رئيس التحرير
عصام كامل

الجنة في الأدب

صوره أرشيفية
صوره أرشيفية
18 حجم الخط

ملحمة الفردوس المفقود هى عبارة عن تجربة فريدة من نوعها حيث بلغ طولها 10565 سطراً، ويبلغ عدد كتبها 12 كتاباً للكاتب الإنجليزى جون ميلتون الذى يغلب عليه الطابع الدينى فى كتاباته المعروفة، حيث تحكى الملحمة قصة آدم وحواء وخروجهما من الجنة وعصيان إبليس للخالق .


وقد كان المؤلف يريد فى بادئ الأمر أن تكون مسرحية من نوع التراجيديا ثم رأى من الأفضل كتابتها فى قالب ملحمى، وترجم هذه الملحمة التاريخية الدكتور محمد عنانى أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة .

يدور موضوع كتاب «الفردوس المفقود» حول الإنسان ، فالجنس البشرى الذى تتنازعه قوى الخير والشر هو الفكرة الأساسية للفردوس المفقود ، حيث جعل ميلتون الإنسان بطلاً لملحمته، فآدم وحواء يتنازعهما قوى الخير والشر، وقد جعل موضوعه شاملاً مترامى الأطراف، كما جعل الأحداث الجارية تمثل حلقة من حلقات التاريخ البشرى المتداخلة وجزء من حركة أزلية لا تتوقف وفقـًا لتصوره الخاص عن العقيدة الدينية وعن تصوره لمجرى تاريخ الإنسانية.

>> الكوميديا الإلهية.. «النعيم» فى قصيدة...

تعتبر الكوميديا الإلهية لدانتى أليجيرى من أهم وأفضل الأعمال فى الأدب الإيطالى حيث يعتبرها الكثيرون أفضل الأعمال الأدبية على المستوى العالمى وترجمت إلى معظم اللغات العالمية وتنقسم الكوميديا الإلهية إلى ثلاثة أجزاء هى الجحيم والمطهر والجنة كما تحتوى على نظرة خيالية حول الآخرة فى الديانة المسيحية، يتصور فيها دانتى موقع الجحيم بعيداً عن الإله الذى يشع نوراً، ويتصور المطهر وهو عبارة عن جزيرة صغيرة تتوسطها غابة تنبض بالحياة وترمز إلى فردوس الإيمان على الأرض.

تدور أحداث الكوميديا الإلهية الشعرية حول فيما بعد الحياة الدنيا تبعاً للتصور المسيحى وقد أطلق عليها الكوميديا لأنها انتهت نهاية سعيدة ثم أضافت إليها الأجيال اللاحقة صفة الإلهية، وقد قسم الأقسام الثلاثة للقصيدة إلى أجزاء أخرى تسمى الأجزاء الداخلية ويضم كل من قسمى المطْهر والجنة 33 جزءاً. أما الجحيم فيضم 34 جزءاً وتتميز جميع الأجزاء بالإيقاع القوى .

وتبدأ الأحداث بأن دانتى المفقود فى غابة مظلمة ويمثل ذلك عنده إحساسه بتفاهة حياته والشر الذى كان يراه فى مجتمعه وبعد ليلة من التجوال المؤلم يتقابل مع الشاعر الرومانى فيرجيل الذى يعده بأن يخرجه من تلك الغابة ويقوده إلى رحلة فى العالم الآخر ويدخلان الجحيم وهو عبارة عن حفرة كبيرة على هيئة مخروط عميق فى باطن الأرض، وفى الحفرة تسع دوائر، حيث يريان جموعًا من الأفراد، يعانون العذاب الذى تصبه فوق رؤوسهم الوحوش الخرافية، والشياطين والمخلوقات الأخرى، وذلك عقابًا على خطاياهم .


وبينما كان دانتى يجول فى هذا الظلام إذ التقى بفرجيل الذى وصفه بأنه أستاذه الذى أخذ عنه وحده الاسلوب الجميل ويخبره أن السبيل الوحيد للخروج من الغابة هو اجتياز الجحيم والمطهر فإذا ما صحبه دانتى فيهما فسيقوده إلى أبواب الفردوس ويخبره أنه جاء ليقدم العون إلى الشاعر بأمر بياتريس.

ويمران خلال فتحة فى سطح الأرض إلى أبواب الجحيم التى نقشت عليها هذه الكلمات « من خلالى يدخل الإنسان المدينة المحزنة ومن خلالى يدخل الإنسان الآلام السرمدية»

والجحيم كما صوره دانتى هوعبارة عن فتحة تحت الأرض تمتد إلى مركزها ويصورها دانتى بخيال قوى بأنها أشبه بالاكتئاب فهى هاوية سحيقة مظلمة مرعبة بين صخور ضخمة قاتمة تتصاعد من منافذها الأبخرة والروائح الكريهة، وتجتاحها السيول الجارفة، وبها بحيرات ومجار وعواصف من المطر، والثلج، والبرد ومشاعل من لهب وفيها الرياح والزمهرير الذى يجمد فيه الدم والجسد وبها أجسام معذبة ووجوه كالحة مقطبة ويشقها صراخ وأنين يقف لهما الدم فى العروق.

ثم يقوده إلى الدائرة الثانية حيث تتقاذف الرياح العاتية الذين ارتكبوا خطايا جسدية شهوانية لا يستريحون منها أبداً وهنا يشاهد دانتى باريس، وهِلِين، وديدو، وسميراميس، وترستان، وباولو، وفرانسسكا وقصة فرانسسكا كما يرويها .

ويسيران إزاء نهر استيكس المظلم الذى يغلى ماؤه حتى يصلا إلى الدائرة الخامسة حيث يقيم من كان ذنبهم الغضب ملطخين بالأقذار، يضربون أنفسهم ويمزقون أجسادهم والذين كان ذنبهم الكسل والتراخى يغمرون فى ماء البحيرة التى تعلو سطحها الطيفى فقاعات من زفيرهم وينقل فليجاس على سطح البحيرة حتى يصلا فى الدائرة الثالثة إلى مدينة ديس أو الشيطان حيث يشوى الملحدون فى قبور ملتهبة ثم يهبطان إلى الدائرة السابعة وهناك يريان من ارتكبوا جرائم العنف يكادون على الدوام يغرقون فى نهر من الدناء مضطرب صاخب .

ويصف دانتى المطهر بأنه من هناك يتسلقان إلى شرفات مضيئة فيها الموتى الذين وهبوا الخلاص يبحثون عن الغفران من الخطايا التى اقترفوها على الأرض. ويملأ جو من الأمان والأمل ذلك المكان الخاص بالتطهر، على عكس المعاناة الكبيرة واليأس اللذين مرا بهما فى الجحيم .

والمطهر، كما يصوره دانتي، مخروط جبلى مقسم إلى سبع طبقات ما قبل المطهر وهو سبعة أسطح واحد للتطهير من الذنوب الميتة وفى أعلاه يقوم الفردوس الأرضى وينتقل المذنب من كل طبقة إلى التى تليها وتقل آلامه كلما انتقل إلى طبقة أعلى من التى كان فيها.

يحكى دانتى عن الفردوس وعند وصولهما إلى الجنة الأرضية على قمة جبل المَطْهَر، يوصى ڤرجيل بدانتى إلى مرشدة جديدة هى بياتريس.

ويرقى دانتى مع بياتريس إلى السماء الثانية منجذباً إليها بقوة مغنطيسية سماوية تجذب كل شيء إلى الله وهذه السماء الثانية هى التى يسيطر عليها الكوكب عطارد وفيها يقيم الذين كانوا يقومون وهم على الأرض بنشاط عملى يبتغون به الخير، ولكنهم كانوا أكثر إنهِماكاً فى الشرف الدنيوى منهم فى خدمة الله.ويظهر من بين هؤلاء جستنيان، يصوغ فى عبارات ملكية الوظائف التاريخية للإمبراطورية الرومانية والشريعة الرومانية وعن طريقه يوجه دانتى ضربة أخرى يبغى عليها قيام عالم واحد، خاضع لشريعة واحدة، وملك واحد.

ثم تقود بياتريس الشاعر إلى السماء الثالثة، وهى دائرة الزهرة حيث يتنبأ فلك الشاعر البروفنسالى بمأساة بنيفاس الثامن وفى السماء الرابعة وهى دائرة الشمس يشاهد دانتى الفلاسفة المسيحيين يوئيثيوس، وإزدور الأشبيلي، وبيد، وبطرس لمبارد، وجراتيان، وألبرتس مجنس، وتومس أكوناس، وبونا فنتورا، وسيجرده برابانت ويتبادل كل من تومس الدمنيكي، وبونا فنتورا الفرنسيسى حديثهما، فيقص تومس على دانتى حياة القديس فرانسس، كما يقص عليه بونا فنتورا قصة القديس دمنيك.
الجريدة الرسمية