رئيس التحرير
عصام كامل

حوادث القطارات.. متى تنتهي؟

إقامة المشروعات الكبرى التي يصرف عليها المليارات، المستهدف الأساسي منها هو المواطن، هو تقديم الخدمة التي تليق بإنسانيته وفي نفس الوقت تتناسب مع المليارات التي يتم صرفها على المشروعات، ومن المرافق المهمة هو السكك الحديدية، ومن سوء حظنا أصبح عاديا في حياتنا أن نفاجأ كل فترة بحادث يهزنا بقوة عدة أيام، ولكن تعود الحياة وكأن شيئا لم يكن..


في أسبوع واحد حدث أمرين عكرا نفسية الشعب المصري، الأول لا دخل لنا فيه وهو جنوح باخرة في قناة السويس تسببت في تعطل الملاحة فيها، بالإضافة إلى الخسائر التي ستعود على مصر إلا أن هناك توابع أخرى قوية لهذا الحدث، فقد ارتبكت الحركة الملاحية العالمية بسبب هذا العطل، وليس هذا فقط بل أن البترول ارتفع سعره في أسواق العالم بسبب هذا العطل..


وهذا يكشف ويؤكد الأهمية القصوى للقناة للعالم كله، وليس لمصر فقط، واكتب هذا الكلمات ولا تزال الجهود الجبارة تجرى لإزاحة الباخرة لإعادة حركة الملاحة الطبيعية، ونأمل أن ننجح في ذلك مع العلم أن هناك عدة دول قد عرضت المساعدة في عملية الإنقاذ، إلا إن هيئة القناة اكتفت بإحدى الشركات الهولندية.

حادث أليم
الحادث الثاني هو التصادم الذي حدث في سوهاج، وكأنه مكتوب علينا أن نستيقظ يوم الجمعة بحادث أليم، كانت آخر الأعداد التي أعلنت هو وفاة 32 مواطن وإصابة 169 شخصا آخر، الحقيقة أشعر مع كل حادث قطار بمدى فداحة الحالة المتوارثة في حكوماتنا المتتالية، أذكر أن وزير النقل السابق عندما أعلنت دراسة أن العامل البشري هو المسئول عن أكثر من 85 % من الحوادث فماذا ستفعل الوزارة؟

كانت إجابته: سنقيم طرقا عالمية بمواصفات عالمية! كانت إجابة صادمة في مؤتمر صحفي، فقد كان يتوقع الجميع أن يقول سيكون الهدف الأول سيكون الاهتمام بالعامل البشري، وسيكون تأهيل العامل فنيا ونفسيا ليكون مؤهلا وعلى مستوى عالمي للعمل على قيادة القطارات! ويبدو أن الاهتمام بالعامل البشري لايزال غائبا، والإعداد البشري ليس كلمات أو محاضرات، ولكنه يتم من دراسات عملية ونظرية ومتابعة وتطوير وإلا فإننا نضحك على أنفسنا، وهذا يبدو أنه بعيد عن خطط الحكومة أو وزارة النقل .

الانضباط والتحديث
أدرك تماما أن منع الحوادث نهائيا أمر شبه مستحيل، ولكن لا يمر عام إلا وتحدث عدة حوادث للقطارات، وفي كل حادث يموت عدد من أهلنا ثمنا للإهمال، وفي كل مرة يحدث نفس السيناريو من تصريحات بمحاسبة المسئول عن الحادث، وأن هناك تطوير للهيئة قائم ومستمر، والكثير من التصريحات التي تكاد تكون مكررة من السادة المسئولين، مع الترويج الإعلامي أن الحكومة بذلت وتبذل اقصى جهد لتطوير الهيئة، ولكن لا يذكر أحد أن الحوادث التي حدثت جعل مصر تتراجع إلى مركز78 بين 104 دولة بعد أن كانت في المركز 41 وذلك في جودة السكك في العالم.

تتسبب هذه الحوادث في الإحباط والضيق بتكرارها، الحلول ليست في قطارات جديدة ولا في تحديث العمل، ولكن الحلول تبدأ بالانضباط الشديد في العمل، بدون انضباط وثواب وعقاب فلن ينصلح الأداء، ولكن الانضباط ثم التحديث، والانضباط المطلوب جزء منه تطوير الأداء البشرى، لو بدأنا بهذا سننجح في التطوير والتحديث وبالتالي التقليل من جراء هذه الحوادث الدامية كل يوم .
الجريدة الرسمية