رئيس التحرير
عصام كامل

صراع المؤسسات يعيد تشكيل خريطة التحالفات في ليبيا.. الشريف: ردع الفصائل الخارجة عن القانون “ضرورة”.. وحتيتة: هناك خلافات غير معلنة بين حفتر وعقيلة صالح

الجيش الليبي
الجيش الليبي
18 حجم الخط

في ظل استمرار حالة الجمود السياسي التي تعيشها الدولة الليبية منذ سنوات، ومع غياب أي مؤشرات تُنذر بقرب انفراج الأزمة، تجددت الدعوات المطالِبة بتحريك الشارع الليبي عبر حراك سلمي منظم، إلا أن اللافت هذه المرة هو أن الدعوة جاءت على لسان المشير خليفة حفتر نفسه.

وجاءت تصريحات المشير حفتر خلال لقائه بمشايخ وأعيان مدينة ترهونة، حيث قال: “في هذه المرحلة المفصلية التي نقف عندها، لا نملك إلا أن نلفت نظر الشعب الليبي إلى أن موعد حراكه السلمي المنظم لتقرير مصيره قد حان، فالانتظار لم يعد خيارًا مقبولًا بعد سنوات من محاولات فاشلة لإخراج البلاد من أزمتها”.

وجدد حفتر تأكيده أن المخرج الوحيد من الأزمة لن يكون إلا بإرادة الشعب، في دعوة تُعيد تسليط الضوء على دور الشارع في صياغة الحلول السياسية بعد سنوات من التجاذبات بين المبادرات المحلية والتفاهمات الخارجية.

ووجه المشير حفتر في خطابه رسائل سياسية واضحة مفادها أن الأوضاع في ليبيا لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل، وأن الليبيين باتوا مخيّرين بين الدولة أو الفوضى، وبين السيادة أو التبعية، وبين النهضة والتقدم أو الفقر والتخلف، وهي إشارات تفيد بأن المرحلة المقبلة تتطلب موقفًا شعبيًا حاسمًا تجاه مصير البلاد، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والصراعات الحزبية.

وأضاف أن الشعب الليبي لن يقبل بأن يتحول وطنه إلى ساحة صراع على السلطة والثروة، أو مجالًا للفساد ونهب المال العام، داعيًا الليبيين إلى رفع “الضوء الأحمر” في وجه كل من يحاول فرض الوصاية على قراراتهم.

وأكد حفتر أن القوات المسلحة الليبية ليست الجهة المخولة باتخاذ القرار الحاسم بشأن مستقبل البلاد، معتبرًا أن هذا القرار يعود للشعب وحده، خاصة بعد فشل كل الجهود السياسية في الوصول إلى تسوية تُنهي الأزمة.

كما شدد على أن القيادة العامة للجيش الليبي لا تسعى لاحتكار القرار، بل ترى أن الشعب الليبي هو صاحب الحق الأصيل في تقرير مصيره، داعيًا المواطنين إلى ممارسة هذا الحق بشكل سلمي ومنظم، بعيدًا عن الفوضى والعنف.

وبعد هذه الخطوة التي اتخذها المشير خليفة حفتر، ودعوته العلنية لتحرك سلمي شعبي، بدأت التساؤلات تتزايد حول طبيعة هذه الدعوة وأسباب توقيتها، إضافة إلى موعد الحراك المتوقع ومكان انطلاقه، وسط مراقبة مشددة للمشهد السياسي في البلاد.

وردًا على تلك التساؤلات، قال محمد فتحي الشريف، رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات والباحث المتخصص في الشؤون الليبية، إن الدعوات المتصاعدة لتفويض الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ليست مجرد خطوة سياسية، بل هي صرخة شعب أنهكته الفوضى ويبحث عن استعادة الدولة من جديد.

وأضاف أن السنوات الماضية أثبتت أن ليبيا تحتاج إلى قائد قوي قادر على فرض الأمن وتوحيد المؤسسات وردع الفصائل الخارجة عن القانون، مؤكدًا أنه لا أحد اليوم يحمل هذا الثقل الوطني كما يحمله المشير حفتر.

فمنذ انطلاق عملية الكرامة، وضع حفتر أساسًا للأمن والاستقرار في الشرق الليبي، وأعاد بناء مؤسسة عسكرية كانت منهارة بالكامل بعد سنوات من الانقسام والصراع.

ورغم محاولات التشويه والحصار السياسي، ظل ثابتًا على موقفه، مؤمنًا بأن ليبيا لا يمكن أن تنهض من جديد من دون جيش موحد وقيادة وطنية صلبة تحمي البلاد من الانزلاق نحو الفوضى.

وأوضح الشريف أن الدعوة لتفويض الجيش اليوم ليست مغامرة سياسية، بل تمثل إعادة ثقة بين الشعب والمؤسسة العسكرية، فهي خطوة شجاعة تعيد القرار إلى يد الليبيين أنفسهم بدل انتظار تسويات خارجية لا تنتهي.

كما أن نجاح هذه الدعوة يعني عدة نقاط مهمة:

١ـ فرض الأمن والقضاء على الميليشيات المسلحة.

٢ـ إنهاء الفوضى السياسية التي عطلت الانتخابات.

٣ـ توحيد القرار الوطني تحت قيادة قوية ومؤهلة.

٤ـ حماية الثروات الليبية التي تعرضت للنهب طوال سنوات الارتباك السياسي.

فالمشير خليفة حفتر اليوم -بحسب الشريف- لا يمثل فصيلًا، بل يمثل مشروع دولة ومشروع أمن ومشروع سيادة، فالرجال الذين أعادوا بناء جيش من الصفر وقادوا معارك الدفاع عن الوطن، هم وحدهم القادرون على نقل ليبيا من مرحلة الانقسام إلى مرحلة الاستقرار.

وتابع أن دعم دعوات التفويض ليس دعمًا لشخص بحد ذاته، بل هو دعم لمسار وطني واضح يقوم على دولة واحدة وجيش واحد وقيادة قادرة على اتخاذ القرار عند المنعطفات الحاسمة.

ولهذا، يرى الشريف أن المرحلة الحالية تتطلب من الليبيين الوقوف خلف جيشهم وقائدهم ودعم هذه الدعوة بكل قوة، لأن ليبيا -ببساطة- لم تعد تحتمل مزيدًا من العبث السياسي.

ومن جانبه أوضح عبد الستار حتيتة، الكاتب المتخصص في الشأن الليبي، خلفيات دعوة المشير خليفة حفتر للشعب الليبي بالتحرك السلمي، معتبرًا أنها محاولة لكسر حالة الجمود السياسي وتأكيد دور الشارع بعد تعثر المسارات السياسية طوال السنوات الماضية.

وأضاف حتيتة أن المشير خليفة حفتر يواجه مأزقًا حقيقيًا، بعدما ضاقت الخيارات من حوله على المستويين السياسي والاقتصادي، ما دفعه، بحسب تقديره، إلى إعادة النظر في تحالفاته واتجاهاته داخل المشهد الليبي.

أما على الصعيد السياسي، فأشار إلى وجود خلافات عميقة لكنها غير معلنة تدور “من تحت الطاولة” بين قائد الجيش الوطني الليبي المشير حفتر ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، وهو ما دفع حفتر -على حد قوله- إلى الاقتراب من الشعب والابتعاد تدريجيًا عن مجلس النواب.

وتابع أن الوضع الاقتصادي بدوره يشهد توترات متصاعدة تتعلق بمئات الملايين من الدنانير، وسط تساؤلات تتعلق بآليات طباعة هذه العملات ومكان طباعتها والجهات التي صرفت لها، ويضاف إلى ذلك جهود البعثة الأممية في تشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات بشروط قد تُبعد المشير حفتر عن الموقع الذي ظل يطمح إليه، وهو رئاسة ليبيا.

واختتم حتيتة بالإشارة إلى أن مجموع هذه العوامل قد يخرج قائد الجيش الوطني من معادلة تقاسم السلطة، الأمر الذي دفع المشير حفتر -وفق رؤيته- إلى اللجوء لخيار دعوة الشعب إلى تحرك سلمي لإعادة ترتيب المشهد.

ولابد من الإشارة مرة أخرى إلى أن خطاب المشير حفتر يأتي في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين الحكومة المكلفة من مجلس النواب وبعثة الأمم المتحدة، إذ تقدم رئيس الحكومة أسامة حماد بشكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، متهمًا المبعوثة هانا تيتيه بارتكاب مغالطات في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن، إضافة إلى اتهامها بالتدخل في شئون المفوضية العليا للانتخابات ومحاولة فرض آليات لتشكيل مجلسها دون الرجوع إلى الحكومة.

وتأتي هذه التطورات في ظل انسداد سياسي غير مسبوق تعيشه ليبيا، مع استمرار الخلافات حول القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ ديسمبر 2021، رغم تعدد المبادرات الدولية والإقليمية من جنيف إلى القاهرة وبوزنيقة وطرابلس، دون أن تنجح أي منها في تحقيق توافق حول توزيع السلطة أو تشكيل قيادة موحدة أو إدارة الثروة النفطية.

وتمثل الدعوات المتكررة للحراك السلمي شكلًا من أشكال الضغط على الأطراف السياسية من أجل إحداث تغيير ملموس بعيدًا عن تفاهمات الخارج وصفقات النخبة، في وقت تبحث فيه البلاد عن مخرج حقيقي من أزمتها الممتدة.

ومن منظور القيادة العامة وفي ظل هذا الانسداد، فإن أي حراك شعبي منظم قد يشكل عامل ضغط إضافيًا لدفع الأطراف نحو القبول بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، شريطة أن يكون هذا الحراك غير مؤدلج ولا يدعم أي طرف، بل يهدف فقط إلى دعم مسار الانتخابات وضمان أن تكون عادلة وشفافة ونزيهة.

ولابد من التأكيد في الختام على أن المشير خليفة حفتر لم يحدد في دعوته موعدًا أو مكانًا أو خطوات عملية، ما يجعلها دعوة عامة مفتوحة أمام الليبيين للمشاركة بشكل سلمي لتحريك المياه الراكدة في الأزمة الليبية.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية