رئيس التحرير
عصام كامل

ما الحل ؟


ما الحل لو احتلت الجماهير الميادين مرة أخرى، ونادت بإسقاط من تغنت باسمه كثيرا، ولأجله تفاخر رجال بأن نساءهم حبلى بعشقه، وبأنه لن يحرك سوى رمش عين حتى تتساقط النساء على أعتاب مزاره؟


ما الحل لو اكتشفت الجماهير أن المخلص الذي تم إرساله لإنقاذ مصر من كبوتها وتخليصها من عصابات إرهابية مسلحة احتلت مناصب اتخاذ القرار في خطفة من زمان غادر، قد تلاعب بأحلامهم، وقفز برجاله على ثورتهم، وبأن بطولته لم تكن سوى سباحة مع تيار الثورة خشية غرقه؟

ما الحل لو اكتشفت الجماهير "التي لم تجد سابقا من يحنو عليها" أن المشير إنما جاء ليفرض وصايته عليهم، وبأن تفويضه لمحاربة الإرهاب، لم يكن سوى قيد لتكبيل حريتهم، ووأد ثورتهم، وإخراس أصواتهم، وحصار إضراباتهم واعتصاماتهم حال يأسهم من تحقيق مطالبهم، وبأن تفويضه لم يكن أكثر من صك ممهور بإمضائهم لفئات ثاروا عليها مرتين لاختطاف نصرهم الذي دفعوا فيه من دمائهم الكثير؟

ما الحل لو اكتشفت الجماهير أن المخاطر المحاطة بثورتيهم ليس مصدرها فقط جماعة الإخوان الإرهابية، ولكنه أيضا من جنرالات القوات المسلحة أنفسهم، وأنهم استندوا قبل ذلك والآن لتلك الجماعة الإرهابية لقتل ثورتيهم، وأن المشير نفسه لا يمانع من عودة إرهابيي الإخوان للعمل السياسي حتى ولو بشروط ؟

وما الحل لو اكتشفت الجماهير أن شبح الحرب الأهلية، وعدد وعتاد جماعة الإخوان الإرهابية ليس أكثر من فزاعات إعلامية، وألغام وهمية مزروعة في كل مكان، لتفقدهم الأمل وتصيبهم بالإحباطات والخمول واليأس، وانتزاع فكرة البديل الثورى، وتمهيد الطريق للمشير للوصول لسدة الحكم للحفاظ على مصالح البارونات داخل المؤسسة العسكرية وخارجها من مصاصى دماء الفقراء والكادحين؟

ما تحتاجه مصر في المراحل القادمة ليس فرض تقشف فوق تقشفهم، ولا صبرا يفوق صبر أيوب في محنه، فمصر في حاجة لجماهير مناضلة تثق بأن النصر بين يديها، لكنه يتطلب مزيدا من النضال والتصميم على خوض الصراع مع قلة من الرءوس الفاسدة حتى النهاية، تحتاج مصر لجماهير مناضلة بيقين بأن أعداءها لن يسلموا السلطة باختيارهم، ولكن لابد من تجريدهم منها رغما عنهم، تحتاج مصر لجماهير تعى أن سبب كبوتها هم سياسيون وجنرالات تدربوا في بلاط السلطة وانتشروا كالأمراض الخبيثة في جسد الوطن.



الجريدة الرسمية