رئيس التحرير
عصام كامل

الموازنة شهادة فشل الحكومة.. الدواء المر.. تدخلات حكومية عاجلة لوقف نزيف خسائر هيئات الدولة.. تقرير المركزى للمحاسبات يدفع الحكومة لاتخاذ قرارات حاسمة

المركزى للمحاسبات
المركزى للمحاسبات

تتحمل مصر تبعات ظروف استثنائية قاسية منذ أربع سنوات، جائحة فيروس كورونا وتبعاتها، الحرب بين روسيا وأوكرانيا والحرائق التى أشعلتها فى اقتصادات البلدان النامية، والآن العدوان الإسرائيلى على غزة وما تبعه من هجمات على السفن فى البحر الأحمر وتوترات عديدة.

والموضوعية تقول إن جملة الظروف أكبر من قدرات اقتصاد بلد من دول العالم الثالث على التحمل، خاصة أنها تؤدى إلى حالة من الخوف بين المستثمرين وصعود التضخم إلى مستويات تاريخية كما حدث فى مصر وانعكس على هروب رءوس الأموال، الأمر الذى ترتب عليه ارتفاع غير مسبوق فى تكاليف المعيشة بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وفى المقابل الانخفاض فى الإيرادات، خاصة من قناة السويس والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ولكن هذا كله لا يعفى الحكومة من تحمل مسئوليتها عن تقديم أفضل إدارة ممكنة للأزمات، فقد سقطت الحكومة بسبب ضعف أدائها، وسياستها المرتبكة فى فخ الاستدانة وتنفيذ خطط صندوق النقد الدولى ورفع الدعم وزيادة أسعار كافة السلع، وأغلقت الأفق أمامها، بحيث لم يكن أمامها سوى تحرير سعر الصرف وإعلان الاتفاق على مشروع رأس الحكمة الذى أنقذ مصر واقتصادها من أزمة كارثية، لكن هذا ليس كافيا خاصة مع حجم الديون الضخم وارتفاع عجز الموازنة.

“فيتو” فى هذا الملف ترصد الخسائر الضخمة لعدد من الهيئات والجهات الحكومية فى الحساب الختامى لموازنة العام ٢٠٢٢/٢٠٢٣، وأزمات الموازنة الجديدة لمصر ٢٠٢٢/٢٠٢٣، وتحاول من خلال العديد من الاقتصاديين والسياسيين والبرلمانيين والخبراء طرح عدد من الحلول والمقترحات، فإلى التفاصيل:

 

فى وقت صعب ومرحلة حرجة يمر بها الاقتصاد المصرى، يبقى الحل لمعالجة هذه الأزمات المتأصلة خلال السنوات الأخيرة، كالدواء المر.

تتبنى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى سياسة التقشف الشديد وتحديد الأولويات وتفضيل المنتج المحلى وعدم الدخول فى مشروعات جديدة ذات مكون أجنبى لتقليل فاتورة الاستيراد لحصار أزمات توفير العملة الصعبة.

يأتى ذلك فى وقت حققت فيه العديد من الهيئات الحكومية خسائر كبيرة مثل الهيئة الوطنية للإعلام وفقًا للحساب الختامى للموازنة الماضية، وعدم الاستفادة من ملايين عديدة وفقًا للجهاز المركزى للمحاسبات وأزمات الصناديق الخاصة وأوجه إنفاق المنح والقروض، وحجم الضرائب والجباية والقروض والديون.

تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الذى استعرضه ممثل الجهاز خلال الجلسة العامة لمجلس النواب تضمن ملاحظات حول الحساب الختامى لموازنة العام المالى 2022/ 2023، أبرزها عدم إجراء الحكومة العديد من التسويات التى طلبها الجهاز.

وجاء من أبرز ما أثاره الجهاز هو عدم تضمين استخدامات الباب الرابع فى بند الدعم بمصروفات بلغت 62 مليار جنيه، مبالغ مسددة عن شراء القمح المستورد، وتحميل الخدمات بأعباء كان يمكن تجنبها؛ وبلغ ما تم حصره منها 462 مليون جنيه، بالإضافة إلى عدم تحصيل إيرادات بلغت قيمة ما أمكن حصره 88 مليار جنيه.

وأضاف ممثل الجهاز المركزى للمحاسبات أن الدين الحكومى بلغ 8609 مليارات جنيه، مقابل 6308 مليارات جنيه فى 2022، بزيادة بلغت 2310 مليارات جنيه، وبلغت أعباء الدين 1609 مليارات جنيه.

وأشار إلى أن الديون المستحقة للحكومة شهدت استمرار تزايد الديون المستحقة لها والتى بلغت 570 مليار جنيه، بنسبة زيادة 11% عن العام السابق، نصيب الجمارك منها بلغ 40%، والضرائب 60%، بالإضافة إلى 16.3 مليار جنيه لدى المؤسسات الصحفية الحكومية.

وقال ممثل “المركزى للمحاسبات”، فى ما يتعلق بالصناديق والحسابات الخاصة، إن جملة الآثار المالية المترتبة على ملاحظات الجهاز بلغت 5 مليارات جنيه، وعدم تحصيل موارد الصناديق الخاصة بلغ 4.2 مليار جنيه، وبنود أخرى لا تخصها كان يجب ضمها إلى جهات أخرى وعدم سداد مستحقات لجهات أخرى بلغ ما أمكن حصره منها 599 مليون جنيه.ونوه علام بأنه تم صرف مبالغ فى غير الأغراض المخصصة لها وعدم الاستفادة من بعض الصناديق والمشروعات التابعة لها، وبلغت 305 ملايين جنيه، بالإضافة إلى تحميل بعض الصناديق بمبالغ دون مقتضى بلغت 55 مليون جنيه.وتابع ممثل الجهاز المركزى للمحاسبات: “تضمنت ملاحظات الجهاز عدم الاستفادة من أراضى الدولة وأملاكها والمزارع السمكية لعدم استغلالها فى الغرض المخصص لها أو سداد مستحقاتها.

وقال ممثل الجهاز المركزى للمحاسبات: “بالإضافة إلى عدم الاستفادة من العديد من الأجهزة والمعدات لعدم توفير البنية التحتية لها أو عدم تخصيص أماكن لها وعدم اتخاذ الإجراءات الخاصة بإصلاحها أو قدم موديلاتها أو عدم توفير العمالة اللازمة لتشغيلها وتكدس المخازن بالعديد من المعدات والخردة والكهنة، وعدم إحكام الرقابة على المخازن وظهور زيادات وعجوزات فى الكثير من العهد، بالإضافة إلى عدم الاستفادة من العديد من السيارات والجرارات واللنشات البحرية ومعدات أخرى؛ لتعطلها وعدم إجراء إصلاحها أو إنهاء تراخيص تسييرها أو عدم توفر العمالة اللازمة للعمل عليها، وبلغت التكلفة 2.2 مليون جنيه.

وجاءت أبرز توصيات الجهاز، بضرورة مراعاة الإمكانات المادية والبشرية المتاحة وتوظيفها بكفاءة وإدارتها بصورة تتعامل مع معايير الجودة العالمية، ووضع معدلات أداء لكل الجهات، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة، ووضع النظم الأساسية لدعم التحول الرقمى، وإزالة المعوقات التى تواجه عمل الجهات.

وأضاف ممثل الجهاز المركزى للمحاسبات، بالنسبة إلى حساب ختامى موازنات الهيئات العامة الاقتصادية: “بلغت جملة الحسابات الختامية لـ59 هيئة 3638 مليار جنيه، وتبين أن 39 هيئة حققت ربحًا بـ192 مليار جنيه؛ بزيادة بنسبة 69% عن الربط الأصلى، و35 مليار جنيه فائض حكومة لـ22 هيئة.

وتابع: “أسفر نشاط 16 هيئة، عن خسائر بلغت 14.4 مليار جنيه؛ تركزت الخسائر فى الهيئة الوطنية للإعلام بمبلغ 10.6 مليار جنيه، والهيئة القومية للأنفاق، وأدى استمرار خسائر الهيئات لتراكم الخسائر المرحلة، مشيرًا إلى حصول بعض الهيئات على 468 مليار جنيه منحا وإعانات ومساهمات من الخزانة العامة؛ منها 452 مليار جنيه منحًا وإعانات، و15 مليار جنيه مساهمات، لافتًا إلى عدم الاستغلال الأمثل للطاقات المتاحة وعدم الاستفادة من بعض الأصول، وأيلولة ما تحققه بعض الأرباح للحكومة بالكامل دون حجز ما يساعدها فى تحسين أوضاعها.

وأكدت مصادر حكومية مسئولة أن الحكومة ستتخذ العديد من القرارات والإجراءات خلال الفترة المقبلة لمواجهة أزمة خسائر الهيئات واستغلالها الاستغلال الأمثل وإعادة النظر فى سياسة القروض وكيفية الاستفادة منها.

وفقًا للمصادر تمثلت رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الفترة الرئاسية الجديدة فى أن الحكومة تبنى استراتيجيات تُعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية وتعُزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصرى، وتبنى إصلاحا مؤسسيا شاملا يهدف إلى ضمان الانضباط المالى وتحقيق الحوكمة السليمة من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة، إلى جانب تعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا. مواصلة تفعيل البرامج والمبادرات الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين، مع مواصلة دعم شبكات الأمان الاجتماعى وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية.

وأكدت المصادر أن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء عقد أيضًا اجتماعا مع الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان، بشأن ملف تعظيم الموارد الذاتية وترشيد وحوكمة الإنفاق بالمنشآت الصحية التابعة لوزارة الصحة والسكان.

وأوضحت المصادر أن هناك اتجاها لدى الحكومة لإعادة النظر فى كثير من القروض، فهناك قروض يتم التأخر فى استخدامها مما يتسبب فى أعباء على الدولة سنويا، بالإضافة إلى عدم استغلال بعض القروض الاستغلال الأمثل، وهو ما يتسبب فى زيادة الأعباء السنوية.

الجريدة الرسمية