قهوة خبيني، رحلة إلى ماضٍ مخفي في قلب المنشية بالإسكندرية (فيديو وصور)
فى قلب المنشيّة القديمة، وبين صخب المارة وضجيج الميكروباصات، يختبئ ممر ضيّق لا يلتفت إليه أحد، في نهايته عمارة إيطالية قديمة بواجهتها المتآكلة من الزمن، عند الطابق الأرضي، تفاجئك لافتة صغيرة كتب عليها “قهوة علي الهندي” أو كما يسميها أهل الإسكندرية “قهوة خبيني” المكان الذي يبدأ فيه الزمن بالرجوع إلى الوراء.
بمجرد أن تدخلها، كأنك تخطو من واقع مزدحم إلى عالم آخر، الجدران عالية، والسقف مزخرف بنقوش هندسية فقدت بعض ملامحها لكنها ما زالت تحتفظ بجمالها الأصلى، رائحة البن المحمص تملأ المكان كأنها توقظ الذاكرة، وأصوات فناجين الشاى تختلط بصوت المذياع القديم الذي لا يزال يبث أغاني عبد الوهاب وأم كلثوم.

من ماريا إلى على الهندى.. بداية الحكاية
تبدأ حكاية “قهوة خبينى” عام 1882، حين جاءت إلى الإسكندرية سيدة يونانية تُدعى ماريا، كانت عاشقة للبن وصاحبة ذوق رفيع فى القهوة، افتتحت هذا المكان كمقهى صغير للبحّارة والتجّار القادمين من الميناء.

كانت ماريا تعد القهوة بنفسها، وتجلس فى الركن الخلفى تراقب الوجوه التى تمر كل يوم من مختلف الجنسيات والثقافات.
بعد سنوات قليلة، تعرفت ماريا على رجل مصري اسمه علي الهندي، كان من أبناء المنطقة ويملك روحًا شعبية وحضورًا مميزًا، شاركها العمل، ثم أصبحت القهوة مع الوقت تحمل اسمه، وبقيت إلى اليوم تُعرف بـ “قهوة علي الهندي”، لكن الناس فى المنشيّة يفضلون اسمها الآخر “قهوة خبيني”.

“خبيني”.. مأوى الثوار في الحرب
اسم خبيني لم يأتِ من فراغ، ففي أثناء الحرب العالمية الثانية، كانت الإسكندرية واحدة من أكثر المدن تعرضًا للغارات، وكان سكانها يبحثون عن أى مكان آمن يختبئون فيه وقت الخطر، تحولت القهوة إلى ملجأ صغير؛ يغلق أصحابها الأبواب وتتحول الجلسات إلى غرف اختباء مؤقتة للمدنيين والثوار.

يحكى بعض القدامى أن الثوار الذين قاوموا الاحتلال البريطانى استخدموا القهوة كمخبأ سرى لتبادل الرسائل وتخزين بعض الوثائق.
ومن هنا خرج الاسم “خبينى” كلمة عامية مصرية معناها “اخفينى”، تحوّلت مع الوقت إلى علامة من علامات المدينة.

من انتفاضة العيش إلى تغيّر الملامح
لم تتوقف القهوة عند الحرب فقط؛ ففى السبعينات، وقت انتفاضة الخبز عام 1977، كانت القهوة مأوى آخر للناس الهاربين من المطاردات فى شوارع الإسكندرية، كانت مكانًا يجد فيه العامل والطالب ملجأً مؤقتًا بعيدًا عن العيون، يحتسون الشاى ويتبادلون الأخبار.

لكن الزمن تغيّر، وتبدلت ملامح القهوة القديمة؛ فتح بجانبها محلات تيك أواى، ووضِع مشمّع على النوافذ يحجب ضوء الشمس عن السقف المزخرف، وتبدّل رواد المكان، الوجوه التى كانت تجلس بالساعات تحكي وتفكر، استبدلها جيل جديد يلتقط الصور السريعة ويغادر، ورغم التغيّرات، تظل رائحة القهوة هى الحارس الأخير لذاكرة المكان.

ذاكرة مدينة لا تموت
قهوة “خبيني” ليست مجرد مقهى قديم فى المنشيّة، إنها مرآة لوجه الإسكندرية الإنساني، ولتاريخها الممزوج بالبحر والغرباء، بين كل زخرفة على سقفها وبين كل حجر فى جدارها حكاية عن زمن آخر: عن مدينة كانت تعيش على نغمة القهوة ورائحة الميناء وصوت الناس اللى ما زالوا فاكرين إن “خبينى” كانت أكتر من مكان... كانت وطنًا صغيرًا يحمى الحكايات من النسيان.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
