مفتي الجمهورية يحسم الجدل حول حكم شراء الأصوات الانتخابية
أجاب الدكتور نظير محمد عياد مفتي الجمهورية، عن مسألة حكم شراء الأصوات الانتخابية، فقد ورد إليه سؤال يقول: "ما حكمُ شراءِ الأصواتِ الانتخابيَّةِ بدفعِ المالِ للناخبينَ بقصدِ التأثيرِ في اختيارِهم؟ وهل يُعَدُّ ذلك من الرِّشوةِ المحرَّمةِ شرعًا؟".
الأمر بتولية الأصلح والأكفأ في الشريعة الإسلامية
وقال مفتي الجمهورية إن الشرعُ الشريفُ حث على أن تُناطَ أمورُ الناسِ بالأصلحِ والأكفأ، وأن يُقدَّمَ في مواقعِ الولايةِ والمسؤوليةِ من توفَّرت فيه مقوِّماتُ الأمانةِ والكفاية؛ لما في ذلك من تحقيقِ الصلاحِ العام، وانتظامِ مصالحِ العبادِ والبلاد، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، ويدخل في الأمر بأداء الأمانة اختيارُ من يُناط به أمر الناس، لأنَّ ذلك من أعظم الأمانات وأخطرها أثرًا.

قال الإمام علاء الدين الخازن في "لباب التأويل" (1/ 391، ط. دار الكتب العلمية) في تفسير هذه الآية: [قيل: إنَّ الآية عامَّة في جميع الأمانات، ولا يمتنع من خصوص السبب عموم الحكم، فيدخل في ذلك جميع الأمانات التي حملها الإنسان] اهـ.
حكم شراء الأصوات الانتخابية
وأوضح عياد أن الانتخابات: هي العملية التي يُخوَّل بموجبها المواطنونَ المستوفون الشروط القانونية بالمشاركة في اختيار شاغلي المناصب العامة أو النيابية عن طريق الاقتراع، أو بالمشاركة في الاستفتاءات العامة، وذلك وفقًا للقوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية.
وأمَّا دفع المال للناخبين بقصد شراء أصواتهم والتأثير في اختيارهم فإنَّه يعدُّ من قبيل الرِّشوَة، والتي هي عبارة عن: "ما يعطى لإبطال حقٍّ، أو لإحقاق باطل"، كما في "التعريفات" للشريف الْجُرجاني (ص: 111، ط. دار الكتب العلمية).
والرِّشوَة محرَّمةٌ شرعًا بنصوص الوحيَين الشريفين، قال الله تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: 42]، والسُّحتُ: هو الرِّشوَة، كما في "مفاتيح الغيب" للإمام فخر الدين الرازي (11/ 361، ط. دار إحياء التراث العربي).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرتَشِيَ» أخرجه الأئمة: أبو داود والترمذي ابن ماجه، وفي رواية زيادة: «وَالرَّائِشَ» أخرجه الإمام أحمد عن ثوبان.
والرَّائِش: هو الوسيط الذي يسعى بين الراشي والمرتشي لإتمام أمر الرِّشوَة وتسهيله، كما في "فيض القدير" لزين الدين المُناوي (5/ 268، ط. المكتبة التجارية).
وقد عدَّ الإمام شمس الدين الذَّهَبي الرِّشوَة من جملة الكبائر، كما في كتابه "الكبائر" (ص: 131، ط. دار الندوة)، وتابَعَه على ذلك شيخ الإسلام ابن حجر الهَيتَمِي، كما في كتابه "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 312، ط. دار الفكر).
مدى اعتبار التصويت بمقابل مادي من قبيل شهادة الزور
يُعَدُّ تصويتُ الناخب لمرشَّحٍ معيَّنٍ في مقابلِ ما يُعطَى من مالٍ أو منفعةٍ من قبيلِ شهادةِ الزور، و"هي أن يشهد بما لم يعلم، وإن وافق الواقع"، كما في "الفواكه الدواني" للإمام شهاب الدين النَّفراوي (2/ 278، ط. دار الفكر).
وإنما عُدَّ من قبيل شهادة الزور؛ لأنَّ التصويتَ في حقيقته شهادةٌ على أمانةِ المرشَّح وصلاحِه لتولِّي الشأنِ العام، فإذا أُدِّيَ لمجرَّد الحصول على مالٍ أو منفعةٍ كان زُورًا؛ لما فيه من تزييفٍ للحقائقِ، وإفسادٍ لمقصودِ الشهادةِ، وغشٍّ للأمَّةِ في مصالحِها العامَّة.
وقد نهى الشرع الشريف نهيًا شديدًا عن قول الزُّورِ والعملِ به، ورتَّب عليه الإثم العظيم والنكال الشديد؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج:30].
كما عدَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أكبر الكبائر، فعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَلَا أُنَبِّئُكُم بِأَكبَرِ الكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا»، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الإِشرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ»، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: «أَلَا وَقَولُ الزُّورِ»، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَلَا أُنَبِّئُكُم بِأَكبَرِ الكَبَائِرِ؟» قَالَ: «قَولُ الزُّورِ» أَو قَالَ: «شَهَادَةُ الزُّورِ» متفق عليه.
قال الإمام شهاب الدين النَّفراوي في "الفواكه الدواني" (2/ 278): [حُرمة الزُّور ثابتةٌ بالكتاب والسُّنة وإجماع الأمة] اهـ.

الأضرار العامة المترتبة على شراء الأصوات الانتخابية
وأكد أن شراء الأصواتِ الانتخابيَّةِ يَجرُّ ضررًا بالغًا بعمومِ الناس؛ إذ يؤدِّي إلى توليةِ غيرِ الأكفاء، وتمكينِ من لا يَصلحُ لتدبيرِ الشأنِ العام، وإقصاءِ الأمناءِ الأكفاءِ، وهو ما يفضي إلى فسادِ الإدارةِ، وضياعِ الحقوقِ، وتعطيلِ مصالحِ العبادِ والبلاد، وإلحاق الضرر بالناس منهيٌّ عنه شرعًا، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ استَعمَلَ رَجُلًا مِن عِصَابَةٍ وَفِي تِلكَ العِصَابَةِ مَن هُوَ أَرضَى للهِ مِنهُ، فَقَد خَانَ اللهَ، وخانَ رَسُولَهُ، وخانَ المُؤمِنِينَ» أخرجه الإمام الحاكم.
فهذا الحديثُ يدلُّ على وجوب تولية الأصلح والأجدر في مواقع الولاية والمسؤولية، وعلى أنَّ تولية من لا يستحقُّ الولايةَ خيانةٌ للأمانةِ التي أمرَ اللهُ تعالى بأدائها، وإخلالٌ بمقصد الشريعة في تحقيق الصلاح العام.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَضَى أَن لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه الإمام ابن ماجه.
وعن أبي صِرمَةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن ضَارَّ ضَارَّ اللهُ بِهِ، وَمَن شَقَّ شَقَّ اللهُ عَلَيهِ» أخرجه الأئمة: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
قال المُلَّا علي القَارِي في "مرقاة المفاتيح" (8/ 3156، ط. دار الفكر): [الضرر يشمل البدني، والمالي، والدُّنيوي، والأُخرَوي] اهـ.
العقوبة القانونية لشراء الأصوات الانتخابية في قانون مباشرة الحقوق السياسية
قد نصَّت المادة رقم (65) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم (45) لسنة 2014م، على أنَّه: [1- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بأيٍّ من الأفعال الآتية:... ثانيًا: أعطى آخر أو عرض أو التزم بأن يعطيه، أو يعطي غيره فائدة، لكي يحمله على الإدلاء بصوته، على وجه معيَّن أو الامتناع عنه، وكل من قَبِل أو طلب فائدة من ذلك القبيل لنفسه أو لغيره] اهـ.

حكم شراء الأصوات الانتخابية
وأوضح عياد أنه بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال، فيَحرُم شرعًا شراءُ الأصواتِ الانتخابيَّةِ بدفعِ المالِ للناخبينَ، وهو من الرِّشوَة المعدودة في الكبائر، كما يُعَدُّ تصويتُ الناخب لمرشَّحٍ معيَّنٍ في مقابلِ ما يُعطَى من مالٍ أو منفعةٍ من قبيلِ شهادةِ الزور، بالإضافة إلى أنَّ هذا الفعل يجرُّ ضررًا عامًّا بالناس، وإلحاق الضرر بالناس منهيٌّ عنه ومُحرَّمٌ شرعًا.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
