رئيس التحرير
عصام كامل

الثورة المصرية.. بين الحماية والاختطاف !!

18 حجم الخط

لكل ثورة وليدة أعداء يتربصون بها، سواء كانوا من خارجها أو داخلها، وأعداء الخارج هم بقايا النظام الذين ثار عليهم الثوار.. دعك من العدو الأجنبى فهو معروف، وأعداء الداخل هم من أبناء الـثـورة أو المحسوبين عليها الذين يشقون الصف الثورى للانقضاض على الثورة وقنص ثمارها لحسابات شخصية بعيداً عن المصالح العليا، والأهــداف النبيلة للثورة ..


ومن هنا تتأرجح الثورة ما بين الحماية والاخـتــطـــاف، الحماية من الأعداء ، والاختطاف من أبنائها، وأخطر ما فى الأمر أن يجتمع أمر الحماية والاختطاف فى يد واحدة ..  يستوى أن تكون هـــذه اليد من الأعداء أو الأبناء.

وقد شعرنا جميعاً بذلك فى أعقاب إصدار السيد رئيس الجمهورية للإعلان الدستورى الذى آثار الكثير من الجدل واللغط المجتمعى، لانطوائه على تغول فاضح على السلطة القضائية، وإعمال معول الهدم فى استقلالها، وتعطيل أحكامها، وتحصيـــن قرارات الرئيس السابقة منها واللاحقة من رقــابتهـــا، والتـعـــدى على سلطة مجلس القضاء الأعلى فى اختيار النائب العام وفقاً لقانون السلطة القضائية، وتقويض سلطة المحكمة الدستورية العليا فى النظر فــــــى الطعون على الجمعية الـتأسيسية لوضع الدستور، وكذا مجلس الشورى.. كل هذا بدعوى حماية الثورة ، وقد يكون الادعاء صحيحاً، إلا أنه ينبئ عن وجود الوجه الآخر للحماية وهو الاختطاف، لأن السؤال الأهم الذى يتبادر إلى الذهن مؤداه: ممن تحمى الثورة؟!!، إذا كانت كافة الإجراءات السابقة هى خنق لمؤسسات الدولة وسلطاتها من أجل حماية جهات غير شرعية من الناحية القانونية، وقد كان من الأولى ترك القانون يصحح هذا الوضع سواء بإقراره أو إزالته... فالثورة قد جاءت لترسى قواعد دولة القانون.

وحتى عندما صدر المرســــوم بقانون خاص بحماية الثورة فى أعقاب الإعلان الدستورى، وأعلن أن الهدف منه هو كنس بقايا النظام السابق الذين يثبت تورطهم فــــى قتل المتظاهرين، بناءً على تقرير لجنة تقصى الحقائق.. والتحقيق فى الأدلة الجديدة بمعرفة نيابة مختصة أطلق عليها نيابة حماية الثورة.. حتى هذا القانون لم يكن كافياً، لأنه يقضى فقط على أعداء الخارج ، وفى جزئيات معينة بعد استبعاد قضية فتح السجون والهجوم على أقسام الشرطة وحرقها من بحث لجنة تقصى الحقائق، فإن كان الهدف هو حماية الثورة حقاً، وليس حماية السلطة القائمة من بقايا النـــظـام القديم ، فقد كان يتعين إزالة كل ما من شأنه الحيلولة دون إرساء دولة القانون، وعلى رأس ذلك معالجة العوار الفاضح فى الدستور الذى أقر به المؤيد والمعارض على السواء ، مع وضع الآلية التى تضمن الالتزام بتنفيذه.. وكذا ، القبول بالضمانات اللازمة التى تضــمــــن نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، وإقرار ما ينبغى إقراره ، وتجريم ما ينبغى تجريمه، حتى تكون نتائج الانتخابات معـــبرة بالفعــل عــن الإرادة الحرة لأبناء هذا الشعب بذلك، وبذلك فقط ؛ يمكننا القول بأن الثورة المصرية قد نجحت بالوصول إلى أهدافها ، وأن السلطة القائمة قد قامت على حمايتها من أعداء الخارج والداخل على السواء.
والله من وراء القصد ،،،،
الجريدة الرسمية