رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة توشيبا من التأسيس إلى الانهيار.. قراران خاطئان أبرز أسباب السقوط.. وفضيحة التواطؤ مع الحكومة دقت المسمار الأخير في نعش الأسطورة اليابانية

شركة توشيبا
شركة توشيبا
18 حجم الخط

لأكثر من ثمانية عقود، كانت شركة توشيبا واحدة من أبرز رموز القوة الصناعية والتكنولوجية الياباني، واسما مألوفا في منازل العالم بفضل منتجاتها الإلكترونية المبتكرة. 

لكن هذه الإمبراطورية العملاقة شهدت انهيارا دراماتيكيا، تحولت معه من شركة رائدة إلى ما وصفه المحللون بـ "الشركة الزومبي"، أي التي تستمر في العمل رغم موتها ماليا.

البدايات والصعود كعملاق عالمي

تعود جذور توشيبا إلى عام 1939، عندما نتجت عن اندماج شركتين يابانيتين رائدتين، حيث نمت الشركة بسرعة في فترة ما بعد الحرب، لتصبح قوة دافعة في صناعة الإلكترونيات اليابانية.

إنجازات تاريخية رائدة

تميزت توشيبا بروح الابتكار التي جعلتها أول من يطلق منتجات شكلت علامات فارقة في السوق العالمية، حيث أطلقت أول جهاز لابتوب في العالم خلال عام 1985 موديل T1100، كما كانت رائدة في مجالات الترانزستورات، وذاكرة الفلاش، كما طورت أول جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) في العالم.

التنوع والانتشار العالمي

في ذروة مجدها، امتلكت توشيبا مجموعة أعمال شاملة تضم الأجهزة الرقمية والإلكترونية، والأجهزة المنزلية، ناهيك عن أنظمة السكك الحديدية، المعدات الطبية، وأنظمة الطاقة، وأشباه الموصلات ورقائق الذاكرة، حيث أصبحت ثاني أكبر مصنع لرقائق ذاكرة NAND في العالم بعد سامسونج.

كانت توشيبا شركة شاملة، حيث وصلت إيراداتها في فترة من الفترات إلى 6 تريليون ين، وعمل لديها أكثر من 200 ألف موظف حول العالم.

بداية النهاية.. قراران مصيريان خاطئان

بدأت ملامح الأزمة تظهر بعد عام 2005، حيث عانت الشركة من ركود في النمو والربحية دام لعقد من الزمن، ففي محاولة يائسة للهروب من هذا الركود، اتخذت الإدارة قرارين استراتيجيين كلفاها كل شيء لاحقا.

القرار الأول يتمثل في الرهان الكارثي على الطاقة النووية خلال عام 2006، حيث دفعت توشيبا مبلغا ضخما قدره 5.4 مليار دولار للاستحواذ على حصة أغلبية في شركة وستنجهاوس الكهربائية الأمريكية، المتخصصة في بناء المفاعلات النووية، كان الهدف أن تصبح توشيبا أكبر شركة لبناء المرافق النووية في العالم.

وفشل هذا الرهان بسبب كارثة فوكوشيما التي حدثت في 2011، حيث تسببت الكارثة النووية في اليابان في تغير المواقف العالمية تجاه الطاقة النووية وتشديد التنظيمات، مما أدى إلى ركود في السوق، ناهيك عن تجاوزات التكاليف والتأخيرات، مما تسبب في إعلان وستنجهاوس إفلاسها في مارس 2017، تاركة لتوشيبا التزامات وخسائر تجاوزت 6 مليارات دولار، وهو ما وصفه رئيس توشيبا لاحقا بأنه قرار غير حكيم.

أما القرار الثاني، وهو فواتير قطار الابتكار التكنولوجي، فبينما كانت توشيبا منشغلة بمغامرتها النووية، فوتت فرصا تاريخية في قطاعات تكنولوجية ناشئة، مثل ثورة الهواتف الذكية، وفقدان التنافسية في الأسواق التقليدية مثل الحواسيب والتلفزيونات، خسرت توشيبا حصتها السوقية لصالح منافسين أكثر ابتكارا وتركيزا.

فضائح مدوية وسقوط الثقة

إذا كانت الاستثمارات الخاسرة تضعف الجسد المالي، فإن الفضائح الأخلاقية والإدارية هي التي دقت المسمار الأخير في نعش ثقة المستثمرين.

فضيحة المحاسبة الكبرى 2015

كشفت تحقيقات هيئة الرقابة المالية اليابانية أن إدارة توشيبا عمدت إلى تضخيم أرباحها على مدى سبع سنوات (من 2008 إلى 2014)، حيث بلغ إجمالي الأرباح الوهمية حوالي 1.59 مليار دولار، نتيجة ممارسة الإدارة العليا ضغوطا على وحدات العمل لتحقيق أهداف ربحية غير واقعية، مما دفع المديرين لاستخدام أساليب محاسبية غير قانونية للتلاعب بالتقارير المالية، مما تسبب في استقالة الرئيس التنفيذي وثمانية من كبار المديرين، وغرمت الشركة ملايين الدولارات، وانهارت ثقة المساهمين بشكل كامل.

فضيحة التواطؤ مع الحكومة 2021

كشف تحقيق مستقل عن قيام إدارة توشيبا بالتواطؤ مع وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية لقمع أصوات المستثمرين الأجانب، ومنعهم من التأثير على قرارات الشركة، وذلك لأن الحكومة اليابانية كانت ترى في توشيبا أصلا استراتيجيا وطنيا، وهذه الفضيحة لم تهز صورة توشيبا فقط، بل ألقت بظلالها على سمعة بورصة طوكيو بأكملها.

 بيع الأصول والخروج من السوق

لم تجد توشيبا مفرا من تفكيك نفسها لسداد الديون والبقاء على قيد الحياة، حيث حرصت خلال الفترة 2016-2018، على قيام الشركة ببيع وحداتها المربحة واحدة تلو الأخرى.

الاستحواذ والخصخصة 2023

وبعد صراعات مستمرة مع المساهمين، وافقت توشيبا في النهاية على عرض استحواذ بقيمة 14 مليار دولار من اتحاد استثماري ياباني بقيادة شركة الاستثمار اليابانية (JIP) المدعومة من الدولة، حيث تم شطب سهم توشيبا من بورصة طوكيو في عام 2023، منهيا 74 عاما من التداول العام، وتحولت الشركة إلى ملكية خاصة.

نهاية قصة "توشيبا العربي" في مصر

ارتبط اسم توشيبا في السوق المصرية والعربية منذ الثمانينيات بمجموعة العربي، التي كانت الشريك الحصري للعلامة في تصنيع وتسويق الأجهزة المنزلية والإلكترونية.

ففي ذروة انتشار توشيبا عالميا، عززت الشركة اليابانية ومجموعة العربي شراكتهما في 2011 بتوقيع اتفاقية لإنشاء مشروع مشترك لتصنيع شاشات LCD التلفزيونية في مصر، وكان من المقرر أن يصبح أحد أكبر مصانع التلفزيون في الشرق الأوسط وأفريقيا.

ومع تدهور أوضاع توشيبا العالمية، أعلنت مجموعة العربي في أواخر عام 2024 عن إنهاء جميع التعاقدات الصناعية والتجارية مع علامة توشيبا للأجهزة المنزلية بنهاية عام 2025.

أسباب أزمة توشيبا العالمية 

وقال المهندس حسن مبروك، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات المصرية، إن الأزمة التي تواجهها شركة توشيبا العالمية ترجع بالأساس إلى تراجع اهتمامها بصناعة الإلكترونيات، واتجاهها إلى مجالات صناعية أخرى بعيدة عن نشاطها الرئيسي، وهو ما أفقدها قدرتها على المنافسة في سوق سريع التطور.

وفيما يتعلق بإنهاء مجموعة العربي التعاقد مع علامة «توشيبا»، وإعلانها ضخ استثمارات كبيرة في تصنيع الأجهزة المنزلية، أكد مبروك أن هذا القرار ليس جديدا ولم يكن مفاجئا، مشيرا إلى أن انتهاء التعاون كان مجدولا منذ فترة.

وأوضح رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية أن «توشيبا» أصبحت تضم تحت مظلتها علامات تجارية أخرى مثل مايديا وتورنيدو المصرية، ما ساهم في إعادة هيكلة أنشطتها عالميا، وانعكس على شراكاتها في بعض الأسواق، من بينها السوق المصري.

وأشار، إلى أن مجموعة العربي قد تتأثر نسبيا جراء هذا الانفصال، نظرا لارتباط اسم «العربي» بعلامة «توشيبا» لسنوات طويلة داخل السوق المحلي، إلا أن السوق المصري يشهد في الوقت نفسه تواجدا قويا لعلامات تجارية عالمية متعددة في قطاع الأجهزة الكهربائية، ما جعل المنافسة مفتوحة وواسعة.

وأكد، على أن العربي مع توشيبا يختلف عن العربي بدونها، مشددا في الوقت ذاته على قدرة المجموعة على التكيف مع المتغيرات، خاصة في ظل توسعها الاستثماري وخبرتها الطويلة في السوق المصري.

العربي توضح أسباب إنهاء التعاقد مع توشيبا

ومن جانبه أوضح المهندس محمد العربي، رئيس مجموعة العربي، أن انتهاء التعاقدات مع توشيبا للاجهزة المنزلية، يأتي في إطار التطور الطبيعي لعالم الأعمال وإعادة هيكلة الشراكات الدولية، وأن المجموعة ستظل ملتزمة التزاما كاملا بتقديم خدمات ما بعد البيع لجميع المنتجات المباعة بضمان العربي.

المهندس محمد العربى 
المهندس محمد العربى 

وأضاف، أن العربي  حافظت دائما على علاقات محترفة وقوية وذات ثقة  مع جميع شركائها حول العالم  لافتا الى أن نجاحنا لم يكن يوما مرتبطا بعلامة واحدة فلقد قمنا بإنشاء أكبر مركز بحوث وتطوير في الشرق الأوسط باستثمارات تجاوزت 3 مليار جنيه لتصميم وتطوير الأجهزة المنزلية والالكترونية وغيرها.

وأشار إلى أن التوسع الاستثماري والصناعي المحلي أو الشراكات الدولية الجديدة شملت أبرز الاتفاقيات والمشروعات استثمارات تقارب النصف مليار دولار لإنتاج وتصنيع الأجهزة المنزلية ومكوناتها بالتعاون مع الشركات العالمية.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية