رئيس التحرير
عصام كامل

انتصارات رمضان، معركة رأس العش لقنت العدو الإسرائيلي درسا قاسيا وأعادت للمصريين الثقة بالنفس

الملازم أول فتحى
الملازم أول فتحى عبد الله بطل معركة رأس العش، فيتو

انتصارات شهر رمضان، معركة رأس العش إحدى المعارك الشرسة التي قام بها عدد لا يتعدى عن 30 فردا من الصاعقة المصرية ضد جحافل من قوات الجيش الإسرائيلي بعد أقل من شهر على نكسة 5 يونيو 67 وكان لها أثر كبير في رفع الروح المعنوية لأبطال الجيش المصري بالكامل وكان معظم أبطالها من الرتب الصغيرة. 


أحد أبطال المعركة الملازم أول فتحي عبد الله، هذه التصادمية بين القوات المسلحة المصرية المنسحبة من سيناء والقوات الإسرائيلية المزهوة بنصر لم تبذل فيه جهدًا على ضفة القناة الشرقية قبل مرور شهر وكانت أول عبور يتم للقوات المسلحة المصرية من الغرب إلى الشرق بعد الانسحاب وتنتصر القوة المصرية وتفرض إرادتها وتمسك بموقعها حتى حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر. 
 

Advertisements


تخرج البطل من الكلية الحربية في 16 أغسطس 1966الحربية وانضم فور تخرجه إلى صفوف قوات الصاعقة وكانت وحدته تتمركز بمنطقة القسيمة بسيناء ضمن التشكيل الذى كان يقوده الفريق سعد الدين الشاذلي وعندما اندلعت هاجمت القوات الإسرائيلية سيناء في 5 يونيو 1967 ولم تتح الفرصة للكتيبة شأنها شأن باقي قواتنا المسلحة من مواجهة القوات الإسرائيلية بل نفذوا أوامر الانسحاب فورا إلى غرب القناة ولذلك لم تجد القوات الإسرائيلية صعوبة في مهاجمة قوات عسكرية ضخمة لا هي في وضع هجوم ولا هي في وضع الدفاع بل قوات محملة أسلحتها فوق العربات فى طريقها إلى الغرب.

أقل وحدات الصاعقة خسائر 

تمكن وقتها اللواء سعد الدين الشاذلي من الانسحاب بالكتيبة بأقل الخسائر أثناء الانسحاب لما يتمتع به  أفرادها من لياقة بدنية عالية وتنظيم جيد بسبب التدريبات الشاقة التي كانوا اعتادوا عليها وقد تم  إعادة تشكيل وتسليح الكتيبة التى كان يقودها الرائد سيد الشرقاوي وكان بطلنا برتبة الملازم قائدًا لإحدى فصائل هذه الكتيبة التى ضمت جنودًا على درجة عالية من الجرأة والاندفاع لم يكن من الصعب عليه التعامل وتمركزت الكتيبة بالقرب من بورسعيد.

 

معركة رأس العش.. معركة إعادة الثقة

كانت قوات العدو الإسرائيلي قد استقرت بمدينة القنطرة شرق حتى ضفة القناة الشرقية كحد شمالى لها على قناة السويس ولم يكن فى حساباتهم أنه بعد أسبوعين فقط من نهاية حرب يونيو التفكير  لدخول مدينة بور فؤاد فى الطرف الشمالى من الضفة الشرقية لقناة السويس وذلك لأن المنطقة تتمتع  بمناعة طبيعية عبارة عن مساحات شاسعة من الملاحات تحيط بها يستحيل على أي قوات اجتيازها بواسطة الدبابات أو الآليات المجنزرة ولكن العدو بسبب زهوة قواته بأنها لا تقهر بدأ يوم 25 يونيو بعمل دوريات استطلاع من القنطرة شرق شمالًا على مدق من الرديم بمحاذاة قناة السويس لا يزيد عرضه عن عشرة أمتار يجاوره منطقة من الطمي رخوة تعرف باسم سهل الطينة وتعتبر هي أيضا  عائقًا طبيعيًا بالرغم من قلة قسوتها من الملاحات المحيطة بالمنطقة ونظرا لنشاط دوريات العدو المتجهة شمالًا فى اتجاه الكاب والتينة وهما النقطتان الجنوبيتان من رأس العش ثم يليها ميناء الكرنتينة ثم بورفؤاد. 


فقد تم تكليف كتيبة الرائد سيد الشرقاوى بإرسال فصيلة صاعقة من كتيبته لتعبر القناة شرقًا لحماية رجال سلاح المهندسين المصريين أثناء عملية زرع ألغام على الضفة الشرقية من القناة مساء يوم 29 يونيو عند منطقة الكاب ثم التينة ثم رأس العش على أن تتم العودة مع أول ضوء من صباح اليوم التالى ولكن العملية استغرقت وقت أكبر حتى بزغ نور الفجر قبل أن  تتمكن من تلغيم منطقة رأس العش وعند ظهر يوم 30 يونيه أبلغت قوات الاستطلاع المصرية على شاطئ القناة بمشاهدة دورية للعدو متحركة من القنطرة شرق شمالًا فى اتجاه الكاب وهناك تنبهوا لآثار أقدام القوة المصرية فأحضروا مجسات للبحث عن ألغام وعثروا على حقل الألغام  الذي قامت به قوات المهندسين وبدأوا فى نزعها وفى هذا الوقت أبلغت استطلاعاتنا عن استدعاء العدو تعزيزات من مدرعاته وعربات نصف جنزير إلى الكاب فى طريقها إلى مدينة بورفؤاد فطلبت القيادة بقيادة سعد الدين الشاذلي من الرائد سيد الشرقاوى إرسال قوة من كتيبته شرقًا للتصدي لقوات العدو فأصدر قائد الكتيبة أوامره لضابطه البطل  الملازم فتحى عبد الله بإعداد فصيلته بالسلاح والعتاد وإعطائه تمام استعداد للعبور شرقًا خلال نصف ساعة. 


وبدأ بالفعل عبور القناة شرقا على دفعتين  نهارًا بواسطة إحدى زوارق الإرشاد الخاصة بهيئة قناة السويس بمحطة رأس العش ووصل الملازم فتحى إلى نقطة تمركزه فى الثالثة بعد الظهر وبدأ الخطة بتوزيع رجاله بأسلحتهم على خط المواجهة المتوقع مع العدو والذى لا يزيد عن 500 متر منها مدق عرضه 10 أمتار بمحاذاة القناة والباقى تربة رخوة للغاية صعبة على الجنود الذين قاموا بحفر حفر برميلية لتكفل للفرد الحماية أثناء استعمال سلاحه الخيف من الوضع واقفًا والتي كانت تنهار كلما أستمر الحفر فيها الأمر الذي لم يسمح لهم إلا بعمل حفر للوضع الاستلقاء وقد تمكن القائد الشاب توزيع أسلحت قواته رماة من الآر. بى. جيه 7 والرشاشات الخفيفة، والبنادق الآلية على الأجناب وفى المنتصف وقد تم تعزيز فصيلة الملازم فتحى بفصيلة أخرى من كتيبة صاعقة معاونة بقيادة الملازم أول جابر الجزار بمدفعين مضادين للدبابات ورشاشين متوسطين ولأن الجزار يقود وحدة معاونة فقد ترك قيادة العملية للملازم فتحى الذى يصغره فى الرتبة وإن عاونه فى توزيع الأسلحة  وفى نفس التوقيت وعلى الحد الأمامى لهذه القوة الصغيرة من الصاعقة كان رجال سلاح المهندسين  يقومون بزرع الألغام وجاءت  لحظة الحسم  وكانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة والنصف قبل الغروب بحوالى ساعة وبضع دقائق  وصلت فيها القوة الإسرائيلية المكونة من فصيلة دبابات  3 دبابات وعدد من العربات المجنزرة المحملة بالهاونات 120 مم والرشاشات نصف البوصة  تعززها سرية مشاة محمولة على عربات  في طريقها لاحتلال منطقه رأس العش ففوجئت بقوة الصاعقة أمامها على بعد حوالى 50 مترًا فوقفوا مكانهم الصعوبة الرجوع بسبب ضيق الشريط الذي يتحركون عليه بل أن بعضا من الجنود الإسرائيليين قد نزلوا لمشاهدة ما يفعله رجال سلاح المهندسين المصريين الذين أكملوا مهمتهم وعادوا إلى الغرب ولم يشتبك الطرفين وقتها والسبب أن لا يريد أن يكون أحدا فيهم  البادئ بكسر وقف إطلاق النار الموقع عليه من قيادة الجانبين ومراقب من الأمم المتحدة. 


وصول الدعم الإسرائيلي 

ونظرا لصلف العدو في ارتكاب أخطاء بدأت الأحداث تتسارع ووصلت طائرة استطلاع هليكوبتر للعدو الإسرائيلي بكابينة لطيار واحد حامت فوق القوة المصرية وعلى ارتفاع لا يزيد عن ثلاثة أمتار فوق الجنود المصريون الذين لا يزيد عددهم عن 30 من الجنود والصف وضابطين لدرجة أنها حصلت على كل ما تريد معرفته عنهم من حيث العدد والتسليح والتوزيع ولم يبقى شيء لم تحصل عليه سوى أسماء القوة ثم غادرتهم عائده الي قاعدتها وبعد  حوالي 10 دقائق شاهد الأبطال المصريين المرابطين بالحفر  طائرتين ميراج إسرائيليتين قادمتا من الشرق فى اتجاههم فوق الملاحات على ارتفاع منخفض جدًا  أحدثت صوتًا شديد الازعاج ومراوحها عملت زوابع رملية فى الأرض لبث الرعب   الرعب فى قلوب الجنود المصريون الذين كانوا يعانون منذ أيام قليلة مرارة الانسحاب وسط ضرب هذه الطائرات الجنود العزل أثناء انسحابهم وظن طياريهم أن هذه الأجواء قد تخيف قوات الصاعقة ليعودوا الي الغرب ويتركوا مواقعهم  ولكن خاب ظنهم  وغادرت الطائرتان المكان مع اخر  ضوء دون نتيجة وجاء ليل حالك السواد بدون قمر من ليالى نهاية الشهور العربية وفجأة بدأ صوت  الدبابات والمجنزرات الإسرائيلية تتقدم فى اتجاه الأبطال حتى اقتربت على بعد من 20- 30 متر من الابطال المتربصين داخل الحفر وفتح العدو نيرانه ولكن عنايه  الله  وحسن اختيار مواقع الاختباء لقوات الصاعقة في صالحهم  فامتصت الأرض الرخوة دانات الهاون 120 مم الإسرائيلية ذات المقدمة الطرقية ودفنت بين حفر الأبطال دون أن تنفجر وتحدث بهم إصابات أما الدبابات الإسرائيلية لقرب المسافة من رجال الصاعقة خفضت مستوى مدافعها لأقل مستوى ومع ذلك كانت ترمى طلقاتها خلف الأبطال.
وهنا بدأت المعركة واستطاع  أبطال الصاعقة المصرية من تلقين العدو الإسرائيلي المغرور درس قاسى فتحرك كلا القائدين بين جنودهما يديران نيران المدافع المضادة للدبابات وقواذف الآرب جيه والرشاشات المتوسطة ويظهر هنا معدن الأبطال فيشاهد القائد المصري الملازم فتحى عبد الله أحد صف ضباطه وهو رقيب الفصيلة حسنى سلامة وتسليحه بندقية آلية يحمل قاذف آربى جيه ويقترب من أولى دبابات العدو ويحكم التصويب فيصيب الدبابة فى مقتل أسفل البرج مباشرة، وكانت فاتحة الخير فتم تدمير نصف جنزير إسرائيلية محملة بمدفع هاون وأحتدم القتال وإزدادت الخسائر فى قوات العدو وحدثت بعض الخسائر من الدانات الفوسفرية بين بعض أبطال مصر وأستمر القتال حتى الثالثة قبل الفجر وأثناء القتال أبلغ الرائد سيد الشرقاوى لا سلكيًا ضابطه الشاب فى الشرق بمحتوى مكالمة تليفونية وصلته أثناء القتال مباشرة من الرئيس جمال عبد الناصر يطالبه فيها بالاستمرار فى القتال ولا يسمح بمرور العدو إلا فوق جثث أبطالنا فقام الملازم فتحى بإبلاغ جنوده هذه الرسالة من الزعيم عبد الناصر الذى كان يتابع مجريات المعركة أولًا بأول فزاد حماسهم وإصرارهم على النصر.

 وأوقف العدو نيرانه بعدما تكبد خسائر كبيرة وطلب تعزيزات من القنطرة شرق ولكن تلك التعزيزات اصطدمت بكمين مصرى اخر تم الدفع به شرقًا فى منطقة التينة بقيادة الملازم اول عبد الوهاب الزهيرى من كتيبة المقدم فؤاد بسيونى فأحدثوا بها خسائر شديدة حتى أنه تم جمع صناديق الذخيرة والمهمات والأسلحة المصاحبة لقوات العدو وإرسالها غربًا في أحد اللنشات.

فى تلك الأثناء كانت قوات العدو فى رأس العش قد قام بعض جنودها بعملية التفاف من منطقة الملاحات خلف الأبطال وبدأوا فى فتح النار عليهم من الخلف وأستشهد أثناء ذلك البطل المصري الملازم أول جابر الجزار ولما كان القائد المصري لديه هذا التوقع من معرفته بأساليب العدو فقد أعطى أوامره للرشاش المتوسط بالدوران للخلف والتعامل مع القوة الملتفة، وبمجرد إحداث خسائر بينهم سارعوا بالانسحاب ومعهم قتلاهم وجرحاهم دون ترك أحد منهم والذين دل عليهم الدماء النازفة منهم.
وانتهت المعركة بنصر ساحق للجندى المصرى وأبطال الصاعقة البواسل عندما أتيحت له فرصة حقيقية لمواجهة العدو، وفى المقابل فشل العدو المتغطرس من عبور منطقة رأس العش إلى مدينة بور فؤاد.

 

معركة رأس العش أعطت للعدو الإسرائيلي درسا لن ينساه 

وبسبب هذه العملية التي أعطت للعدو الإسرائيلي درسا لن ينساه اذيع بيان في نشرة السابعة صباحا في الراديو المصري بالبطوله التي قامت بها قوات الصاعقه في رأس العش وصدر قرار جمهورى بترقية جميع ضباط وضباط صف وجنود أبطال رأس العش إلى الرتبة والدرجة الأعلى لما قاموا به من عمل عظيم  رفع من الروح المعنوية للجيش المصري وجعل العدو يستيقظ من غفلته بأنه هزم الجيش المصري وحوله الي جثه هامده ثم تم  إنشاء نقطة مصرية قوية فى مكان تلك المعركة وظلت  هى الوحيدة لنا شرق القناة وهى نقطة الكيلو متر 10 ولم يستطع العدو اقتراب منها حتى نصر أكتوبر المجيد

وأنهى البطل خدمته عام 1994 برتبة اللواء  وحصل على العديد من الأوسمة والنياشين بسبب أعماله البطولية أهمها نوط الواجب والخدمة الطويلة إلى جانب الترقية الاستثنائية، وتوفي البطل يوم 14 فبراير عام 2021 بعد حياة مليئة بالبطولات لخدمة هذا الوطن.

 

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

 

الجريدة الرسمية