رئيس التحرير
عصام كامل

عُقدة أحمد مراد!.. سر الهجوم المستمر على الروائي الشاب رغم نجاح أعماله.. ولماذا غضب المثقفون من تعيينه بـ"الشيوخ"؟!

أحمد مراد، فيتو
أحمد مراد، فيتو
18 حجم الخط

لا يزال الكاتب والسيناريست أحمد مراد يمثل حالة استثنائية في المشهدين الأدبي والسينمائي المصري، فمنذ صدور روايته الأولى فيرتيجو عام 2007، مرورًا بتراب الماس والفيل الأزرق وغيرهما من الأعمال التي صاغها قلمه بخصوصية لافتة، وصولًا إلى تحويل عدد من رواياته إلى أفلام ناجحة، تعززت صورته ككاتب يجيد مخاطبة الخيال البصري بلغة درامية مشوقة تلتقط التفاصيل كما لو كانت كاميرا تتحرك داخل المشهد، فهو لا يكتفي بوصف المكان، بل يصنع إيقاعًا بصريًا متتابعًا يجعل القارئ يرى الأحداث لا يقرؤها فحسب بل يعيش تجربة حسية كاملة، ولقد جاء هذا التميز بناء على خلفية مراد الأكاديمية، إذ إنه درس التصوير في المعهد العالي للسينما وتفوق فيه فضلًا عن عمله لفترة طويلة كمصور في الرئاسة.

ورغم أن هذه النجاحات كانت كفيلة بترسيخ مكانته كروائي، خاصة رواية الفيل الأزرق التي شكلت محطة فارقة رسخت اسمه في الوعي الجماهيري، إلا إن أحمد مراد ذا السابعة والأربعين عاما ظل يواجه هجومًا حادًّا منذ بداياته وحتى الآن من قبل الكثيرين الذين اعتادوا النظر بعين الريبة إلى الكتاب القادرين على الجمع بين الانتشار الجماهيري والقيمة الفنية، وبرزت حول مراد حالة من الجدل، فهناك من يعتبره كاتبًا تجاريًا يخضع لقواعد السوق لا لقيم الأدب وبين من يراه موهبة حقيقية أعادت الشباب إلى القراءة، وبين هذا وذاك واصل أحمد مراد مشواره ونجاحه حتى أصبح بمثابة “عقدة” للكثيرين.

وتعود فكرة تحول أحمد مراد إلى “عقدة” إلى أنه يمثل نموذجًا جديدًا للكاتب المصري الذي خرج من عباءة الروائي الكلاسيكي إلى فضاء الجمهور الواسع، حيث إنه كشف صراعًا عميقًا بين جيلين، جيل تقليدي يرى الأدب فنًّا نخبويًّا موجهًا إلى قلة مختارة، وجيل جديد يتعامل معه كمنتج فني يجب أن يكون متاحًا ومفهومًا للجميع، فأحمد مراد يكتب روايات تخاطب القارئ العام بلغة سينمائية بصرية، تقدم زوايا مختلفة من التاريخ كما تغوص في أعماق النفس البشرية وتدمج ذلك بعالم الفانتازيا وتقدم مشاهد تنبض بالتوتر وشخصيات مركبة، ما منحه شعبية واسعة بين القراء الشباب، لكنه في المقابل ظل عرضة لهجوم متكرر من بعض المثقفين الذين اعتبروا أعماله الأدبية "خفيفة" و"سينمائية أكثر من اللازم"، وكلما ازداد تأثيره في المشهد الأدبي خاصة لدى الأجيال الجديدة كلما ازدادت وتيرة الهجوم.

ولا يمكن تفسير ظاهرة أحمد مراد بمعزل عن الجيل الذي نشأ معه، جيل يعيش في عالم بصري سريع الإيقاع، تشكل وعيه عبر السينما والإنترنت لا عبر الكتب الكلاسيكية وحدها، هذا الجيل وجد في مراد لغة تشبهه، وإيقاعًا يحاكي رؤيته الخاصة للعالم، أي إن أحمد مراد هو ابن العصر الرقمي، وبالتالي فإنه حرص على أن يطل على جمهوره عبر المنصات الاجتماعية، وصنع لنفسه قاعدة جماهيرية ضخمة تجاوزت سلطة المؤسسات الثقافية، أي أنه واكب التحول في واقع الأدب في العصر الرقمي ذلك الواقع الذي تقاس فيه القيمة بحجم التأثير والقدرة على إعادة القارئ إلى الكتاب.

كما أعاد أحمد مراد تعريف النجاح الأدبي خارج قاعات الندوات ومراجعات النقاد، وقدم نموذجًا للكاتب الذي يدير عمله كعلامة فكرية وتجارية في الوقت ذاته، من دون أن يفقد حسه الفني، وهنا تحديدًا تتجلى“عقدة أحمد مراد” التي تشكلت لدى بعض المثقفين تجاهه بعدما تمكن من تحقيق نجاحه خارج المنظومة، وبأدواته الخاصة.

وإلى جانب ما سبق، فإن الجدل حول أحمد مراد يتجاوز شخصه ليكشف عن طبيعة العلاقة المعقدة بين المثقف والدولة من جهة، والمثقف والجمهور من جهة أخرى، فعلى مدى عقود، كان الكاتب المصري إما جزءًا من منظومة ثقافية ترعاها المؤسسات الرسمية، أو في موقع المتمرد عليها سعيًا إلى استقلاله، أما مراد، فاختار التواصل المباشر مع الجمهور والتأثير من خلال الأدب والسينما، متجنبا “الشلل الثقافية إياها”وهو ما جعل البعض يعتبره خارجًا عن "النظام الثقافي" التقليدي، فيما رآه آخرون نموذجًا لنجاح حقيقي تحقق خارج القوالب المعتادة.

ولقد زاد الجدل حول أحمد مراد حينما تم تعيينه في مجلس الشيوخ مؤخرا تتويجًا لمسيرة ممتدة ومؤثرة وثرية فتحت بابًا جديدًا أمام جيل كامل من الكتاب الشباب، وبطبيعة الحال عارض القرار الكثيرون، لكن المؤكد أن الدولة رأت في مراد رمزًا للثقافة العصرية القادرة على الوصول إلى الجمهور الواسع، لا النخبة وحدها، رمزًا قادرًا على التعبير بصدق عن هذا الجمهور.

لذا فإن “عقدة أحمد مراد” لا تتعلق بأعماله بقدر ما تتعلق بالطريقة التي صنع بها نجاحه، فهو كاتب لم يأت من دوائر النخبة ولا تجمعات مقاهي وسط البلد، بل صنع جمهوره بجهده ومخيلته، وأسلوب نجاحه هو ما يجعل البعض يراه تهديدًا وتحديًا لمنظومة ثقافية تقليدية، كما أن قدرته على مواصلة هذا النجاح حتى الآن في ظل متغيرات السوق والتطور التكنولوجي وتغير الأجيال ونظرتهم للأدب وللقراءة لافتة، أما تعيينه في مجلس الشيوخ، فربما لا يكون مجرد تكريم شخصي، بل يعكس محاولة لفتح المجال أمام جيل جديد من المبدعين ليكونوا جزءًا من دائرة القرار الثقافي والسياسي.

وفي الأخير، يظل أحمد مراد حالة استثنائية في الأدب المصري المعاصر، كاتبًا مثيرًا للجدل، واسع الجماهيرية، واقفًا على خط فاصل بين النخبة والجمهور، محاولًا تحقيق معادلة لا يجيدها الكثيرون.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية