رئيس التحرير
عصام كامل

أبو فراس الحمداني.. الشاعر السجين


أبو فراس الحمداني هو شاعر من أسرة الحمدانيين، وهي أسرة عربية حكمت شمال سوريا والعراق وكانت عاصمتهم حلب في القرن العاشر الميلادي.

تربى أبو فراس في كنف ابن عمه سيف الدولة في حلب بعد موت والده باكرًا، فشب فارسًا شاعرًا، وراح يدافع عن إمارة ابن عمه ضد هجمات الروم ويحارب الدمستق قائدهم، وفي أوقات السلم كان يشارك في مجالس الأدب فيذاكر الشعراء وينافسهم، ثم ولاه سيف الدولة مقاطعة منبج فأحسن حكمها.

وفي إحدى المواجهات الساخنة بين الحمدانيين والروم في أيام أبي فراس، خانه الحظ يومًا فوقع أسيرًا سنة 347 هـ (959م) في مكانٍ يُعرف باسم "مغارة الكحل"، فحمله الروم إلى منطقة تسمى خَرْشَنة على الفرات، وكان فيها للروم حصنٌ منيع، ولم يمكث في الأسر طويلًا، واختُلف في كيفية نجاته، فمنهم من قال إن سيف الدولة افتداه، ومنهم من قال إنه استطاع الهرب، فابن خلكان يروي أن الشاعر ركب جواده وأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات، والأرجح أنه أمضى في الأسر ثلاث سنوات.

وقد توقف القتال لفترة من الزمن ثم عاد بين الحمدانين والروم، الذين أعدوا جيشًا كبيرًا وحاصروا أبا فراس في منبج وبعد مواجهات وجولات كر وفر سقطت قلعته سنة 350 هـ (962م) ووقع أسيرًا وحُمل إلى القسطنطينية؛ حيث أقام نحو أربع سنوات، وقد وجه الشاعر جملة رسائل إلى ابن عمه في حلب، فيها يتذمر من طول الأسر وقسوته، ويلومه على المماطلة في افتدائه.

وقد أعد سيف الدولة قوته وترتيب وتجهيز جيشه وهاجم الروم في سنة 354 هـ (966م) وهزمهم وانتصر عليهم واستعاد إمارته وملكه في حلب، وأسر أعدادا يسيرة من الروم وأسرع إلى افتداء أسراه ومنهم ابن عمه أبو فراس الحمداني بعد انتصاره على الروم، ولم يكن أبو فراس يتبلغ أخبار ابن عمه، فكان يتذمر من نسيانه له، ويشكو الدهر ويرسل القصائد المليئة بمشاعر الألم والحنين إلى الوطن، فتتلقاها أمه باللوعة حتى توفيت قبل عودة وحيدها.

وقد افتدى عمه وتحرير أبي فراس، وبعد مضي سنة على خروجه من الأسر، توفي سيف الدولة 355 هـ (967م) وكان لسيف الدولة مولى اسمه قرغويه طمع في التسلط، فنادى بابن سيده أبي المعالي، أميرًا على حلب آملًا أن يبسط يده باسم أميره على الإمارة بأسرها، وأبو المعالي هو ابن أخت أبي فراس، أدرك أبو فراسٍ نوايا قرغويه فدخل مدينة حمص، فأوفد أبو المعالي جيشًا بقيادة قرغويه، فدارت معركةٌ قُتل فيها أبو فراس.

الجريدة الرسمية