رئيس التحرير
عصام كامل

من خنادق العبور إلى ميادين غزة.. الأزهر لا يغيب عن المعركة.. يضرب نموذجًا للمقاومة الأخلاقية والسياسية.. ويعيد تشكيل الوعي الجمعي العربي في لحظات الصراع

الأزهر الشريف
الأزهر الشريف
18 حجم الخط

بين السادس من أكتوبر عام 1973 والسابع من أكتوبر عام 2023 يمتد خيط واحد يربط التاريخ بالحاضر ويؤكد أن الأزهر الشريف ظل على مدار العقود يمثل الضمير الحي للأمة وحارس هويتها وداعم قضاياها الكبرى، ففى يوم العبور العظيم فى أكتوبر 1973م كان علماء الأزهر ومشايخه فى مقدمة الصفوف يثبتون الجنود ويشدون من أزرهم، ومن بعد “طوفان الأقصى” فى أكتوبر 2023،  كان الأزهر أيضًا فى قلب المعركة يرفع صوته مدافعًا عن غزة ورافضًا لجرائم الاحتلال، لتجسد المؤسسة الدينية الأعرق فى العالم الإسلامى دورها الوطنى والقومى والدينى الذى لم يتخلف يومًا عن نصرة الأوطان ولا عن دعم فلسطين باعتبارها قضية الأمة المركزية، وهكذا يلتقى أكتوبر بالنصر مع أكتوبر بالمأساة لتظل مواقف الأزهر شاهدة على أن رسالة العلماء لا تتغير وأن الكلمة الصادقة قادرة على أن تعبر الخنادق كما تعبر الحدود.  

من جانبه قال الدكتور الحسينى حماد، مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأزهر: إن مشايخ وأئمة الأزهر كان لهم دور محورى ومباشر فى تجاوز آثار الهزيمة النفسية والارتداد المعنوى الذى أعقب أحداث ما قبل حرب أكتوبر، مؤكدًا أنّ حضورهم وشهادتهم الميدانية ساهمت فى ترميم الروح القتالية ورفع معنويات الجنود والشعب على السواء، مشيرًا إلى أن من أبرز النماذج فى ذلك الشيخ حسن المأمون، الذى لم تمنعه حالته الصحية ولا تحذيرات الأطباء من زيارة جبهات القتال، رغم تحذير الأطباء له من خطورة الزيارات الميدانى قائلًا: “لعلي ألقى الله وأنا مغبر قدمي فى سبيل الله وأنا بين أبنائى من المجاهدين فى سبيل الله على جبهات القتال’”.

وأشار إلى أنه حين تولّى الشيخ محمد الفحام مشيخة الأزهر فى سبتمبر 1969 شكّل نقطة انطلاق لالتزام أكبر من المؤسسة الأزهرية تجاه الجبهات، حيث أعدّ نفسه ليكون جنديًا فى ساحة القتال وزار الجبهات مرات عدة، مصطحبًا معه مجموعة كبيرة من علماء الأزهر فى زيارات متواصلة ومكثفة للاطلاع على أحوال الجنود ورفع معنوياتهم وتشجيعهم، وكان هدف هذه الزيارات تأكيد دعم الأزهر المعنوي والروحي للقوات المسلحة، وشدّ من أزَر المقاتلين فى أصعب اللحظات.

وحول المرحلة التى سبقت حرب أكتوبر، أشار الدكتور حماد إلى أنه عند تولّى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر فى مارس 1973 كانت هناك ملحمة وطنية للأزهر الشريف، مبينًا أنّ جامعة الأزهر وسّعت مشاركتها بشكل استثنائي حيث انخرط أستاذة الجامعة مباشرة مع القوات المسلحة فى الجبهات، وتم الاستعانة بقادة القوات المسلحة لتدريب شباب طلاب جامعة الأزهر وأعضاء هيئة التدريس على حمل السلاح والتدريب عليه حتى يتسنى لهم الالتحاق بصفوف القتال عند الحاجة، وبالنسبة لعلماء الأزهر، فقد مُنحوا تصاريح خاصة - ذات لون أحمر - تتيح لهم الوصول إلى الخطوط الأولى، دخول الخنادق والتحصينات والثكنات العسكرية ليكونوا جنبًا إلى جنب مع القوات والجنود فى ميادين القتال.

وأوضح الدكتور الحسينى حماد أن هذه الجهود المتواصلة لرجال الأزهر لم تكن مجرد دعم معنوى فقط، بل كانت عاملًا مساهمًا فى تماسك الجبهة الوطنية كلها، وقد تكلّلت تلك الجهود بإحراز النصر، وبيّن أنه من بين الدلالات الرمزية التى رآها الشيخ عبد الحليم محمود رؤى بشّرته بالنصر، حيث حدث أن رأى رؤية تصور النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يعبر إلى الضفة الشرقية من قناة السويس حاملًا رايةً مكتوبًا عليها “الله أكبر” ومن خلفه علماء المسلمين والقوات المسلحة رؤية اعتبرها الشيخ بشارة بالنصر الذى تحقق لاحقًا.

الأزهر الشريف وحضوره التاريخي فى دعم القضية الفلسطينية بعد طوفان الأقصى

ومنذ اندلاع عملية “طوفان الأقصى” وما تلاها من عدوان وحشي على قطاع غزة، تحرك الأزهر بقيادته وعلمائه ومؤسساته بحضور واضح وصوت قوى ليؤكد أن فلسطين هى قضية عقيدة وهوية وليست مجرد نزاع سياسى أو صراع حدود، حيث أصدر الأزهر الشريف مواقف متتالية أدانت الجرائم الإسرائيلية فى حق المدنيين العزل، ودعا المجتمع الدولى إلى تحمّل مسئولياته الإنسانية والأخلاقية تجاه ما يحدث من قتل وتشريد وتهجير جماعى لأبناء غزة

فى الوقت الذى التزمت فيه بعض القوى بالصمت أو المواقف الرمادية، كان الأزهر الشريف يرفع صوته عاليًا ليؤكد أن ما يتعرض له الشعب الفلسطينى هو جريمة إبادة جماعية لا يمكن تبريرها تحت أى مسمى، وقد وجّه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر كلمات قوية إلى الأمة الإسلامية والعربية طالب فيها الشعوب والحكومات بضرورة نصرة غزة، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة، بل بتحويل التضامن إلى مواقف عملية تعكس وحدة الصف وتعيد للأمة ثقتها بذاتها، كما أصدر الأزهر عبر هيئاته المختلفة بيانات متكررة نددت بالمجازر اليومية التى ترتكبها قوات الاحتلال ودعت إلى ملاحقة قادتها كمجرمي حرب أمام المحاكم الدولية، مشددًا على أن الحق الفلسطينى لا يسقط بالتقادم وأن المقاومة حق مشروع أقرته كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية

الأزهر كذلك لم يكتف بالمواقف الروحية والفكرية وإنما دعم القضية الفلسطينية فى بعدها الإنساني والحقوقي، حيث تحركت مؤسساته الإغاثية والإنسانية مثل بيت الزكاة والصدقات لتقديم الدعم المادى والمعنوى للجرحى والمصابين ولأسر الشهداء عبر التنسيق مع مؤسسات مصرية ودولية، كما نظم الأزهر فعاليات طلابية وشعبية داخل مصر وخارجها للتعبير عن التضامن مع غزة، وخرجت مسيرات طلاب جامعة الأزهر فى القاهرة والأقاليم تعلن دعمها الكامل للقضية الفلسطينية وتؤكد أن الأجيال الجديدة من أبناء الأزهر تحمل نفس الرسالة التى حملها أسلافهم فى مواجهة الاحتلال الصهيوني

هذا الحضور القوي للأزهر بعد طوفان الأقصى لم يكن معزولًا عن تاريخه الممتد فى الدفاع عن فلسطين منذ وعد بلفور والنكبة والنكسة وحتى انتفاضات الشعب الفلسطيني المتتالية، فالأزهر الذى احتضن مؤتمرات تاريخية دعمت المقاومة وأصدرت بيانات وفتاوى تحرّم التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين، هو نفسه الأزهر الذى اليوم يعيد التأكيد على أن القدس هي قلب الأمة النابض وأن تحريرها واجب دينى وقومى لا يسقط بالتقادم. 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية