سر انشغال الإمام الشافعي بالتعليم والبعد عن السياسة والإمارة
ولد الإمام الشافعي في شهر رجب عام 150 هجرية 767 ميلادية، واتفق مؤرخو الفقهاء على أنه ولد بمدينة غزة بفلسطين، بينما توفي الإمام الشافعي في مصر في آخر يوم من شهر رجب عام 204 هـ الموافق لـ 20 يناير820 م. واحتفالا بمولد الإمام الشافعي الذي يقام كل عام في شهر شعبان بالقاهرة نستعرض معكم سر انشغال الإمام الشافعي بالتعليم والبعد عن السياسة والإمارة
ويعود نسب “الشافعي” إلى أجداد النبي محمد ﷺ، حيث قيل عنه إنه “ابن عم النبي”، و”إمام قريش (قبيلة في مكة ينسب إليها النبي محمد) الذي ذكره النبي بقوله: عالم قريش يملأ الأرض علمًا.
الفقر واليتم في حياة الإمام الشافعي
نشأ الإمام الشافعي يتيمًا فقيرًا في حِجر أمّه، ولم يكن معها ما تعطي المعلم، فكان المعلم يرضى أن يخلفه إذا قام عوضًا عن أجره، ومما يدل على شدة فقره وحاجته في ذلك الوقت، أنه كان يأخذ الأوراق التي فرغ منها أقرانه، فيكتب على ظهورها، كما كان يكتب على العظام، حتى إذا اجتمع منها الشيء الكثير جعلها في جرةٍ قديمةٍ في بيته.
كما أنّه لمّا كلّم له بعض القرشيين والٍٍ لليمن قَدِم إلى مكة؛ بأن يصحبه معه، رهنت دارها بستة عشر دينارًا، لأنها لم تك تملك شيئا غيره فاستعد بهن للسفر، وصحبه حتى أتى اليمن، فجالس علماءها ولزم دروسهم، فلم يزل على ذلك حتى فاق علمه أقرانه وشيوخه.
وبرغم ذلك فقد كان رحمه الله كريمًا يُضرب به المثل مع أنه كان في أكثر حياته فقيرًا، فإذا أتاه مقدار من المال أنفقه، وتصدق به على الفقراء والمحتاجين، قال الحميدي: قدم الشافعي مرة من اليمن ومعه عشرون ألف دينار، فضرب خيمته خارجًا من مكة فما قام حتى فرقها كلها، قال أبو ثور: أراد الشافعي الخروج إلى مكة ومعه مال، فقلت له: لو اشتريت به ضيعة لولدك، وكان قل أن يمسك شيئًا من سماحته، فخرج ثم قدم، فسألته فقال: لم أجد بمكة ضيعة يمكنني شراؤها بمعرفتي ولكني بنيت بمنى مضربًا يكون لأصحابنا إذا حجوا نزلوا فيه، قال أبو ثور: فرآني كأني اهتممت بذلك فأنشد:
إِذَا أَصبَحتُ عِندِي قُوتُ يَومِي فَخَلِّ الهَمَّ عَنِّي يَا سَعِيد وَلَا تَخطُرُ هُمُومُ غَدٍ بِبَالِي فَإِنَّ غَدًا لَهُ رِزْقٌ جَدِيدُ |
اتهام الإمام الشافعي بالتشيع
ذكر الإمام الشافعي في الجزء الأول من كتابه "الأم"، قصة محنته التي يلخصها تلميذه الأنجب الإمام أحمد بن حنبل عندما سأله بعض طلبة العلم عن سبب هجوم البعض على الإمام الشافعي، إذ قال: "لقد منَّ الله علينا به، لقد كنَّا تعلمنا كلام القوم، وكتبنا كتبهم، حتى قدم علينا، فلما سمعنا كلامه، علمنا أنه أعلم من غيره، وقد جالسناه الأيام والليالى، فما رأينا منه إلا كلَّ خير، واعلموا حكم الله تعالى أنَّ الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئًا من العلم وحرمه قرناءه وأشكاله، حسدوه فرمَوه بما ليس فيه، وبِئْست الخصلة في أهل العلم".
وقد بدأت محنته عندما كان قاضيًا باليمن وقد صار أحدوثة اليمن مما جعل حُسَّاده يسعون في حقه عند الخليفة العباسيِّ هارون الرشيد، وكان الذي سعى بالوشاية ضد الشافعيِّ رجلٌ للأسف يُنسب لأهل العلم اسمه مطرف بن مازن دفعه الحسد والغيرة المذمومة للسَّعي في حقِّ الإمام الشَّافعيّ، والتُّهمة كانت في غاية الخطورة، وهي قيادةُ تنظيمٍ شيعيٍّ باليمن لقلب نظام الحكم، وهي تُهمة كفيلةٌ بإزهاق روح الإمام أو حبسه لأجلٍ غير مسمى على أقلِّ تقدير، لذلك لما وصل الكلام للخليفة الرشيد أمر على الفور بالقبض على الشافعيِّ، وكلِّ من ورد اسمه في الوشاية، وذلك في سنة 183 هجرية.
سر انشغال الإمام الشافعي بالتعليم والبعد عن السياسة والإمارة
حُمل الشَّافعيّ ومن معه مُكبَّلين بالحديد والأغلال من اليمن إلى مدينة ( الرقة) في شمال بلاد العراق حيث مقرُّ إقامة الخليفة العباسي هارون الرشيد، واستعدَّ الشافعي لمواجهة كافة التهم الموجهة إليه،، فما إن أُدخل على الخليفة الرشيد، حتى انطلق برائع بيانه يكشفُ بطلان ما وُجِّه إليه من تهم وافتراءات، حتى خلب لُبَّ الرشيد بدفاعه البليغ، خاصة عندما قال له: ( أ أدع من يقول إنَّه ابن عمِّي –يقصد هارون الرشيد– وأتولَّى من يقول إنه خالقي ورازقي –يقصد إمام الشيعة الذي يُسبغ الشيعةُ الأغبياء عليه صفات القداسة" فانشرح صدرُ الرشيد، وطلب منه أن يُناظر الإمام محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة في بعض المسائل، فأظهر الشافعيُّ براعة علمية فائقة فأمر الرشيد له بجائزة كبيرة تُقدر بخمسة آلاف دينار بمثابة رد اعتبار لذلك الإمام المظلوم وتبرئة لساحته أمام الناس.. ومن وقتها انشغل الإمام بالعلم ورفض العمل في الإمارة والولاية وكان هذا الأمر سر ابتعاده عن العمل العام.
وفي سنة 198هـ انتقلُ الشَّافعيُّ إلى مصر ليواصلَ نشر علمه، وتُقابله محنةٌ أخرى تمثلت في عداوة تلاميذ الإمام مالك له بسبب خوفهم من اندثار مذهبهم حتى إنهم كانوا يَدْعون عليه في صلواتهم بالموت، وبجانب ما كان يُعانيه الشَّافعيّ من مِحَن بسبب الحسد والغيرة، وآثار التهمة القديمة بالتشيع والرفض، كان الشافعي يُعاني من محنة أخرى تُعتبر علامة من علامات محبة الله عز وجل، وهي محنة مرضه المزمن بالبواسير الشديدة التي سبَّبت له آلامًا مبرحة ونزيفًا مستمرًا للدِّماء حتى إنه كان لا يحدث أو يؤلف أو يقرأ القرآن إلا وتحته لبد أو طست من شدَّة النَّزف.
وظلَّ مرضه يتعالى عليه حتى أورثه ضعفًا، لا يكادُ يقوى أن يقف أو يجلس معه، وكان تلميذه يونس بن عبد الأعلى حسنَ الصوت بالقرآن الكريم، فكان كلَّما دخل يعوده يقول له: يا يونس لا تغفل عني بقراءتك فإني مكروب، وذلك من شدَّة آلامه وأوجاعه، حتى مات صابرًا محتسبًا وهو في الرابعة والخمسين من عمره، فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة.
من أقوال الشافعي
كان الشافعي يقول: "العلم علمان: علم الدين وهو الفقه، وعلم الدنيا وهو الطب، وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث، وأنشد يقول:
كُلُّ العُلُومِ سِوَى القُرآنِ مَشْغَلَةٌ إِلَّا الحَديِثَ وَعِلْمَ الفِقْهِ فِي الدِّينِ العِلْمُ مَا كَانَ فِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا وَمَا سِوَى ذَاكَ وَسْوَاسُ الشَّيَاطِينِ
|
وسُئل: كيف شهوتك للعلم؟ قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه، فتود أعضائي أن لها أسماعًا تتنعم به مثل ما تنعمت به الأذنان، فقيل له: فكيف حرصك؟ قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال، فقيل له: فكيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره.
وكان يقول: "قراءة الحديث خير من صلاة التطوع، وطلب العلم أفضل من صلاة النافلة". وكان يقول: "من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن تكلم في الفقه نما قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه". وقال: "وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ تَعَلَّمُوا هَذَا العِلْمَ، وَلَم يُنسَبْ إِلَيَّ مِنهُ شَيءٌ، فَأُؤجَرُ عَلَيهِ، وَلَا يَحمَدُونِي".
وقال أيضًا: إِذَا صَحَّ الحَدِيثُ فَهُوَ مَذهَبِي، وَإِذَا صَحَّ الحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِقَولِي الحَائِطَ.
ومن أقواله العظيمة: "العلم ما نفع وليس العلم ما حفظ". وقال: "ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا مرة، فأدخلت يدي فتقيأتها؛ لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف العبادة".
وقال: "لا يكمل الرجل إلا بأربع: بالديانة، والأمانة، والصيانة، والرزانة".
وقال: "العاقل من عقله عقله عن كل مذموم". وقال: "من لم تعزه التقوى فلا عز له".
وقال: "وما فزعت من الفقر قط، طلب فضول الدنيا عقوبة عاقب الله بها أهل التوحيد".
وقيل له: ما لك تكثر من إمساك العصا، ولست بضعيف؟ قال: لأذكر أني مسافر، وقال: من لزم الشهوات لزمته عبودية أبناء الدنيا، وقال: الخير في خمسة: غنى النفس، وكف الأذى، وكسب الحلال، والتقوى، والثقة بالله، وقال: اجتناب المعاصي، وترك ما لا يعنيك ينور القلب، عليك بالخلوة وقلة الأكل، وإياك ومخالطة السفهاء، ومن لا ينصفك.
وقال رحمه الله: "إذا تكلمت فيما لا يعنيك ملكتك الكلمة ولم تملكها، وقال: المروءة أركان أربعة: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع، والنسك، وقال أيضًا: والتواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام، التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة".

وقال أيضًا: إذا خفت على عملك العجب، فاذكر رضى من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب، فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله.
آلات الرياسة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وابتداء النصيحة، وأداء الأمانة.
وقال: أرفع الناس قدرًا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلًا من لا يرى فضله.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
