أو "الساعات المعتمدة".. أي قبول طلبة حاصلين على مجاميع أقل مقابل قيم مالية معينة، أي نظام موازٍ لما كان يسمى "التعليم المجاني".


واشتعلت صحات التواصل الاجتماعي بالحسابات التي يؤكد أصحابها معرفتهم بكل شيء عن جميع الأنظمة التي ربما يتوه الناس بين جنباتها، وظهر الكثيرون الذين يطلبون من الأهالي أن يسألوهم ويستفسروا منهم عن أية معلومات يجهلونها ويرغبون في معرفتها عن أي كلية، وكيفية الالتحاق بها، ومزاياها، وفرص العمل بعد التخرج.


في زحمة التنسيق والبحث والتنقيب عن أماكن للأبناء في التعليم الجامعي، طفا على السطح فجأة، أشخاص يزعمون قدرتهم على توفير مقاعد لمن يرغب في كليات القمة بالجامعات الخاصة!!


فمثلا هناك شخص يدير حسابا على "فيس بوك" يؤكد أن بإمكانه منح أي شخص مقعدا في كلية الأسنان بإحدى الجامعات الخاصة، مقابل دفع رسوم الجامعة، إضافة إلى عمولة "مكتبه"، ولم يذكر ما هي طبيعة ذلك المكتب.. ويطلب ممن يرغب أن يتواصل معه على الخاص، ولما تواصلنا معه "على الخاص"، كشف عن أن عمولته تقدر بـ 90 ألف جنيه.. نعم 90 ألف جنيه، أي ما يساوي نفس قيمة رسوم الكلية في نفس الجامعة!

أبا الزهراء.. شوقًا إلى نظرة
من أين استمد هؤلاء الثقة المطلقة في إمكانية ضمان مقعد في أي كلية، دون المرور بالتنسيق الداخلي، وغير ذلك من الشروط الصارمة ؟! كيف يتسللون من وراء ظهر إدارة الجامعات الخاصة، والمجلس الأعلى لتنظيم الجامعات؟!


هل يتواطأ معهم موظفون داخل تلك الجامعات؟! هذا هو الاحتمال الأقرب.. هل يمتلكون القدرة على التوسط لدى كبار مسئولي هذه الكليات لقبول الطالب الذي يدفع لهم؟! هذا احتمال بعيد.


هذا الشخص وغيره، يؤكدون، بكل ثقة، وعلى مرأى زوار الفيس بوك، أن بإمكانهم توفير مقاعد في كلية الصيدلة، أو الأسنان، أو الطب البشري، أو العلاج الطبيعي، في جامعات خاصة بعينها.. وهو ما أعتبره "فساد قطاع خاص".. وأعتقد أنكم تشاطرونني الرأي.
إنني أعتبر هذا المقال بلاغا للنائب العام، والرقابة الإدارية!

الجريدة الرسمية