جواسيس فى المحراب!.. «فيتو» تكشف كواليس زيارة «أئمة أوروبا» للكيان الصهيوني. محمد وازن: الأئمة المزيفون مرتبطون بأجهزة استخباراتية وجهات مشبوهة
بينما كانت غزة تئنّ تحت القصف، والدم الفلسطيني لم يجف بعد، ظهر وفد على مشارف القدس بأثواب الأئمة وقلوبٍ باردة، يبتسمون فى وجه المحتل ويروجون لـ”سلام مزيف”، وفد أطلقوا على أنفسهم “أئمة أوروبا”، فى مشهد أثار غضبًا واسعًا فى الأوساط الإسلامية والعربية، حيث شملت زيارتهم المشبوهة لقاءات سياسية ودينية فى القدس الغربية، وزيارات لمواقع حساسة مثل المسجد الأقصى، ومتحف “الهولوكوست”، ومناطق حدودية بغلاف غزة، ورغم ما رُوّج له من أهداف تتعلق بـ”السلام” و”التسامح”، إلا أن الزيارة أثارت سيلًا من الإدانات ووصفت بأنها “طعنة فى خاصرة القضية الفلسطينية”، وسط تشكيك واسع فى حقيقة من يقف وراء هذه المبادرة المثيرة للجدل. “فيتو” بدورها سعت للبحث عن خلفية ممن أسموا أنفسهم أئمة أوروبا لمعرفة من هم ومن يمولهم وماهى هى الأهداف الخفية التى سعوا لتحقيقها من وراء تلك الزيارة.
الوفد الذى ضم ما يقرب من 15 فردًا من جنسيات أوروبية متعددة “فرنسا، هولندا، بلجيكا، إنجلترا، إيطاليا”، دخل الأراضى المحتلة خلال الأسبوع الأول من يوليو الجاري، فى ذروة العدوان الإسرائيلى المتواصل على غزة منذ أكتوبر 2023، وخلال الزيارة، التقى الوفد بالرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوغ، وزار مرافق حكومية وعسكرية، كما شارك بعض أفراده فى مراسم “تخليد ضحايا الهولوكوست” فى متحف “ياد فاشيم”، وقوبل هذا المشهد بحفاوة من المسئولين الإسرائيليين الذين وصفوه بـ”اختراق تاريخي” فى العلاقة مع مسلمى أوروبا، لكن كان المشهد الأكثر إثارة للجدل هو المقطع المصور للإمام الفرنسى حسن شلغومي، وهو ينشد النشيد الوطنى الإسرائيلى “هتكفا” داخل إحدى القاعات الرسمية، فى لحظة وصفت بـ”العار الديني”، خاصة أنها جاءت فى وقت يحاصر فيه المسجد الأقصى، وترتكب فيه المجازر فى رفح وخان يونس وغزة.
من يقف خلف الرحلة المشبوهة
بالتحرى عن الباب الخلفى للزيارة وجدنا أن منظمة “ ELNET” وهى اختصار لمسمى “ European Leadership Network” وهى شبكة ضغط مقرها باريس وبرلين وتل أبيب، وتُعنى بتعزيز العلاقات بين إسرائيل وأوروبا، لا سيما عبر تنظيم زيارات للسياسيين والإعلاميين والدينيين إلى الأراضى المحتلة، وقد سبق أن تعرضت لاتهامات من منظمات أوروبية بأنها تعمل على “إعادة إنتاج صورة ناعمة للاحتلال الإسرائيلي” داخل الأوساط الأوروبية، عبر اختراق النخب، وفى هذه الزيارة، لعبت ELNET دورًا محوريًا فى التنسيق والدعوة وتحديد جدول اللقاءات، وأعلنت أن هدفها هو “تعزيز التسامح بين الأديان، ومحاربة الكراهية، والتواصل بين مسلمى أوروبا والدولة اليهودية”.
مفاجآت حول قائمة العار
كانت المفاجأة فى البحث حول خلفيات من قاموا بالزيارة وجدنا أن أغلبهم لا يتولى إمامة أى مسجد وليسوا من المعروفين وسط المسلمين بأوروبا ويمكن القول بأنهم مجموعة من “المرتزقة” يحركهم السعى وراء المادة والذى يلغى عندهم إدراك بواطن الأمور، ولعل أبرزهم هو الفرنسى من أصل تونسى حسن شلغومي، رئيس منتدى أئمة فرنسا، والمعروف بمواقفه الداعمة للتطبيع، حيث يوصف بأنه “إمام اليهود” ترأس الوفد بصفته “إمام مسجد درانسي” فى ضواحى باريس، وسبق له أن زار تل أبيب عام 2020، كما يحظى بدعم من منظمات يمينية أوروبية ويهودية نافذة، وهو ما يجعله فى نظر كثيرين مجرد أداة دعائية بيد إسرائيل تسعى من خلالها إلى تجميل وجه الاحتلال وتشويه صورة الإسلام.
ويأتى فى المركز الثانى فى القائمة المشبوهة المغربى الهولندى يوسف مصيبيح إمام مسجد “بلال” فى مدينة ألكمار الهولندية، فقد سارع مسجد “بلال” إلى إصدار بيان تبرأ فيه من زيارة “مصيبح” إلى إسرائيل، معتبرًا أن ما قام به “تصرف فردى مرفوض بشدة”، وقرر وقفه عن الخطابة والإمامة، كما نددت “مبادرة الأئمة والخطباء والدعاة فى هولندا” بالزيارة، وأكدت أنها تمثل إساءة للمسلمين فى أوروبا، وتشوه صورة الإسلام المعتدل الذى يقف مع قضايا العدل والحرية.
أما بقية الوفد فلم يكن سوى مجموعة من الأشخاص المنتحلين لصفة “الإمام” دون أى تمثيل حقيقى للجاليات المسلمة فى أوروبا، وقد أكدت مؤسسات دينية أن معظمهم لا يعملون فى أى مساجد فعلي.
الفئة الضالة
لم تكن المؤسسات الدينية المصرية بعيدا عن المشهد حيث سارعت إلى إدانة تلك الزيارة بأشد العبارات عبر بيانات متتابعة صدرت عن الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، حيث وصفت المشيخة المشاركين بأنهم “فئة ضالة لا تمثل إلا نفسها”، وأضاف البيان: “إن من يضع يده فى يد القتلة، بينما يُذبح الأبرياء ويُحاصر المسجد الأقصى، لا يستحق أن يُنسب للإسلام”، ومن جانبها، وصفت وزارة الأوقاف الزيارة بأنها “خروج صارخ عن ثوابت الدين والوطن”، وأكدت فى بيان رسمى أن “التطبيع مع العدو الصهيونى فى هذا التوقيت المشحون بالدم والدمار، ليس سوى طعنة فى خاصرة الأمة الإسلامية، ولا يمثل علماء الدين الحقيقيين فى شيء”، وبدوره أدان الدكتور نظير مفتى الجمهورية ووصف من شارك فيها بأنهم:”باعوا ضمائرهم بثمنٍ بخس، وتوشَّحوا برداء الدين زورًا وبهتانًا، ليقفوا بين يدَى قادة الكيان الصهيوني، فى مشهد شائن، يروِّجون فيه سلامًا زائفًا، وحوارًا ملطَّخًا بدماء الأبرياء، ليتحدثوا عن التعايش والحوار مع من لا يعرفون للتعايش فلسفةً ولا للحوار لغة”.
التطبيع عبر الدين
من جانبه أكد الدكتور محمد وازن الباحث فى الشئون الإسرائيلية والدراسات السياسية والاستراتيجية أن توقيت زيارة “ أئمة أوروبا” للكيان الصهيونى شديد الحساسية، ويأتى فى ذروة واحدة من أعنف مراحل العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، حيث تتصاعد الإدانات الدولية لجرائم الحرب والمجازر بحق المدنيين، وهو ما يؤكد أن توقيت هذه الزيارة ليس بريئًا، بل يمثل جزءًا من استراتيجية إسرائيلية مضادة، هدفها كسر العزلة الدولية وإعادة تشكيل المشهد الإعلامى والدينى عبر أدوات ناعمة، حيث تسعى إسرائيل لتقديم صورة مخالفة للواقع، تُظهر أنها منفتحة دينيًا ومتسامحة.
وأشار إلى أن إسرائيل تعتمد على هذه الزيارة لترويج سردية مزدوجة، فـ أمام الداخل الإسرائيلي، تستخدم الحدث لتبرير سياساتها العدوانية بالقول إن حتى “رجال الدين المسلمين المعتدلين” يدعمون خطابها حول الإرهاب، وأما خارجيًا، فهى تحاول مخاطبة العالم الإسلامى والغربى معًا عبر رسالة ضمنية: “انظروا، نحن نُرحّب بالمسلمين المعتدلين، بينما تهاجمنا الأطراف الراديكالية”، وهنا نجد استغلالًا مكشوفًا لخطاب “الإسلام المعتدل” باعتباره نقيضًا للمقاومة، فى مسعى واضح لتأطير النضال الفلسطينى كعمل إرهابي، وليس كحق مشروع، لافتا إلى أن إسرائيل تحاول إيصال عدة رسالة من خلال استضافة هؤلاء الأئمة حيث تأتى الرسالة الأبرز وهى أن هناك “إسلامًا جديدًا” متصالحًا مع الاحتلال، ومتفهمًا لـ”الحق الإسرائيلى فى الدفاع عن نفسه”، كما تروج له آلة الدعاية، خاصة وأنها تسعى إلى إحداث اختراق نفسى فى الوعى العربى والإسلامي، خاصة لدى الشباب، عبر تصوير ما يحدث فى غزة بأنه ليس حربًا دينية أو احتلالًا استيطانيًا، بل مجرد صراع مع “التطرف”، والأخطر أنها تُقدّم هؤلاء الأئمة كسفراء لهذا الخطاب، لتقول ضمنيًا إن الإسلام الذى يعارض إسرائيل أصبح خارج الزمن.
وأضاف “وازن” فى تصريحات خاصة لـ “فيتو” أن هذه الزيارة هى نموذج واضح للتطبيع الديني، وهو أخطر من التطبيع السياسى لأنه يستهدف الوجدان والرمزية الدينية، خاصة وأن التطبيع السياسى قد يبرر بمصالح دول أو اتفاقات معلنة، أما التطبيع الدينى فهو يسعى لإعادة تعريف ما هو “مقبول شرعًا”، وتحويل العلاقة مع الاحتلال من حالة رفض دينى وعقدي، إلى حالة “خلاف سياسى عابر”، وهنا يتم استخدام النصوص الدينية خارج سياقها، لتجميل الاحتلال وإعادة صياغة الخطاب الإسلامى نفسه، وهو أمر شديد الخطورة على المدى القريب والبعيد.
وحول ما إذن كان هناك مؤشرات تدل على علاقة بعض هؤلاء الأشخاص بمنظمات أو مؤسسات مشبوهة أو مدعومة من أجهزة استخباراتية؟، أوضح “ وزان” أن هذا حدث بالفعل فهناك تقارير دولية متعددة تربط بعض المشاركين فى مثل هذه الزيارات بمؤسسات تموّلها شبكات غربية مشبوهة، سواء باسم “حوار الأديان” أو “مكافحة التطرف”، كما ان بعضهم تلقى دعمًا سابقًا من منظمات على صلة بأجندات استخباراتية تهدف إلى إعادة تشكيل الخطاب الإسلامى الأوروبى ليكون أكثر خضوعًا للرؤية الغربية-الإسرائيلية، كما أن تنظيم الزيارة تم عبر مؤسسة ELNET، المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع دوائر الأمن الإسرائيلى والسفارات الغربية، وهى ليست مؤسسة دينية أو علمية، بل ذراع ناعم لتوجيه الرأى العام فى أوروبا.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
