رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى ميلاد ووفاة قيثارة السماء.. أسرار في حياة الشيخ محمد رفعت.. فقد بصره صغيرا وعاش يتيما.. رفض القراءة بالإذاعة لهذا السبب.. ومرض نادر يكتب فصل النهاية في حياة رائد دولة التلاوة

الشيخ محمد رفعت،
الشيخ محمد رفعت، فيتو

تحل علينا اليوم الخميس ذكرى ميلاد ووفاة الشيخ محمد رفعت، او “قيثارة السماء” كما لقبه محبوه، رائد مدرسة التلاوة الحديثة وصاحب الصوت الشجي ونبرة حزينة تعكس مراحل حياته وما عاناه طوال رحلته في دولة التلاوة، فالطفل الذي ولد بأحلى صورة تعرض للحسد في صغره فقد بصره على أثر ذلك، وكأن الله أراد ان يحرمه من تلك النعمة ليهبه نعمة أخرى وهى البصيرة وإتقان كتاب الله، فحفظ القرآن الكريم منذ صغرة وذاع صيته بعد ذلك ليتحول إلى صاحب الريادة في دولة التلاوة المصرية، ثم توفى والده مبكرًا وعاش يتيمًا وكانت محطة وفاته لا تقل حزنًا عن ميلاده حيث أصيب بمرض نادر في الحنجرة منعه من التلاوة إلي أن فارق ربه في مثل هذا اليوم عام 1950.

نشأة الشيخ محمد رفعت 

ولد الشيخ محمد رفعت في 9 مايو عام 1882 بحي المغربلين بالقاهرة، وفقد بصره صغيرًا وهو في سن الثانية من عمره، فقد كان جميلا جدا عند ولادته، فحسدته إحدى السيدات فقالت: له عيون ملوك فأصيب بالعمى نتيجة مرض أصاب عينيه. فالعين حق تدخل الجمل القدر وتدخل الرجل القبر.

حفظ القرآن في سن الخامسة، حيث التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب ودرس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره، توفي والده محمود رفعت والذي كان يعمل مأمورا بقسم شرطة الخليفة وهو في التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولا عن أسرته وأصبح عائلها الوحيد، فلجأ إلى القرآن يعتصم به ولا يرتزق منه.

تولى  الشيخ محمد رفعت القراءة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب 1918 وهو في سن الخامسة عشرة واستطاع أن يبلغ شهرة كبيرة ونال محبة الناس، وافتتح بث الإذاعة المصرية عام 1934، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك، فافتتحها من أول سورة الفتح "إنا فتحنا لك فتحا مبينا"، وعندما سمعت الإذاعة البريطانية" بي بي سي " العربية صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام المراغي فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم.

 

وأما اليتيم فلا تقهر


كثير من الروايات عن الشيخ تؤكد أنه كان رحيما رقيقا ذا مشاعر جياشا عطوفا على الفقراء والمحتاجين، حتى إنه كان يطمئن على فرسه كل يوم ويوصي بإطعامه، ويروى أنه زار صديقا له قبيل موته فقال له صديقه من يرعى ابنتي بعد موتي، فتأثر الشيخ بذلك، وفي اليوم التالي والشيخ يقرأ القرآن من سورة الضحي حتى وصل إلى قول (فأما اليتيم فلا تقهر) فتذكر الفتاة وأخذ يبكي بحرارة، ثم خصص مبلغا من المال للفتاة حتى تزوجت.

 

خاشع القلب

كان  الشيخ رفعت قويا رقيقا خاشعا عابدا لله يشهد بوحدانية الله وصمديته، فهو رجل [خشع قلبه فخشع صوته] فتجد الناس تبكي وتخشى الله عند ذكره لآيات الترهيب وتفرح بذكره آيات الترغيب، لذا سمي بسوط عذاب وصوت رحمة، وعند سرده للقصص القرآني يتفكرون في الآيات ويتدبرونها ويعتبرون منها، أما عندما يختم قراءته ويتمنون لو استمرت تلاوته أبد الدهر فهو صوت من الجنة.

كانت طريقته تتسم بالتجسيد للمعاني الظاهرة للقرآن الكريم وإمكانية تجلي بواطن الأمور للمتفهم المستمع بكل جوارحه لا بأذنه فقط، فقد كان يبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق وبعدها يعلو صوته فهو خفيض في بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبا "عاليا" لكن رشيدا يمس القلب ويتملكه ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآي الذكر الحكيم.

 

تميز الشيخ رفعت في دولة التلاوة


كان جل اهتمامه بمخارج الحروف وكان يعطي كل حرف حقه ليس كي لا يختلف المعنى بل لكي يصل المعنى الحقيقي إلى صدور الناس، وكان صوته حقا جميلا رخيما رنانا، وكان ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف بعكس القارئين الذين خلفوه الذين يفتخرون بذلك ويتمادون في ذلك بطريقة مبتذلة زائدة عن الحد وكان صوته يحوي مقامات موسيقية مختلفة وكان يستطيع أن ينتقل من مقام إلى مقام دون أن يشعرك بالاختلاف.

القاب الشيخ محمد رفعت

له العديد من الألقاب من بينها "المعجزة - قيثارة السماء - الروحاني - الرباني - القرآني - كروان الإذاعة - الصوت الذهبي - الصوت الملائكي - صوت عابد - سوط عذاب وصوت رحمة".

 

ماذا قالوا عن الشيخ محمد رفعت 

ذكره الكثير من الأشخاص والشخصيات المهمة في معظم أحاديثهم حيث قال عنه الأديب محمد السيد المويلحي في مجلة الرسالة: "سيد قراء هذا الزمن، موسيقيّ بفطرته وطبيعته، إنه يزجي إلى نفوسنا أرفع أنواعها وأقدس وأزهى ألوانها، وإنه بصوته فقط يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلى أوركسترا"، أما "أنيس منصور" قال: "ولا يزال المرحوم الشيخ رفعت أجمل الأصوات وأروعها، وسر جمال وجلال صوت الشيخ رفعت أنه فريد في معدنه، وأن هذا الصوت قادر على أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها، ثم إنه ليس كمثل أي صوت آخر".

ويصفه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بأنه صوت ملائكي يأتي من السماء لأول مرة، وسئل الكاتب محمود السعدني عن سر تفرد الشيخ محمد رفعت فقال: كان ممتلئًا تصديقًا وإيمانًا بما يقرأ.


أما على خليل "شيخ الإذاعيين" فيقول عنه: "إنه كان هادئ النفس، تحس وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه في جنة الخلد، كان كيانًا ملائكيًّا، ترى في وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص للخالق، وكأنه ليس من أهل الأرض"، كما نعته الإذاعة المصرية عند وفاته إلى المستمعين بقولها: "أيها المسلمون، فقدنا اليوم عَلَمًا من أعلام الإسلام"، في حين قالت عنه الإذاعة السورية فجاء النعي على لسان المفتي حيث قال: "لقد مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام".

إشادة الشعراوى بصوته 


وقال عنه الشيخ الشعراوي: إن أردنا أحكام التلاوة فالشيخ الحصري، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا النفس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا كل هؤلاء جميعا فهو الشيخ محمد رفعت.

وقال عنه الأديب أنيس منصور: “ولا يزال المرحوم الشيخ رفعت أجمل الأصوات وأروعها، وسرُّ جمال وجلال صوت الشيخ رفعت أنه فريد في معدنه، وأن هذا الصوت قادر على أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها، ثم إنه ليس كمثل أي صوت آخر”.

 

 

سبب وفاة الشيخ محمد رفعت

توفي "رفعت" في 9 من مايو عام 1950 بعدما أصيب بمرض سرطان الحنجرة المعروف في هذا التوقيت بـ "الزغطة" وحينها توقف عن القراءة كان وقتها لا يمتلك تكاليف العلاج واعتذر عن عدم قبول أي مدد أو عون ألح به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامي، ورد قائلا: "إن قارئ القرآن لا يهان".
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

الجريدة الرسمية