رئيس التحرير
عصام كامل

ندوة «فيتو» حول «إدارة الأزمات» تطالب بمنظومة إعلامية جديدة لمخاطبة الغرب

فيتو

اللواء خالد مطاوع:
  • الصحفيون يصلون إلى معلومات سرية قبل أجهزة الأمن
  • نرصد سقطات الأمن وننبه الأجهزة بعيداً عن وسائل الإعلام 
  • التفاعل المعلوماتي بين الشعب والشرطة ضرورة لرصد الشائعات وتوضيح الحقائق 
  • أئمة من القوات المسلحة للفضائيات ونشر الإسلام الوسطي

د.صلاح قبضايا:
  • لا ضرورة لوزير الإعلام ويجب تحرير ماسبيرو والصحف القومية من قبضة الدولة
  • حديث وسائل الإعلام داخليا وخارجيا غير مهني
  • يهود اشتروا "اشوسيتد برس" لمنع العرب من تملكها
  • "الشرق الأوسط" حاولت التحدث باللغة الأجنبية وفشلت

استضاف صالون "فيتو" اللواء خالد مطاوع، الخبير الأمنى والإستراتيجي، والدكتور صلاح قبضايا، الكاتب الصحفي الشهير، في ندوة لمناقشة "دور الإعلام في إدارة الأزمات"، وكيف تساهم وسائل الإعلام في حل الأزمات التي تمر بها الدولة وتكون لسان حالها في الخارج، وتطرق الحوار إلى فشل الدول العربية في إنشاء وسائل إعلام أجنبية تتحدث بلسانها وتوضح مواقفها للعالم الخارجي، ومناقشة دور الأجهزة الأمنية في إدارة الأزمات، وضرورة إلغاء منصب وزير الإعلام وتحرير الصحف القومية وماسبيرو من قبضة الدولة، وفشل سفاراتنا بالخارج وهيئة الاستعلامات في مخاطبة العالم باللغة التي يفهمونها.
بداية قال اللواء خالد مطاوع، الخبير الإستراتيجي: إننا نرصد السلبيات التي تصدر من الأجهزة الأمنية، ويجب إيضاحها بعدة طرق غير علنية، ليس من خلال وسائل الإعلام، ولكن بإرسال مذكرة تحتوى على النقاط التي يجب أن ينتبه إليها الأمن، لأننا الآن في مرحلة بناء جسر الثقة بين الشرطة والشعب.
وأشار إلى ضرورة التفاعل المعلوماتى وليس الأمنى بين الشعب والشرطة، من خلال رصد الشائعات التي تؤثر في الرأى العام، حتى لا يقع الشعب فريسة لها، وهذا بهدف توضيح الحقيقة.
وشدد على ضرورة تحليل الأحداث، قائلا: في يوم واحد تم إحراق أربع كنائس، إذن كان هناك استهداف لأقسام الشرطة والكنائس، لذا لابد من النظر إلى الدلالات المكانية والتوقيتية، ويجب على أقباط الخارج الذين لديهم مصادر معلومات داخل مصر أن يقوموا بتحليل الأحداث وعدم نقلها مجردة، فعلى سبيل المثال نجد الجميع يتحدث عن القتلى دون انتظار التقارير الصادرة من الطب الشرعي، ومن الممكن أن تثبت التقارير أسباب الوفاة كالاختناق من قنابل الغاز أو الوفاة نتيجة عمليات التدافع.

الأزهر والجيش والجماعة الإسلامية
وأكد "مطاوع " أن القوات المسلحة في الفترة القادمة سوف تأتى بعدد من الأئمة العقلاء لإلقاء الدروس الدينية في القنوات الفضائية، وشدد على ضرورة تعظيم دور الأزهر في المناطق التي بها نفوذ سلفي أو إخواني من خلال ندوات توعوية، مشيرا إلى دور الجماعة الإسلامية في الفترة الأخيرة التي راجعت موقفها، لذا فمنذ 21 يوليو الماضي شهدت الجماعة الإسلامية انشقاقات في صفوفها، فهناك من التزم بهذه المراجعات، وآخرون ارتدوا عن موقفهم وعادوا إلى سيرتهم الأولى، وبصفة عامة لا بد من ظهور الشخصيات الدينية الوسطية بجوار شيخ الأزهر في وسائل الإعلام وضرورة احترامه.
وأضاف مطاوع أن جهاز أمن الدولة لم يكن سيئا بالدرجة التي يفهمها البعض، فقد كان يرعى من خرجوا من سجونه ماديا، طالما لا يوجد له مصدر رزق، موضحا أن المحامى ناجح إبراهيم، عضو الجماعه الإسلامية، تولاه أمن الدولة ماديا بعد خروجه، وأرسل له العديد من القضايا حتى تكون مصدر دخل له، ومثل هذه الشخصيات التي التزمت بالمراجعات الفكرية تساعدهم الدولة ويجب تعظيم دورهم، وعند حديث الأزهر عن المراجعات الفكرية يجب أن يستعين ببعض الشخصيات مثل حمدي عبد الرحمن وناجح إبراهيم، وذلك لمحاربة الفكر بالفكر.

الصحافة والمخابرات
وأوضح خالد مطاوع أن كل محاور العمليات الإجهاضية للأزمات يجب أن تبدأ بمعلومة – مثلا - عن خروج مسيرة ستحاصر البنك المركزى لاقتحامه، فعلى الفور يجب أن تعلم الجهات الأمنية أن المسيرة من الممكن أن تتطور وتؤدى إلى حرق البنك، ومن الضرورى تفرقتها قبل وصولها، وأضاف اللواء خالد مؤكدا أن لديهم في جهاز المخابرات مبدأ أن الصحافة والمخابرات يكملان بعضهما البعض، وعموما يصل بعض الصحفيين للمعلومات السرية قبل المخابرات، وهو ما حدث فعلا أيام موجات الإرهاب، فقد كان للصحفيين مصادرهم.
وعن دور الإعلام بعد ثورة 30 يونيو يقول مطاوع: يوجد قصور في التغطية الإعلامية بالخارج، ويجب بناء منظومة تخاطب الغرب لوصف ما يحدث في مصر وتوصيل الصورة الصحيحة.

تحرير ماسبيرو وإلغاء وزارة الإعلام
وأوضح الدكتور صلاح قبضايا، الكاتب الصحفي، أن حديث وسائل الإعلام مع الداخل والخارج أمر غير مهني، لافتا إلى ضرورة وجود أكثر من لغة للتخاطب، فاللغة التي نخاطب بها شرق آسيا غير اللغة التي نخاطب بها الغرب، وكذلك داخليا، وتعدد وسائل الإعلام ضرورة وأيضا تحرير المؤسسات القومية من ملكيتها للدولة، وتعجب قبضايا من وجود وسائل إعلام مملوكة للدولة حتى الآن ووزير إعلام لهذه المنظومة، وشدد على ضرورة اتخاذ قرارات جريئة لتحرير ماسبيرو من هيمنة الدولة، وقال إن لدينا النموذج الغربى مثل "بى بى سى"، فهي شركة ولها مجالس إدارة.

وأكد أن الدولة تدعى أن وسائل الإعلام المملوكة لها هي ملك للشعب، ولكن ما حدث بعد تأميمها فقد كان الشعب - ممثلا في الاتحاد الاشتراكي- ولا يسمح للصحفي أن يمارس المهنة دون أن يكون عضوا في الاتحاد الاشتراكي، وفي الواقع كانت الصحف ملكاً لجمال عبد الناصر، وبعده انتقلت الملكية إلى أنور السادت بالميراث غير الشرعي.
وأشار إلى أن من إحدى المهازل أنه كان يتم اختيار الأمين العام بالتزكية، ويذكر طرفة بقوله: كان هناك اجتماع للمجلس الأعلى للصحافة، وجلسنا قبلها مع رئيس المجلس، وقال لنا إن الأمين العام للمجلس هو جلال عيسى، وفوجئنا أن من رشح نفسه هو جلال دويدار، وعلمنا بعد ذلك أن التعليمات اختلفت بسبب موقف لجلال عيسى لم يرض القيادات، وتم ذكر اسم جلال دويدار لمجرد أن اسمه جلال!
وشدد على ضرورة اعتراف الجميع بأن الملكية افتراضية وليست ملكية شركات، وهو حال الصحف الخاصة، ومن أجل أن يقوم الإعلام بدوره يجب أن نقف على ما يحدث في الواقع الإعلامي، واصفا إياه بـ" التمثيلية السخيفة" التي ما زالت موجودة الآن في القنوات الفضائية والصحف خاصة المؤسسات القومية.

الإعلام والخارج
وأوضح قبضايا أنه من الضرورى وجود إعلام يتحدث للخارج بمهنية وموضوعية، ولكن الصيغة الموجودة الآن في وسائل الإعلام لا تلقى احتراما، فالجميع يعرف أن معظم وسائل الإعلام تتحدث بأسماء أصحابها.
وأشار إلى أننا استطعنا بالفعل إيجاد صيغة لإنشاء وسائل إعلام تتحدث للخارج في عام 1952، فقد أنشئت الإذاعات الموجهة التي حققت نجاحا كبيرا.
ويذكر تجربة "الاشوسيتد برس" التي واجهت أزمة مالية طاحنة، وعرضت للبيع، وفكرت الدول العربية في شرائها، ومع بداية المفاوضات بين شركة أمريكية تم إحضارها للتفاوض مع الوكالة، فقد فشل التفاوض لعدم رغبتهم في أن يكون رأس مالها عربيا، وعند رغبة الدول العربية في شراء أسهم في الصحف الأجنبية تدخل يهودى وقام بشراء جميع الأسهم حتى لا يكون للعرب نصيب في أي وسيلة إعلامية أجنبية، لذا تم اللجوء إلى إصدار صحف عالمية باللغة العربية كصحيفة "الشرق الأوسط" بتمويل سعودى، مشيرا إلى أن صدورها باللغة العربية يوضح أننا مازلنا نحدث أنفسنا، لذلك حاولوا إصدارها باللغة الإنجليزية وطبعها في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن واجه العرب مصاعب كثيرة وصلت إلى حد الاستحالة، لذا يجب تحرك أجهزة الإعلام بطريقة تجعلنا أمام الخارج نظهر بصورة مشرفة، فضلا عن ضرورة مواجهة التحدى الصهيونى المسيطر على إعلام أمريكا، والأمل في الشباب وقيامهم بهذا الدور.

فشل هيئة الاستعلامات
وأشار " قبضايا" إلى أن الهيئة العامة للاستعلامات طالما هي هيئة حكومية فلا تقوم بأكثر من دورها الذي تقوم به الآن، فلها متحدث تم توجيه التعليمات إليه بالرد على المراسلين، وعند سؤال أحد المراسلين عن شيء خارج السياق لا يجيد المتحدث الرد.

سفاراتنا كغثاء السيل
وأكد قبضايا أن مصر لديها 175 سفارة في الخارج، بها أكثر من 120 ملحقا إعلاميا أو مستشارا ثقافيا، وهؤلاء الملحقون الإعلاميون والثقافيون يحصرون أنفسهم في التعامل في دائرة مصرية، لافتا إلى أن عدد السفارات المصرية بالخارج أكبر من عدد سفارات الولايات المتحدة بـ12 سفارة، ولكن الملحقيات الإعلامية والتجارية والعمالية لا تقوم بدورها، ويجب تحرير السفارات المصرية من هؤلاء والبعد عن استخدام الوساطة في تعيينهم.
وأشار إلى أن السفارات المصرية في أفريقيا لديها رغبة في عمل اتصالات جيدة بها، ولكنها لا تستطيع الاتصال من خلال وزارة الخارجية، وبمشاركة أجهزة المخابرات.
وأكد "قبضايا" أن الإعلام المصرى لا يلقى الاحترام بالخارج، لأنه يخاطب نفسه بنفسه، ولا يتحرر من سيطرة الحكومة أو رجال الأعمال، والإعلام المصري يفيض بالعيوب المهنية، التي منها عدم القدرة على وجود كوادر تستطيع إصدار صحف أجنبية، ولا يمكن الانتصار على اللوبى اليهودى في الإعلام الدولى بوسائلنا الإعلامية الآن.
وأوضح أنه في حال قدرتنا على إنشاء قنوات فضائية مملوكة لشركات متحررة تخاطب الدول الخارجية بلغتها وتكون قنوات دول أوربا الغربية مختلفة عن قنوات أوربا الشرقية، ستكون عملية شراء الوسائل الإعلامية الأجنبية سهلة.

الأمن القومي الوقائي
وتطرح "فيتو" سؤالا: هل التعامل مع المشكلات يكون من الجانب الأمنى فقط دون التطرق إلى الجوانب الأخرى الاجتماعية مثلا كالتطرف، وكيف نعزز دور الأمن الوقائى والاجتماعى وهناك مواطنون في مناطق فقيرة يتعاطفون مع الإخوان، فكيف نجد لهم بديلا اقتصاديا؟
اللواء خالد مطاوع يجيب بقوله: إنه لا بد من الاهتمام بالأمن القومى الذي يندرج تحته الأمن الاجتماعى والاقتصادى والبيئى والثقافى، لأن منظومة الأمن القومي متسعة، وليست مسئولية أجهزة الأمن فقط، ولكن المؤسسات المجتمعية لها دور في نشر ثقافة الأمن القومى، لافتا إلى أن الشعب المصري لم يدرك بعد الأبعاد الكاملة للأمن القومى.
مؤكدا اختفاء المنظومة الأمنية المتكاملة، ووجود ظلم شديد لدور الأمن والهجوم عليه عند التدخل في أي شىء، بالرغم من أن الأمن له حق التدخل في أصغر الأشياء طالما تمس الأمن القومى.
ويتساءل "مطاوع ": هل نحن نضع إستراتيجية كاملة أم "تكتيك وقتي"؟
مشددا على ضرورة وضع الهدف من إدارة الأزمة وتحديد وقتها ويجب أن نتعامل مع ما يخص الإعلام من خلال الاجتهاد في التحليلات حتى تصل للخارج ويثقون فيها.
وأشار مطاوع إلى أننا بحاجة إلى آليات توصيل متعددة للخارج وإلا سننحصر في إطار أننا "بنكلم نفسنا"، ولكن علينا إنشاء وسائل إعلام عربية مثل "واشنطن بوست" و"سى إن إن".
مشددا على ضرورة وجود "فريق إدارة أزمات" قوى برموز قوية متخصصة في مجالات متعددة، تستطيع مخاطبة الإعلام الأجنبى بصورة تحليلية واضحة، ومثال ذلك أننا لا نرسل إليهم الأخبار مجردة، بل يجب توضيح المضمون والمغزى منها، بالإضافة إلى الوثائق التصويرية، ويذكر مثالا على ذلك بقوله: بعد فض اعتصام النهضة لم نعرف حقيقة ما حدث، فلم يصدر بيان شامل يبين تصنيف من تم إلقاء القبض عليهم، وكان يجب على وزارة الداخلية أن تعقد مؤتمرات صحفية متتابعة لكى يفهم المواطن ماذا يدور، فعلى سبيل المثال كان عدد المقبوض عليهم 200 في الصباح، وبعد ذلك وصل العدد إلى 400 مما يدل على وجود ملاحقات أمنية، وأكد على ضرورة توضيح البيانات والمعلومات وعرضها على وسائل الإعلام للخارج والتعاون مع مراسلي الصحف الأجنبية.

الجريدة الرسمية