رئيس التحرير
عصام كامل

وُلِد الهُدى (الحلقة العاشرة)، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين

رسول الله، وما أرسلناك
رسول الله، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، فيتو
18 حجم الخط

في شهر ربيع الأول، أشرقت الدنيا بنور النبوة، ووُلد خير من وطئ الثرى، سيدنا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وسلم، ذلك الميلاد الذي لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان بداية لفجر جديد أضاء ظلمات الجاهلية، وأعاد للإنسانية رشدها، وأرشدها إلى صراط الله المستقيم.

في هذه السلسلة المباركة، نتفيأ ظلال السيرة العطرة، ونستعرض بعضًا من مناقب الحبيب المصطفى، وصفاته الخُلُقية والخَلقية، وشمائله التي مدحها رب العالمين، وأثنى عليها السابقون واللاحقون من أهل الإيمان.

 

رسول الله، بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ

قال الله، سبحانه وتعالى، يصف نبيه الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم: "لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ". (التوبة: 128).


كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحَمَ النَّاسِ بالنَّاسِ وأرأَفَهم بهم، بل إنَّ رحمتَه صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، تعدَّت ذلك إلى الحيوانِ والجمادِ، قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”. (الأنبياء: 107)، فكان صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم رحمةً لجميعِ العالَمين؛ مُؤمِنِهم وكافِرِهم.

رحمته بغير المسلمين

ومما يؤكد ذلك ما رواه أبو هُرَيرةَ، قال: قيل: يا رسولَ اللهِ ادعُ على المُشرِكين، قال: “إني لم أبعَثْ لعَّانًا، وإنَّما بُعِثتُ رحمةً”.
وعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو، “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تلا قولَ اللهِ عزَّ وجَلَّ في إبراهيمَ: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”  (إبراهيم: 36)، وقال عيسى عليه السَّلامُ: “إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” (المائدة: 118)، فرفَع يديه وقال: “اللَّهُمَّ أمَّتي أمَّتي، وبكى! فقال اللهُ عزَّ وجَلَّ: يا جِبريلُ اذهَبْ إلى محمَّدٍ -وربُّك أعلَمُ- فسَلْه: ما يبكيك؟! فأتاه جبريلُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فسأله، فأخبره رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما قال -وهو أعلَمُ-، فقال اللهُ: يا جِبريلُ، اذهَبْ إلى محمَّدٍ، فقُلْ: إنَّا سُنرضيك في أمَّتِك، ولا نَسوءُك”. 


وفي الحديث الشريف: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إنما مَثَلي ومَثَلُ أمَّتي كمَثَلِ رَجُلٍ استوقَدَ نارًا، فجعَلَت الدَّوابُّ والفراشُ يقَعْنَ فيه، فأنا آخِذٌ بحُجَزِكم  وأنتم تَقَحَّمون  فيهـا”.

رحمته بالأطفال

أما عن رحمتُه صلى الله عليه وآله وسلم، بالأطفال والصِّغارِ، فعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: “ما صلَّيتُ وراءَ إمامٍ قَطُّ أخفَّ صلاةً ولا أتَمَّ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإن كان ليَسمَعُ بُكاءَ الصَّبيِّ، فيُخَفِّفُ مخافةَ أن تُفتَنَ أُمُّه".
وروى أنسِ أيضا: “دخَلْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أبي سَيفٍ القَينِ، وكان ظِئرًا  لإبراهيمَ عليه السَّلامُ، فأخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إبراهيمَ، فقَبَّله وشَمَّه، ثمَّ دخَلْنا عليه بعد ذلك وإبراهيمُ يجودُ بنَفسِه، فجعَلَت عينا رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَذرِفانِ، فقال له عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ رَضِيَ اللهُ عنه: وأنت يا رسولَ اللهِ؟! فقال: يا ابنَ عَوفٍ، إنَّها رحمة، ثمَّ أتبعَها بأُخرى، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ العينَ تدمَعُ، والقَلبَ يحزَنُ، ولا نقولُ إلَّا ما يُرضي رَبَّنا، وإنَّا بفِراقِك يا إبراهيمُ لمحزونون”.


وهناك الكثير من الأحاديث عن رحمته، صلى الله عليه وآله وسلم، بأهل بيته، فعن عبدِ اللهِ بنِ بُرَيدةَ، عن أبيه، قال: “خطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأقبل الحَسَنُ والحُسَينُ رَضِيَ اللهُ عنهما، عليهما قميصانِ أحمرانِ يَعثُرانِ ويقومانِ، فنزل فأخذَهما، فصَعِد بهما المنبَرَ، ثمَّ قال:  صدَق اللهُ: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ (التغابن: 15)، رأيتُ هذينِ فلم أصبِرْ، ثمَّ أخَذ في الخُطبةِ”. 

من مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم

ومن مظاهر رحمته، صلى الله عليه وآله وسلم، مارواه أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكُنْ يدخُلُ بيتًا بالمدينةِ غيرَ بيتِ أمِّ سُلَيمٍ، إلَّا على أزواجِه، فقيل له، فقال: إني أرحَمُها قُتِل أخوها معي".


واتسعت رحمته، صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، لتشمل غير المسلمين، فعن عائشةَ أنَّها قالت للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “هل أتى عليكَ يومٌ كان أشَدَّ من يومِ أُحُدٍ؟ فقال: لقَد لَقِيتُ مِن قَومِكِ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهم يَومَ العَقَبَةِ؛ إذْ عَرَضْتُ نَفسي على ابنِ عبدِ يَالِيلَ بنِ عبدِ كُلَالٍ، فلم يُجِبْني إلى ما أرَدْتُ، فانطَلَقْتُ وأنا مَهمومٌ على وَجهي، فلم أستَفِقْ إلَّا بقَرنِ الثَّعَالِبِ، فرَفَعتُ رَأسي فإذا أنا بسَحابةٍ قد أظَلَّتني، فنَظَرتُ فإذا فيها جِبريلُ، فناداني، فقال: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قد سمِعَ قَولَ قَومِك لك وما ردُّوا عليك، وقد بَعَث إليك ملَكَ الجِبالِ لتَأمُرَه بما شِئتَ فيهم، قال: فناداني مَلَكُ الجِبالِ وسَلَّم عَلَيَّ، ثمَّ قال: يا محمَّدُ، إنَّ اللهَ قد سمِعَ قَولَ قَومِك لك، وأنا مَلَكُ الجِبالِ، وقد بعثَني ربُّك إليكَ لتَأمُرَني بأمرِك، فما شِئتَ؛ إنْ شِئتَ أن أُطبِقَ عليهم الأخشَبَينِ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بل أرجو أن يُخرِجَ اللهُ من أصلابِهم من يعبُدُ اللهَ وَحدَه لا يُشرِكُ به شيئًا”.


قال تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ". (آل عمران: 159)، وقَولِه: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ". (الأنبياء: 107).

رحمته بالحيوان

لم تقتصر رحمته صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، على البشر، بل شملت أيضا الحَيَوانِ، فعن عبدِ اللهِ بنِ جعفَرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: “أردَفَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَلْفَه ذاتَ يَومٍ، فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أُحَدِّثُ به أحدًا مِنَ النَّاسِ، وكان أحبَّ ما استتر به رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحاجتِهِ هَدَفٌ أو حائِشُ نخلٍ فدخلَ حائطًا لرجلٍ من الأنصار فإذا جمَلٌ، فلمَّا رأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حنَّ وذرَفَت عيناه، فأتاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فمَسَح ذِفْراه  ، فسكَت، فقال: من رَبُّ هذا الجمَلِ؟ لِمَن هذا الجَمَلُ؟ فجاء فتًى من الأنصارِ، فقال: لي يا رَسولَ اللهِ. فقال: أفلا تتَّقي اللهَ في هذه البهيمةِ التي ملَّكَك اللهُ إيَّاها؛ فإنَّه شكى إليَّ أنَّك تُجيعُه وتُدْئِبُه”.


وعن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: "كنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ، فانطلق لحاجتِه فرَأَينا حُمَّرةً  معها فرخانِ، فأخَذْنا فرْخَيها، فجاءت الحُمَّرةُ فجعَلَت تُفَرِّشُ، فجاء النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: من فجَّع هذه بولَدِها؟ ردُّوا ولَدَها إليها. ورأى قريةَ نملٍ قد حرَقْناها فقال: مَن حرَق هذه؟ قُلْنا: نحن. قال: إنَّه لا ينبغي أن يُعَذِّبَ بالنَّارِ إلَّا ربُّ النَّارِ!".

رحمته بالجماد

وعن رحمتُه صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم بالجَمادِ، قال جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَقُومُ يَومَ الجُمُعَةِ إلى شَجَرةٍ -أو نَخلةٍ- فَقالتِ امرَأةٌ مِنَ الأنصارِ -أو رَجُلٌ-: يا رَسولَ اللَّهِ، ألا نَجعَلُ لك مِنبَرًا؟ قال: إن شِئْتُم. فجَعَلوا له مِنبَرًا، فلمَّا كان يَومُ الجُمُعةِ دُفِعَ إلى المنبَرِ، فصاحَتِ النَّخلةُ صِياحَ الصَّبيِّ، ثمَّ نزَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فضَمَّه إليه، تَئِنُّ أنينَ الصَّبيِّ الذي يُسَكَّنُ. قال: كانت تَبكي على ما كانت تَسمَعُ مِنَ الذِّكرِ عِندَها".
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية