رئيس التحرير
عصام كامل

كلمتين وبس.. رجل وبقرة

يحكى أنه في قرية بعيدة حد السماء، كان هناك رجل يمتلك بقرة قوية للغاية تُعتبر ثروة له، إذ كانت تتمتع بصحة جيدة وتنتج الكثير من اللبن الطازج يوميًا.. لهذا كان الرجل يستخدم هذه البقرة لتحقيق ثروته الخاصة ولتوفير لبنه للبيع في السوق، فهي كل رأس ماله.

 

مع مرور الوقت، بدأ الرجل يشعر بالطمع والجشع، وأراد أن يزيد من أرباحه وثروته، لذا قرر أن يضغط على البقرة لتنتج المزيد من اللبن.

 

في البداية، بدا الأمر وكأنه فكرة جيدة، حيث زادت كمية اللبن التي تنتجها البقرة بشكل ملحوظ، فكانت الجرار تمتلئ عن آخرها وتفيض ليسيل اللبن على الأرض.

Advertisements

 

ومع هذا يا سادة، لم يكتف الرجل بذلك، فقد بدأ يزيد الضغط على البقرة بشكل متزايد، بل أصبح يطالبها بإنتاج المزيد والمزيد والمزيد من اللبن، دون أن يهتم بصحة البقرة أو استجابتها الطبيعية.. كان صاحبنا يتجاهل العلامات التحذيرية التي بدأت تظهر على جسم البقرة، مثل ضعفها وإرهاقها المتزايد وصوتها الذي بح.

نهاية مأساوية

وبمرور الأيام والأسابيع، بدأت تظهر على البقرة المسكينة علامات الإنهاك والإرهاق الشديد.. راحت تفقد شهيتها وقوتها، وتراجعت قدرتها على إنتاج اللبن، لكن صاحبنا كان مصرًا على مضاعفة إنتاج البقرة، حتى وصلت إلى حد الانهيار.

 

وفي النهاية، لم تتحمل البقرة الضغط الزائد الذي وضعه الرجل عليها، وتوقفت عن العمل تمامًا. لم تعد قادرة على إنتاج لبن، وعانت من صعوبات صحية جسيمة.. وبعد فترة قصيرة، ماتت البقرة بسبب الإنهاك الذي تعرضت له.. هذه نهاية البقرة، لكن يا ترى كيف انتهى الحال بصاحبها؟

 

إنها نهاية مأساوية للرجل بعد أن فقد البقرة، فبدون مصدر دخل رئيسي، وجد نفسه في حالة يأس وفقر شديد.. عجز عن تلبية احتياجاته الأساسية مثل الغذاء والمأوى، ولم يستطيع سداد الديون التي تراكمت عليه، وتدهور وضعه الصحي والنفسي، وعاني من العزلة واليأس.

 

بدون أمل في التعافي، تراجع الرجل إلى حالة من الأحقاد والانغماس في الجريمة، ولجأ إلى السرقة والاحتيال في محاولة يائسة لتحقيق بعض الدخل.. تصاعدت مشاكله، حيث تعرض للملاحقة القانونية وانفصل عن المجتمع، وفقد الثقة في الناس وفي نفسه، وعاش حياة منعزلة ومليئة بالألم واليأس.

 

 

إنها نهاية مأساوية للرجل بعد فقدان البقرة تذكرنا بأهمية الاعتناء بالمصادر التي نعتمد عليها والتعاطي بحكمة وعدل.. وتوتة توتة فرغت الحدوتة.

الجريدة الرسمية