رئيس التحرير
عصام كامل

أفلا تعقلون؟


تفجيرات وتهديدات وضجيج وتخوين ودماء كثيرة، ومياه ثورية هادرة.. يحاول خبثاء إعادتها لمنبعها مرة أخرى؛ وأبواق ناعقة وثوريون لاتعدو ثوريتهم أكثر من شعارات ورايات مرفوعة؛ وحرب علنية على ثورة يغتصبها أعداؤها؛ وقضايا وهمية صنعت من خيال أجهزة أمنية قمعية لتهيئة الأجواء لرعب شعبى تتحقق معه مكاسب تضمن ترسيخ قواعد نظام فاشى، دق أوتاده في أكباد الحالمين في العيش بكرامة؛ وتغيرات جذرية قد أصابت طبيعة الحكم؛ وشروط تبدلت وقواعد اللعبة لازالت كما هي.


إن ماحدث منذ ليلة رحيل المخلوع "مبارك" والتقاء أهداف مجلس "طنطاوى" العسكري الذي فشل في احتواء الغضب الثورى واستعادة أمجاد نظامه الفاسد؛ مع مطامع جماعة "بديع" الإرهابية التي بررت وارتكبت من قبل جرائم قتل وتنكيل وتخوين؛ وبين الطرفين تمت الصفقة التي بها يتقاسما دماء الشهداء ومغانم ثورة لم يشاركا فيها؛ وحاولا بكل الطرق السلمية والدموية القضاء على الثورة وإسكات صوتها للأبد؛ إلا أن فشل فترة حكم المجلس العسكري تبعه فشل للمعزول "مرسي"، وخرجت الجماهير كما خرجت من قبل "بلا مؤامرات إخوانية ولا قطرية ولا حمساوية" ونجحت الثورة في إعادة "مرسي" وجماعته مرة أخرى للسجون.

غير أن الخطر الذي تصدره الأجهزة الأمنية للجماهير ليس الغرض منه محو الجماعة الإرهابية من الوجود؛ ولا كشف مخططهم للقضاء على هوية مصر وبيع لحمها في أسواق النخاسة لمن يدفع الثمن؛ ولكن الهدف هو القضاء على ثورة "يناير" ومكتسباتها وتشويهها ومحو أثرها من أذهان المواطنين؛ وإعادة الهيمنة والبلطجة الشرطية؛ ووضع الجماهير بين مطرقة الثورة ومعها الفوضى وعودة دولة الفساد والقمع وكبت الحريات؛ وسندان إرهاب الإخوان وانهيار الدولة.

وكما مرت السنوات الثلاث الماضية ستمر الشهور الآتية، ولن يشهد المواطنون أي تغيرات على أرض الواقع؛ فالنظام مستمر في نفس نهجه الكاذب؛ وبأن الثورة ما هي إلا مؤامرة كبرى لاندرى من يديرها ؛ يحاول القائمون على الحكم الآن إخفاء حقيقة أن ثورتين اشتعلتا في مصر، وسرتا كما تسرى النار في أعواد الحطب لأجل وعود كثيرة قيلت وواقع لم يتغير؛ يحاربون موجات ثورية قادمة معتقدين أن الجماهير ستظل سكرانة طويلا بخمر المشير؛ ولا يعلمون أن الثورة لا تعرف سوى طريق إجباري واحد.

القائمون على الحكم ومعاونوه من أبواق إعلامية أمنية لن تخفى طويلا أن المشير كان رئيسا للمخابرات الحربية وقتما اخترقت حماس الإرهابية الحدود المصرية واستطاعت بسهولة اقتحام السجون وتهريب أعتى الإرهابيين؛ وفى ولايته المخابراتيه وصل سجين متهم بالتخابر لسدة الحكم؛ وتم مكافأته بعدها بعضوية المجلس العسكري؛ لن يخفوا طويلا أن في عهده كوزير للدفاع ولأول مرة في تاريخ العسكرية المصرية سقطت طائرة عسكرية على يد إرهابيين وليس جيش نظامى؛ لن تستطيع تلك الأبواق الناعقة إخفاء حقيقة أن التفويض لم يزيد الأوضاع إلا اشتعالا، ومعها انتشر إرهاب الإخوان في كل ربوع الوطن.
الجريدة الرسمية