«بين الكهرمان وأم كلثوم.. يوميات العم مرزوق فى ورشة السبح».. يكشف مراحل التصنيع وأهم الخامات.. وهذه أبرز تحديات المهنة (فيديو وصور)

في أزقة حي الجمالية، حيث يفوح عبق التراث المصري، يجلس العم مرزوق وسط ورشته الصغيرة، محاطًا بآلاته البسيطة وقطع السبح التي تنبض بحكايات الزمن. يحمل بين يديه حبلًا من حبات السبح المصقولة، ويبدأ في نسج قصة عمرها عقود طويلة من الإبداع والعمل الدؤوب. منذ أن كان طفلًا صغيرًا، بدأ مرزوق رحلته في عالم صناعة السبح، حيث كانت أول أجر يتقاضاه لا يتعدى 60 قرشًا في الأسبوع، مبلغ كان ضئيلًا لكنه كان يحمل بين طياته البذور الأولى لشغفه بهذه الحرفة.

انتقال حرفة صناعة السبح عبر الأجيال

"أخي هو من علمني هذه الحرفة، واليوم أنقلها لأولادي وأحفادي، لتبقى هذه المهنة حية"، يقول العم مرزوق بابتسامة فخر، وهو يشير إلى حفيده الذي يجلس بجواره محاولًا تعلم أسرار الصنعة. يؤمن مرزوق أن صناعة السبح ليست مجرد مهنة، بل هي فن يتطلب الصبر والدقة والاهتمام بالتفاصيل.

مراحل صناعة السبح.. فن وإتقان

يتحدث العم مرزوق بحماس عن مراحل صناعة السبح، موضحًا أن كل حبة تمر بعدة مراحل دقيقة قبل أن تصبح جاهزة للاستخدام. "نبدأ بتقطيع الخامات، ثم نقوم بلفها، ثقبها، وأخيرًا تشطيبها لتخرج في أبهى صورة"، يشرح مرزوق بينما يحرك يديه بخبرة صانع ماهر.

ورغم أن العملية تبدو بسيطة للعين المجردة، إلا أن كل مرحلة تتطلب دقة وإبداعًا. فاختيار الخامات المناسبة هو فن بحد ذاته، حيث يعتمد مرزوق على أجود أنواع الخشب والعاج والكهرمان لصناعة السبح الفاخرة التي يفضلها الزبائن الباحثون عن الجودة والأصالة.

تحديات مهنة صناعة السبح بين الماضي والحاضر

لكن المهنة لم تبقَ كما كانت؛ الأسعار تغيّرت، والخامات أصبحت أغلى، ما أجبر العم مرزوق على التكيّف مع التطور التكنولوجي واستخدام آلات حديثة لتسريع بعض العمليات دون المساس بجودة المنتج النهائي. "زمان كنا نعمل كل شيء يدويًا، واليوم أصبحت هناك آلات تساعدنا، لكني ما زلت أؤمن أن اللمسة اليدوية تعطي لكل سبحة روحًا خاصة بها"، يقول العم مرزوق بنبرة حنين إلى الماضي.

رحلة بين الأسواق المحلية والعالمية للسبح 

يتذكر العم مرزوق فترات مختلفة من حياته، حيث كان يسافر إلى السعودية حاملًا منتجاته المصنوعة بحب، ليعرضها في الأسواق الكبرى. "أحيانًا يأتي الزبائن بخاماتهم الخاصة، يطلبون أشكالًا وتصاميم محددة، وأنا أنفذ ما يرغبون به بكل دقة"، يقول بفخر وهو يستعرض مجموعة من السبح المنقوشة بأسماء أصحابها.

ولا يقتصر سوق العم مرزوق على الزبائن المحليين فقط، بل تمتد سمعته إلى الخارج، حيث يطلب السياح الأجانب سبحه الفريدة كهدايا تذكارية تعكس أصالة التراث المصري. ومع ذلك، يواجه مرزوق تحديات كبيرة في التسويق، حيث يعتمد بشكل رئيسي على العملاء الدائمين وبعض المتاجر التقليدية.

الكهرمان.. جوهرة السبح الفاخرة

ورغم التطور، يحتفظ العم مرزوق بجانب تقليدي أصيل في عمله، فهو يفضل العمل على السبح المصنوعة من الكهرمان، المادة التي يعتبرها الأغلى والأجمل. "الكهرمان ليس مجرد حجر، بل هو قطعة من الزمن، يحمل بداخله تاريخًا يمتد لآلاف السنين"، يقول العم مرزوق بحب وهو يمرر بين أصابعه سبحة من الكهرمان الأصفر اللامع.

صناعة السبح.. بين الأصالة والتطور

في ورشته الصغيرة، حيث تلتقي أصالة الماضي بروح العصر، يعمل العم مرزوق طوال العام، وليس فقط في موسم رمضان، ويفضل أن يكون عمله على أنغام أم كلثوم، رغم محاولات أحفاده إقناعه بتغيير ذوقه الموسيقي. "عندما أسمع أم كلثوم وأنا أعمل، أشعر أنني أضيف روحًا لكل سبحة أصنعها"، يقول العم مرزوق، مؤكدًا أن شغفه بمهنته هو السر وراء استمرارها.

حرفة تصنيع السبح مستمرة رغم التحديات

رغم الصعوبات، يؤمن العم مرزوق أن صناعة السبح ستبقى حية طالما هناك من يقدرها ويهتم بها. "نحن الجيل الذي يحمل الأمانة، وعلينا أن ننقل هذا الفن للأجيال القادمة"، يقول بنبرة عزم، مشددًا على أهمية الحفاظ على التراث اليدوي في وجه العولمة والمنتجات الصناعية الرخيصة.

حكاية العم مرزوق ليست مجرد قصة عن صناعة السبح، بل هي قصة عن حب العمل، نقل الحرفة عبر الأجيال، والتأقلم مع الزمن دون التفريط في الهوية والتراث. في كل سبحة يصنعها، يترك بصمة من روحه، ليظل تراث صناعة السبح متجددًا عبر الأزمان، يروي قصة عشق قديم بين الإنسان وصنعة يدوية تحمل في طياتها عبق التاريخ وروح الأصالة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.