رئيس التحرير
عصام كامل

عايز أشكر "المصريون ويناير"


أقصد الموقعين الإخباريين "المصريون ويناير". السبب هو أنهما ينشران أكثر من غيرهما الصوت الذي يكاد يختفي من الصحافة المصرية، وهو الصوت المعارض للسيسي ومن معه. والمعارضون هنا ليسوا فقط من الإخوان ومن التيار الإسلامي ولكن أيضًا من تيارات واتجاهات أخرى. صحيح أن الكثير من المواقع الإخبارية (منها فيتو والمصري اليوم والشروق) تجد فيها هذه الأصوات المعارضة، وهذا جهد مشكور. لكن هذين الموقعين يأخذان على عاتقهما أن يكونوا المعبرين عن هذه الأصوات الغائبة، وإعطائهم مساحة أكثر من الاتجاهات المؤيدة للسيسي ومن معه.

هذا يحدث مع التزام مهني كبير من القائمين عليهما بالمهنية، أي من الصعب أن تجد تزويرا أو تحريفا للأخبار. وهذا للأسف تفعله بدون خجل مهني عدد من الصحف والمواقع الإخبارية من كلا الجانبين (المؤيد للسيسي والمعارض له). فيتم تجاهل أخبار "تخرق العين". وتجد أخبارا ليس لها مصادر. أي إنها كما نقول في صالة التحرير أخبار مضروبة. وتجد أحيانًا سبابا وشتائم وتحريضا على العنف والسجن والسحل والتعذيب والقتل ضد الخصوم السياسيين.

الشكر للموقعين الإخباريين المصريون ويناير، ليس لأنهما يعارضان النظام الحالي. فليس هذا هو المهم، فالأهم هو حق المجتمع في معرفة كل الأخبار وكل الآراء. فلو كان الأمر معكوسًا، أي إن الصوت الغائب هو من يحكمون الآن، وهناك وسائل صحفية وإعلامية تعبر عنهم، لشكرتهم أيضًا.

طبعًا من حق أي مالك لأي وسيلة إعلامية أن يختار التوجه السياسي الذي ينحاز له. فليس منطقيًا أن يدفع الملايين من أجل أن يعبر عن توجهات هو لا يؤمن بها. لكن هذا في البلاد الديمقراطية المحترمة له شروط. أولًا أن يكون التمويل والتوجه معلنين حتى لا يتم خداع القارئ. فمن حقك أن تكون كما تشاء، ومن حق القارئ أن يعرف أنك كذلك. الشرط الثاني هو عدم اللعب في الأخبار حتى تكون لصالحك. فليس من حق أي وسيلة إعلامية أن تزور الأخبار أو تحرفها. لكن من حقها أن توسع مساحة أخبار التوجه السياسي الذي تؤيده، لكن ليس من حقها حذف أخبار الأطراف الأخرى.

كما أن الدول الديمقراطية المحترمة اخترعت آليات لكي يحاسب المجتمع ويصوب أداء الصحفيين والإعلاميين، ويصون حق القارئ والمشاهد. وذلك من خلال مؤسسات تعبر عن المجتمع ومستقلة تمامًا عن كل سلطات الدولة وأولها السلطة التنفيذية، أي الحكومة. وفي بلاد يكتفون بالتجريس، وفي أخرى تكون هناك تعويضات تهد حيل أي صحيفة أو وسيلة إعلامية تنتهك حق القارئ.

فمهنة الصحافة تقوم على قواعد أخلاقية، هي جوهر القواعد المهنية. فمثلًا إذا حدث شجار بين شخصين، ليس من حق الصحفي أن ينشر رأي طرف دون الآخر. وليس من حقه تشويه كلام طرف لصالح طرف آخر. لكن للأسف زادت هذه الكوارث المهنية والأخلاقية بعد ثورة 30-6. صحيح أنها موجودة في كل العهود، ولكنها زادت للأسف بعد ثورة يناير. فقد استخدمت كل الأطراف بدون استثناء (ضع من فضلك كثيرا من الخطوط تحت كل الأطراف) فبركة وتخريف الأخبار لكي ينال كل طرف من خصومه.

ناهيك عن أن الاحترام المهني بعد 3-7 أمر في غاية الصعوبة وتكلفته باهظة. وأظن أننا لابد أن نلتمس العذر لرؤساء التحرير الذين يتحركون في حقل ألغام وضغوط هائلة سياسية واقتصادية. لذلك فاحترام حق القراء أمر يستحق الإشادة، الحقيقة أنه في الظروف التي تمر بها البلد الآن عمل بطولي، أيًا كان توجه الوسيلة الصحفية والإعلامية. فما بالك بزملاء أخذوا على عاتقهم أن يعيدوا التوازن الإخباري للرأي العام. أي يحاربون من أجل حق كل الأطراف في أن تكون موجودة في الصناعة. وحق الناس أن تعرف كل شىء. 
(يرأس تحرير موقع المصريون الأستاذ جمال سلطان – يرأس تحرير موقع يناير الأستاذ عمرو بدر).
الجريدة الرسمية