رئيس التحرير
عصام كامل

تحب تكره الأقباط


للأسف الشديد هناك فصيل متشدد يعمل بجهد منذ سنوات طويلة على بث الفتنة بين المصريين، ويحب أن ينشر الكراهية والبغضاء للأقباط مستغلا حالة الجهل التي تحيط بعقائدهم وكنائسهم وتاريخهم وحضارتهم، والتي تضافر التعليم والإعلام والثقافة على تكريسها، واضعا مجموعة من الأكاذيب التي وجدت صدى في نفوس وأرواح عندها ميل لتصديق هذه الافتراءات، لأن الإنسان عدو ما يجهل وهناك من يفضل أن يظل جاهلا بدلا أن يصدم بنور الحقيقية، فالنور قد يقطع أرزاق كثيرين من تجار التعصب والإرهاب ومستثمرى الكراهية.


لذلك إذا كنت تحب أن تكره الأقباط فعليك أن تصدق أنهم يعبدون ثلاثة آلهة ويعبدون الصليب ويعبدون العذراء، أما إذا كنت تبحث عن حقيقة شركاء الوطن فلتعلم أنهم موحدون بالله يصلى صغيرهم وكبيرهم وكل طوائفهم بقانون إيمان يبدأ بعبارة تقول (بالحقيقية نؤمن بإله واحد)، بل إن رسمهم لعلامة الصليب ينتهى بجملة (إله واحد آمين)، وأى تفاصيل خاصة في عمق عقيدتهم تتعرض لصفات جوهرية في فهمهم للطبيعة الإلهية وليس تعدد آلهة.

وإن كنت تحب أن تكره الأقباط فلتصدق أنهم يخزنون الأسلحة والذخائر بكنائسهم وأديرتهم، أما إذا كنت تعمل عقلك فسوف تتساءل ماهى فائدة تخزين الأسلحة منذ سبعينيات القرن الماضى عندما انتشرت هذه الأكذوبة دون استخدام هذه الأسلحة في التصدى للهجمات المتكررة على كنائسهم وأديرتهم والتي وصلت إلى ذروتها في 14 أغسطس الماضى بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة.

حيث تم حرق وتدمير عدد ضخم من الكنائس يأتى على رأسها الكنيسة الأثرية الرائعة في عمارتها والتي يبلغ عمرها 1600 عام وهى كنيسة العذراء مريم بقرية دلجا بديرمواس، فهل يخزن الأقباط الأسلحة لتحويلها إلى آثار وحفريات لإقامة متحف متخصص في الأسلحة والذخائر التي يجهلون استخدامها أو بيعها بعد ذلك في مزاد علنى؟! وإذا كنت تحب أن تكره الأقباط فلتصدق أنهم يكرهونك لأنك غير مسيحى، أما إذا كنت تعرفهم فعلا سوف تصدق أنهم يحبونك لأنك خليفة الله المخلوق في أحسن تقويم وأن مسيحيتهم توصيهم بالصلاة من أجل كل الناس وتقديم كل الحب للجميع بلا تفرقة، لأن الله محبة والذي لا يحب الإنسان الذي يراه لا يمكن أن يحب الله الذي لا يراه.

وإن كنت تحب أن تكره الأقباط فسوف تصدق مجموعة ضخمة من الأكاذيب السخيفة والتي منها أن كل السيدات المسيحيات غير محترمات وغير محتشمات، وصورتهن الأقرب هي صورة الراقصة شفيقة القبطية كما قدمها فيلم حسن الإمام، كما تحدث أحد شيوخ السلفية وهى كذبة لا تحترم عقل الإنسان ولا الواقع، لأن في كل الأديان هناك الخطأة والأبرار، الأشرار والطيبون ولا يوجد دين سماوى يحض على الرذيلة.

وتستمر حنفية الأكاذيب التي تتراوح بين التراجيديا والكوميديا ومنها أنه لا يوجد شحاذ مسيحى وأن الأقباط لا يستحمون بعد ممارسة الجنس، وأن هناك شبكات تنصير تخطط لخطف البنات المسلمات..إلخ، وهى أكاذيب تنتشر بصورة أكبر في القرى والأرياف وتدعمها العزلة وأسوار الجهل وقبور الآخر، وهو مصطلح قمت بصياغته ساخرا من مصطلح قبول الآخر الذي انتشر بقوة في بداية الألفية، ووجدت أن التعبير عنه بمجرد كلمات لا وقائع وأفعال.. لذلك فقبور الآخر تقوم على الجهل والتجاهل والخوف من معرفته.
الجريدة الرسمية