رئيس التحرير
عصام كامل

المؤرخ العسكرى أحمد عطية الله:‏ مئات الطائرات المعادية تلقى بالقنابل والدمار ‏والمظليين.. وينتصر البورسعيديون

فيتو
18 حجم الخط

بورسعيد مدينة الصمود والتحدى, صخرة الدفاع عن مصر, باعتبارها ‏أهم الخطوط الدفاعية المتقدمة, منذ واجهت فى عام 1956 العدوان الثلاثى ‏بقيادة إنجلترا وفرنسا وإسرائيل, واندلعت الأحداث بعد إعلان الرئيس ‏جمال عبد الناصر جلاء القوات البريطانية عن مصر، ومساندتها الثورة ‏الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسى, لتسطر بورسعيد بطولات نادرة, لا ‏يجود التاريخ بمثلها, ملحمة تجلت فى التحام المقاومة الشعبية مع الجيش ‏والشرطة, ويكفى بورسعيد فخرًا أنها أسرت الضابط الإنجليزى "مور ‏هاوس"؛ ابن عمة ملكة بريطانيا, فاهتز عرش إنجلترا..‏

بهذه الحقيقة يشير المؤرخ العسكرى أحمد عطية الله لـ "فيتو "مسترجعًا ‏من ذاكرة التاريخ قصة كفاح المدينة الحرة ضد الغزاة، فى بدء النصف ‏الثانى من القرن الماضى, عندما تآمرت إنجلترا وفرنسا متخذة إسرائيل ‏مخلب القط للمعركة, ولاكتمال سيناريو العدوان قامت اسرائيل بدفع قوة ‏مظلات قوامها 395 فردًا مظليًّا بقيادة شارون - على بعد 40 كيلومترًا من ‏القناة فى منطقة الممرات- فانتشرت فى المنطقة, ثم أرسلت مصر طائرات ‏مقاتلة من طراز "ميج 15، 17" لإبادة هذه القوة, لكن إنجلترا وفرنسا ‏أنذرتا مصر بأن تكون بعيدة بمسافة 50 كيلومترًا من هذه القوة ‏الإسرائيلية، لكن عبد الناصر رفض هذا الإنذار, فاندلعت شرارة الحرب ‏على مدينة بورسعيد.‏
يضيف عطية الله: إن الدول الثلاث بدأت هجومًا مكثفًا بالقوات الجوية، ‏ودمروا الطيران الرابض فى مطاراته، بعدما رفضت مصر اشتباكات ‏جوية حفاظا على أرواح الطيارين, فى وقت كانت فيه حاملات الطيران ‏البريطانية والفرنسية تقوم بعملية إنزال المظلليين فى بورسعيد عند منطقة ‏‏"الجميل", وسطر أهلها ملحمة الصمود والفداء للدفاع عن المدينة ‏بالأسلحة المتاحة, وساعدهم عبد الناصر بفتح مخازن سلاح الجيش, ‏فتسلم الأهالى الأسلحة ببطاقاتهم الشخصية للدفاع عن المدينة, وأرسل ‏قوات الصاعقة فى ملابس صيادين عن طريق المطرية، ومن دمياط عن ‏طريق البحر, وكانت تقود هذه المجموعات خلايا المقاومة الشعبية من ‏الأهالى داخل أراضى بورسعيد, وكان من أبرز قادتها البطل الشهيد إبراهيم الرفاعى, ومن أشهر عمليات هذه المجموعات تدمير تجمعات ‏العدو المرابطة أمام مبنى المحافظة باستخدام سلاح الـ"آر .بى. جى", فقد ‏تم تدمير 9  دبابات بريطانية. ‏
يقول عطية الله: بعد تدمير هذه الدبابات جن جنون البريطانيين ‏والفرنسيين, فقاموا بحصار المنطقة وتمشيطها بحثًا عن الفدائيين, فقد ‏دخلت مجموعة من الفدائيين قسم شرطة بورسعيد, وارتدوا زى ضباط ‏شرطة ومجندين, وتم وضع عدد منهم بحجز القسم للتمويه, ولتفويت ‏الفرصة على الأعداء, وكانت عملية تدمير دبابات بريطانيا بقيادة البطل ‏الرفاعى, وأثرت هذه العملية بدرجة كبيرة على معنويات الإنجليز ‏والفرنسيين.‏
ويشير عطية الله إلى أن أعمال المقاومة فى بورسعيد لم تستسلم أمام ‏القوات الغازية التى هاجمت المدينة الحرة من الجو والبحر من مركز ‏انطلاقها فى جزر قبرص ومالطا, بالإضافة إلى 5 حاملات طائرات ‏بريطانية و2 فرنسية, وبلغ عدد الطائرات التى هاجمت المدينة الحرة فى ‏منطقة القناة 30 سربًا, بمجموع 360 طائرة, من المقاتلات والمقاتلات ‏القاذفة, بالإضافة إلى 19 سربًا من القاذفات وأفراد الإبرار الجوى والمهام ‏الجوية, كما دفعت فرنسا بأسراب مقاتلة من طراز "ماستير" لتدعيم إسرائيل فى مواجهة القوات المصرية مع إسقاط جوى وإبرار بحرى من ‏القوات الإنجليزية والفرنسية على بورسعيد.‏
ويكشف عطية الله عن أعمال المقاومة الشعبية التى هزت عرش إنجلترا ‏عندما أسرت ضابطًا بالقوات الإنجليزية يدعى "مور هاوس" هو ابن عمة ‏ملكة بريطانيا الذى كان من الأسباب - مع غيرها - للتنديد بهذا العدوان, ‏بعد تكبده تضحيات نتيجة الأعمال الفدائية التى حولت بورسعيد إلى قلعة ‏تحطمت عليها آمال الغزاة, بجانب تنديد العالم بهذه القوة المستعمرة ‏الغاشمة التى تنال من دولة حديثة الاستقلال, خرجت من شرنقة ‏الإمبراطورية البريطانية، مما كان له أثر فى التعجيل بانسحاب القوات ‏الغازية, وإعلان 23 ديسمبر من كل عام يومًا وطنيًّا للاحتفال بالعيد ‏القومى لبورسعيد.‏

الجريدة الرسمية