رئيس التحرير
عصام كامل

صرع المختار

فيتو



>> د. أحمد محرم: البشر لا يستطيعون تحمل الملائكة لذا كان النبى يعانى من نزول الوحى

>> د. أحمد السايح: العرب كانوا يعرفون المصروعين جيداً ولو اشتبهوا فى إصابة الرسول ما آمنوا به


>> د. رمضان درويش : ماكان يحدث لمحمد صلى الله عليه وسلم أثناء نزول الوحى لا ينطبق على أعراض مرضى الصرع

>> أكاذيب الملحدين عن إصابته بهذا المرض يفندها علماء الازهر ولأطباء

هل كان الرسول «صلى الله عليه وسلم» مصاباً بالصرع؟ لماذا كان يصاب بالارتعاد ويتصبب منه العرق الغزير لحظة نزول الوحى؟ وهل تنطبق هذه الأعراض على مريض الصرع؟ ولماذا يثير كارهو المختار صلى الله عليه وسلم هذه الشبهة؟.. التفاصيل الكاملة فى هذه السطور..

>> حسن الخطيب

من بين الاتهامات والافتراءات التى تعرض لها النبى عليه السلام الادعاء بإصابته بمرض الصرع، حيث يقول الملحدون ومن يدورون فى فلكهم : إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصاب بالصرع عند نزول الوحى عليه مستدلين بالروايات التى تصف حالته عند نزول الوحى، ومنها :العرق الغزير والارتعاد.

وجد الملحدون فى هذا الاتهام مايستندون اليه وهو انه كان صلى الله عليه وسلم يتصبب منه العرق عندما كان ينزل عليه الوحى، كأنه خارج من ماء، ففى رواية منسوبة إلى السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها فى البخارى : انه عندما ينزل الوحى على رسول الله يتصبب منه العرق صبا, ومنها حديث النبى صلى الله عليه وسلم فى البخارى ايضا عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسُول اللَّهِ كيف يَأتِيك الْوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أَحيانًا يأْتِينِي مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ».

كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من التنزيل عليه بالوحي وكان يظهر تأثير الوحى عليه بالتصبب بالعرق الذي كان يسيل من على جبهته الشريفة في اليوم الشديد البرد إلا أن بعض صور الوحي كانت عليه يسيرة كتشكل جبريل بصورة رجل كما جاء عندما اراد ان يعلم الناس ماهو الايمان, لكن أشدها عليه صلى الله عليه وسلم كانت مجيء الوحي على مثل صلصلة الجرس كما رواه البخارى فى حديث حارثة السابق عندما سأله عن كيفية نزول الوحى فقال كان ينزل عليا مثل صلصلة الجرس وهو اشده علي وكانت تحصل مع النبي صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه أحوال عديدة يراها ويسمعها ويشعر بها من حوله من أصحابه رضي الله عنهم، وفي بعضها معاناة شديدة، ومن ذلك مثل أنهم كانوا يسمعون عند وجهه دويا، كدوي النحل كما ذكر فى حديث مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل وكذلك كان يثقل وزن النبى صلى الله عليه وسلم فكان اذا نزل الوحى وهو على ابل لايستطيع الابل ان يسير, ومن هنا قال المستشرقون والملاحدة ان النبى صلى الله علية وسلم كان يصاب الصرع، واكثر ما استدلوا عليه هو حديث البراء الذى رواه مسلم عندما اخبرت السيدة عائشة فى قصتها عن حادثة الافك قالت فيها: إن النبى نزل عليه الوحى فأخذه ماكان يأخذ البرحاء عند الوحى، ومعنى البرحاء: اى شدة الحمى، ومن هنا ساق الملاحدة اتهاماتهم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم انه كان يصاب بالصرع عند نزول الوحى عليه.

الدكتور احمد محرم -استاذ الحديث بجامعة الازهر يقول: ان الروايات التى تناقلت فى احاديث نزول الوحى على الرسول صلى الله علية وسلم هى معظمها احاديث صحيحة، لأن تنزل الوحى هو اجلال وخشية من الله وكذلك كان يتملك الرسول صلى الله عليه وسلم ماكان يتملكه.

واضاف ان هناك احاديث عديدة عما كان يحدث للرسول صلى الله عليه وسلم عندما يتنزل عليه الوحى، وكان يتملك الرسول مايتملكه من الرعشة ومن احمرار الوجه، وقد وصف يعلى بن امية ماحدث للنبى صلى الله علية وسلم عندما ينزل عليه الوحى بقوله: فاذا النبى محمر الوجه يغط ساعة ثم سرى عنه، فكان يعترى الرسول ماكان يعتريه من نزول الوحى وهذا حديث مثبوت فى البخارى، وهذا الذى كان يحدث للنبى صلى الله علية وسلم من احمرار وجهه ومن تصبب العرق وما كان يتملكه من رعشة وثقل على الابل يعود لأن الله تعالى فى بادئ الامر اخبره قائلا:«انا سنلقى عليك قولا ثقيلا» .

وشدد على ان البشر لايستطيعون تحمل الملائكة لأنه جاء من عند الله تعالى .

وقال ان هذا ما اكده ابن اسحاق عندما قال: ان للنبوة أثقالا ومؤنة لا يحملهما ولا يستطيع لها إلا أهل القوة والعزم من الرسل بعون الله عز وجل, فالنبى بشر، ولكن الله جعله من اولى العزم فكان يتحمل الوحى بعون الله تعالى ولذلك كان يحدث معه ماكان يحدث .

من جهتة يوضح الدكتور احمد السايح -استاذ العقيدة والفلسفة الاسلامية بجامعة الازهر-أن العرب معروفون بذكائهم وتقفيهم الاثر وكانوا يعرفون المصروعين معرفة تامة وكانوا قليلين فى هذا العهد وهم مميزون، ولو كان العرب عرفوا ان النبى صلى الله عليه وسلم يعانى من الصرع ماصدقوه او آمنوا به.. مضيفا: لو أن العرب اشتبهوا ان النبى يعانى من الصرع ماكان تبعه خيار اقوام مكة فى هذا الوقت.

وأوضح ان اعراض الصرع لدى الاطباء معروفة، فلم يرد عن الطب عرض واحد للنبى صلى الله عليه وسلم يماثل اعراض الصرع الموجودة لدى الاطباء، ومن هنا فإنها تثبت فرية هؤلاء الملحدين بأن النبى كان مصابا بالصرع، لأنه ايضا تبين فى حديث المرأة التى وصفت بأنها من اهل الجنة عندما جاءت النبى صلى الله عليه وسلم وقالت: يا نبى الله إنى اصرع واتكشف فادع الله لى فقال لها ان شئت صبرت ولك الجنة وان شئت دعوت الله فيشفيك, وفى هذا ايضا دلالة كبيرة على ان الرسول لم يكن يعانى صرعا لأنها جاءت تستشفى برسول الله فكيف لو كان يشفى الناس لايشفى نفسه؟!

الدكتور أسامة الغنام -استاذ المخ والاعصاب وعميد كلية الطب الاسبق بجامعة الازهر- اكد على ان الصرع له اعراض مختلفة، وتشخيص حالة الصرع لدى اطباء الاعصاب هى معروفة، بأنها اضطرابات متكررة فى الوظائف العصبية للمخ نتيجة اضطراب مستوى الكهرباء، ولها احوال تصيب المريض تسمى بالتشنجات وتصيب المريض بشكل مفاجئ وتأتى اليه فى اوقات مختلفة، وتختلف مدى شدة هذه التشنجات بحسب الاعمار، ومن اهم اعراض الصرع : الهذيان بكلام غير مفهوم، وتشنجات، وإغماء كامل، وكذلك خروج سائل من فم المريض, واصفرار فى الوجه، وفى بعض الاحيان، يصرخ صرخات شديدة بصوت عال .

وقال ان هذه الاعراض معروفة عن مريض الصرع بشكل اساسى فى علم الطب لافتا الى انه لم يرد حتى فى جميع الاحاديث عن عرض واحد عن الرسول من هذه الاعراض .

الدكتور رمضان درويش -استاذ الصحة النفسية بجامعة الازهر- قال ان الصرع نوعان: صرع نفسى، وصرع عضوى، وكلاهما يختلف عن الآخر فى اعراضه، لكنها تتفق فى التشنجات والاغماء، فالصرع النفسى هو الصرع الهستيرى الذى يحدث نتيجة الضغوط الحياتية ممن لهم نفسية مضطربة او متخلخلة وتكثر اصابته فى الفئة قليلة الذكاء والفئة الامية او ذوى الاحتياجات الخاصة، ويأتى الصرع النفسى مصاحبا لامراض اخرى كالقلق او انفصام الشخصية, ولفت الى ان الصرع العضوى هو مرض يشخصه الاطباء العضويون على انه نقص الكهرباء فى المخ ويماثل اعراضه مع الصرع النفسى، إلا ان التشنجات التى تحدث هنا اشد فى العضوى، كأن يقع على الارض ويضرب بقدمه ويغمى عليه، ويهذى بكلام غير مفهوم مع صرخات عالية، واكثر مايحدث مع المصروع أنه يعض على لسانه بشكل شديد، ولايمكنه النطق وقتها وجميع هذه الاعراض لم نسمع ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد عانى بها او ذكرت عنه .

وقال درويش: إن الصرع يخلق بعد ان يفيق من صرعه المريض فجوة كبيرة فى عدم شعوره بما حدث له خلال نوبات الصرع، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشعر بما يقول، وبما يحدث حوله وكان بعد ان يفارقه الوحى يرتل القرآن كما انزل عليه.
الجريدة الرسمية