رئيس التحرير
عصام كامل

كلام للنائب العام

في واقعة متشابكة ومعقدة اتهمت سيدة -عمرها شارف على الستين- وابنتها وابنها بمحاولة الاعتداء على ضابط شرطة بقسم التجمع، وعلى إثر تلك الواقعة التي لم يصدر فيها حكم بعد، أُحيلت السيدة وابنتها وابنها إلى النيابة التي أمرت بحبسهم أربعة أيام. وفي التجديد أمر القاضي بإخلاء سبيلهم بكفالة مالية.

كما هي العادة استأنفت النيابة العامة في قرار الإفراج بكفالة، واستمر حبسهم، وفي موعد التجديد أمر القاضي بالإفراج عنهم بكفالة مالية، وتكررت نفس العادة حين استأنفت النيابة على القرار، واستمر حبسهم احتياطيًّا على ذمة القضية وعادوا إلى قسم التجمع.

Advertisements

الواقعة لها روايتان متناقضتان؛ رواية المتهمين، ورواية السيد الضابط الذي اتهمهم بتمزيق ملابسه والاعتداء عليه، والمزعج في الأمر أن الأم التي شارفت على الستين تعاني من حالة انزلاق غضروفي.. 

وكما يقول الدكتور فتحي سرور عن الحبس الاحتياطي "إن الحبس الاحتياطي لا يخرج عن كونه إجراء من إجراءات التحقيق في جميع الأحوال، وإنه بهذه الصفة ليس عقوبة، كما أنه ينبغي ألا يتحول إلى تدبير احترازي يجعله في مصاف العقوبات".

ويذهب الدكتور عبد الرؤوف مهدي إلى القول "إن الحبس الاحتياطي إجراء من إجراءات التحقيق يتعارض مع أصل البراءة المفترض في الإنسان". 

وبعيدًا عن فكرة الإسراف في استخدام الحبس الاحتياطي التي تشغل بال المشتغلين بحقوق الإنسان والأصل فيه، وفكرة تمدده حتى أصبح عقوبة في حد ذاته، فإن وجود سيدة لديها سكن معلوم ولن يمكنها التلاعب في أدلة اتهامها في قضية الاعتداء على الضابط أو قدرتها على التأثير على شهود الواقعة وبالتأكيد كلهم من زملاء الضابط صاحب الواقعة، أمر يستوجب النظر في فكرة الحبس من أساسه.

إن إعمال روح القانون في مثل هذه الحالات أمر تفرضه الدوافع الإنسانية، خصوصًا وأن السادة الضباط في قسم التجمع نقلوا السيدة وابنتها من غرفة الانتظار إلى غرفة الحجز العادية، وهو أمر يهدد حياة سيدة مصابة بانزلاق غضروفي وبمرض السكر المزمن.

لا شك أن قاضي التحقيقات الذي أصدر قرارًا بالإفراج عن المتهمين بضمان مالي أدرك إنسانيًّا الظروف والملابسات التي تحيط بواقعة قد يصدر فيها حكم بالبراءة، فما الذي يجعلنا نحتفي بحبس سيدة وابنتها احتياطيًّا ونعاقبهم أكثر بنقلهما إلى غرفة الحجز العادية؟


إن الأمر متروك إلى سيادة المستشار النائب العام للنظر بعين الرحمة والإنسانية في هذا الأمر حتى لا يصبح الأمر تهديدًا لحياة سيدة تقترب من الستين ولديها كل هذه الأمراض.

الجريدة الرسمية