من قائد عسكري إلى خليفة أسطوري، قصة تولي هارون الرشيد عرش الخلافة الإسلامية
في صباح الثالث عشر من سبتمبر عام 786 ميلاديًّا، دُوّن فصل جديد في تاريخ الدولة العباسية، حينما جلس هارون الرشيد على عرش الخلافة بعد وفاة شقيقه موسى الهادي. لم يكن المشهد مجرد انتقال سلطوي عابر، بل كان لحظة فاصلة صنعت ملامح واحدة من أزهى الحقب التي عرفها العالم الإسلامي.
الهادي.. حكم قصير وصراع داخل القصر
الخليفة موسى الهادي لم يحكم سوى عام واحد تقريبًا، عام امتزج فيه الطموح بالعواصف. حاول الهادي أن يفرض قبضته المطلقة على الدولة، حتى لو كان الثمن إقصاء أقرب الناس إليه، وعلى رأسهم أمه "الخيزران" التي لعبت دورًا بارزًا في إدارة شؤون الحكم منذ أيام الخليفة المهدي.
والصدام بين الأم وابنها فتح بابًا من التوتر داخل قصر الخلافة، ومع وفاة الهادي في سن صغيرة، بدا وكأن القدر يعيد ترتيب البيت العباسي بسرعة لم يتوقعها أحد.
هارون الرشيد قبل تولي العرش
لم يكن الرشيد غريبًا عن الناس حين ارتقى العرش. فقد عرفوه أميرًا شابًا يقود الجيوش في معارك طاحنة ضد الدولة البيزنطية. اسمه ارتبط بانتصار مبكر في معركة "الرملة"، حيث تمكن من فرض هيبة الدولة العباسية على حدودها الشمالية.
وهذا الرصيد العسكري والسياسي أعطاه دفعة قوية ليجلس على كرسي الخلافة بثقة، فالرجل لم يأتِ بقرار عائلي فقط، وإنما جاء محمّلًا بخبرة الميدان
ومع تولي هارون الرشيد، انفتحت صفحة جديدة في تاريخ بغداد. العاصمة تحولت في عهده إلى مدينة لا تشبه غيرها؛ قصور شامخة، حدائق تفيض بالجمال، أسواق عامرة بالحرير والعطور والكتب، لكن الأهم كان "بيت الحكمة"، الصرح العلمي الذي جمع المترجمين والفلاسفة والأطباء من كل حدب وصوب، ليصبح رمزًا للنهضة الفكرية التي ألهمت العالم لقرون طويلة.
ولم يتوقف تأثير الرشيد عند حدود الدولة الإسلامية. فقد راسل ملوك أوروبا، وارتبط اسمه بعلاقات دبلوماسية مع شارلمان ملك الفرنجة. تلك المراسلات لم تكن مجرد مجاملات، بل عكست قوة حضارية تفرض حضورها على الخريطة العالمية، من ضفاف الأطلسي حتى حدود الصين.
أزمات عصر هارون الرشيد
رغم الصورة المترفة التي رسمتها كتب التراث لقصور الرشيد ومجالس الشعراء والموسيقيين، فإن خلف الستار كانت هناك صعوبات جسيمة. ثورات داخلية هنا وهناك، صراع دائم مع الطامعين في السلطة، وضغوط للحفاظ على التوازن بين مراكز القوى داخل الدولة: العرب، الفرس، الترك، وغيرهم، فإدارة إمبراطورية مترامية الأطراف لم تكن مهمة سهلة، بل كانت معركة يومية مع الزمن والجغرافيا والسياسة.
وظل هارون الرشيد حيًا في وجدان الناس لقرون. قصصه في "ألف ليلة وليلة" جعلت منه شخصية أسطورية؛ الخليفة الذي يتجول متخفيًا بين الناس ليتأكد من أحوالهم، والخليفة الذي عاش في قصر فخم لكن قلبه كان مشغولًا بالرعية. هذه الصورة – الواقعية منها والمتخيلة – أسهمت في بقاء اسمه حاضرًا في الثقافة الشعبية حتى اليوم.
يمكن القول أن ذكرى تولي الرشيد للخلافة ليست مجرد محطة زمنية، بل مفتاح لفهم حقبة كاملة من التاريخ الإسلامي. عصر حمل تناقضات القوة والترف، والعلم والصراع، لكنه في النهاية رسم صورة العصر الذهبي الذي يُستشهد به كلما جرى الحديث عن مجد بغداد والدولة العباسية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
