رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا قالت لى العرافة ؟

إحدى العرافات
إحدى العرافات

فى عبق الأجداد، جلست العرافة تحت سفح الهرم، تقرأ طالعى، ملامحها الفرعونية حفلت برعب، وجلت نفسها مما رأت، ارتعشت أصابعها لتنبئنى بقصة الخديعة التى سوف أتعرض لها، ممن فرشت لها قلبى بورد المحبة، وكتبت لها بأبجدية الياسمين، حبيبتى التى خدعتنى ..


لم أصدق حديث العرافة ،"كذب المنجمون ولو صدقوا" ، ولسوء حظى كانت صادقة فيما روت، وتحققت نبوءتها وخدعتنى حبيبتى ، تقطعت شغاف قلبى، عشت أسوأ أيام حياتى كليل طويل بلا نهاية، كسفينة أبحرت فى بحر لجى فى ليل حالك، ابتلعها مثلث برمودا، فهوت فيما ليس له  قرار..

وبدموع القلب الساخنة، تذكرت ماكتبت لحبيبتى، حفرته على جدار القلب، وتلافيف الروح.. وها هو ما خطت يداى.. فرشت لك عباءة الشوق، جلست إلىّ، حلقنا فى عالم أثيرى، حالم، نمتطى معا براق الحب والشوق، فيرفل بنا فى سموات العشق، نرى ملكوت المحال، أفك وثاق دموعى، تنهمر فتسقط مطرا يروى رياحين وياسمين العالم، ندى وعشقا، تتحطم أعمدة الكبرياء الزائف ، تنقشع سحابات الحزن الأزلى، لتسكن مهجتينا إشراقة فجر الحب، تتماهى همساتنا، يسطع نور ملائكى جزلا، فرحا بالمحبين، ليشهدوا العشق الأسطورى، نمرح كطفلين تحت مطر الحب الذى طال انتظاره، نختزن ذكريات اللحظة المقدسة فى أعماق القلب والروح، نحطم معا أغلال الخوف من الغد، نلقى سحابات الشك فى غياهب النسيان، تذوب الآهات عطرا كلؤلؤ منثور، ننسج من خيوط الشمس أحلاما مشتهاة، نرقص معا فوق السحاب رقصة الأمل والحب الملتهب، على هودج حريرى، نخرج من فيض الزمن، ترقى إلى مسامعنا نجوى العاشقين، كابتهالات وهالات نورانية، أسكر فى أكاليل أنوثتك بكئوس من العفة، أنظم لجيدك قلادة حب أبدية، أحملك على أجنحة الأمان، أريق على كفيك دموع الصمت والعشق اللانهائى، فى مهرجان شبق روحى لا ينفد، تتوهج أنفاسنا نورا وعبيرا، يرفرف الحب حولنا بأجنحته النورانية الشفافة، نرى المسهدين والمعذبين بحبهم، يحسدوننا على ما ارتقينا إِليه فى سموات العشق.

كلانا عاشق للاّخر، لايريد فك وثائقه، ينعم كلانا بقيده الحريرى، يسرى الشوق فى الشرايين، وينطق الصمت ببوح جميل، كابتسامة وليد، صافية، نقية، طاهرة، نرفل فى النور المذاب بالعشق والشوق، نحطم سويا كئوس الحرمان، ننقش عطر اللحظة على شغاف الروح ونار الحب وجدران العمر وميادين الذاكرة، وأطياف السعادة اللانهائية، ألا ترين، سيدتى، كيف تذوب الثلوج السرمدية بأطياف نور ونار الشوق؟

نستعذب ألم الشوق ونيرانه، إنه الألم الممتع، لايعرف الشوق إلا من يكابده، ولا الصبابة إلا من يعانيها، نوقد معا ملايين من شموع الأمل، نروى أشواقنا لاعطشنا بماء منهمر على أرض كانت جدباء، برعشات وارتجافات طفولية، أهبك عمرى وروحى وقلبى، تهبيننى روحك وقلبك ، تلتصق الروحان ، فى ساعة صدق أزلية، فى لحظة عمر أبدية، تختفى المسافات والأزمان، نرحل معا، كروح واحدة، فى سفينة عشق لا شاطئ لها ، لانبغى رؤية النوارس ولا الأصداف والمحارات، نعيش لحظات الطمأنينة بوجودنا معا، لا أنا، ولا أنت، نحن الأنا، تتغلغلين فى ثنايا روحى ، أرشف العطر والنور من ثنايا روحك، إنها روحنا معا .

التصق قلبانا بنبض واحد، فى جسد واحد،عمر واحد نعيشه معا، نتنفس ذات الهواء، تمطر راحتينا موجات العشق والعبير يستلهمها العشاق، تلتقمها العصافير فتخرج زقزقاتها ألحانا لم يسمعها، من قبل، إنس ولاجان، تسرى فى مسامات الروح، تثمر أشجار الروح بفاكهة الجنة، لامقطوعة ولا ممنوعة، نسبح معا فى موجات النور وثريا اللؤلؤ والمرجان، تتأنق وردات الوجدان، أغصانها در ومرجان، نبوح معا بأبجدية الياسمين، تخرج نورا من تلافيف الروح، لترسم لوحات بألوان مبهجة، مشرقة، بنمنمات الحنين، محفورة على خارطة العمر بأحرف من نور، ورحيق العشق وعطر البهاء، لتكتب تفاصيل حبنا الأسطورى، فوق موجات نهر من عسل مصفى، لذة للشاربين، يخفق بها قلوب النرجس والريحان، يا مليكتى.. أما رأيت عبدا يعشق صولجانك وينعم بِرقِه فى مملكتك المغزولة بالأسرار؟!

نفك معنا شفرات أحلامنا بآهات الوجد والشوق، تذوب أنفاسنا معا، كعاشقين وحيدين فى هذا الكون، لتروى أزهار العالم وقلوب المحبين، بنور أحرف قصائد الغزل العذرى، المحلق بأجنحة النور.

أتبتل فى محراب وجدك بأبجديات عشقى، تنهمر دموعى شوقا إليك وأنت بجانبى، نرصع بها الصحارى، فتنبت وردا ونبض القلوب، نسمو معا فى آفاق سماوية، نرقص معا على إيقاع قلبينا ، يرتج ناقوس السعادة متدفقا بنغماته وصليل جرسه الممتد فى أعماق الروح ، كترنيمة حب، كخيوط الأمل الحريرى فى فجر وليد، كبدايات الإشراق، كندى يعانق خدود ورد المحبين، ننطلق معا فى عالمنا الأسطورى، نغرق معا، فى حلم الحنان، مجدافنا قلبانا فى بحار العبير، عبر المدى، نتدثر بخمر البهجة، بارتعاشة الشوق بنور الحنين، بدفء قلبينا، بنارهما، ونورهما، بشهد العمر، برومانسية مرهفة، بالحنين، بالأمانى العِذابِ، بسعير الشوق واللهفة.

هكذا كتبت لك، بمداد العمر، لكنك بلا رحمة، امتشقت سيف غدرك، وسكين خداعك، وأعملتيهما فى قلبى، فنزف رحيق الحب، وصدقت العرافة التى جلست بين يدىّ، تحت سفح الهرم..

الجريدة الرسمية