رئيس التحرير
عصام كامل

قتل أطفال غزة.. ألا يحرك مشاعر العالم؟!

ما يحدث في غزة في كل لحظة من إبادة جماعية واستهداف متعمد للمدنيين الآمنين وخصوصًا الأطفال والنساء، وتدمير ممنهج للمستشفيات والطواقم الطبية بمباركة أمريكية ترفض وقف إطلاق النار، بدعوى أن مثل تلك الهدنة من شأنها أن تعطى للمقاومة فرصة لالتقاط الأنفاس.. 

 

وفي سياق كهذا يبدو طبيعيًا أن يشعر الناس بالحزن ليس هنا فقط بل خارج هنا أيضًا؛ فكل نفس سوية لابد حتمًا أن تتألم لما تراه من مشاهد قتل ودم ودمار يرتكبها معدومو الضمير وفاقدو الإنسانية.. ويزداد الحزن ويتعمق إذا تعلق الأمر بقتل الأطفال الذين لا يملكون إلا البراءة، ولا طاقة لهم على دفع الأذى أو احتمال الألم..

Advertisements

 

يقول الله تعالى "وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ".. فماذا يكون ما نراه من جرائم بحق أطفال أبرياء إلا أنه وأد واغتيال بدم بارد، ترتكبه دولة الاحتلال الإسرائيلي على مرأى ومسمع من العالم كله، بحق أهلنا المدنيين في غزة، بأسلحة شديدة الفتك والتدمير وربما بأسلحة محرمة دوليًا بدعوى القضاء على المقاومة.. بمنطق الغاية تبرر الوسيلة!


الحزن حالة يتألم القلب والنفس لأمر مكروه وقع بالفعل.. أما الهمَّ فهو انشغال النفس واضطراب القلب لتوقع مكروه يقع في المستقبل.. وقد نهى الله تعالى صراحة عن الوهن والحزن بقوله تعالى: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (آل عمران:139).


الحزن يراه البعض شيئًا طبيعيًا إزاء ما يجرى لإخوتنا في غزة وفلسطين من اعتداءات إسرائيلية بشعة بحق مدنيين عزل؛ حيث لا تتورع إسرائيل في كل لحظة على مدى شهر كامل من إزهاق أرواح آلاف الشهداء والمصابين والأبرياء وأكثرهم من الأطفال، وكأن ذلك مقصود لتصفية الأجيال الجديدة في غزة حتى تموت القضية وتدفن معهم..

 

والسؤال: ألا تحرك تلك المشاهد ضمير العالم؟! أما تفسير تلك الآية فقد قيل إنها تعزيةٌ لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أصابهم من الجراح والقتل يوم أحد؛ قال تعالى: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا"، يا أصحاب محمد، يعني: ولا تضعفوا بالذي نالكم من عدوكم بأحد، من القتل والقروح - عن جهاد عدوكم وحربهم.


أما قول الله تعالى "وَلَا تَحْزَنُوا"، فيعنى: ولا تأسوْا فتجزعوا على ما أصابكم من المصيبة يومئذ، فإنكم "أَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ"، يعني: الظاهرُون عليهم، ولكم العُقبَى في النُّصرة عليهم"إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"، يقول: إن كنتم مصدِّقي نبيي محمد صلى الله عليه وسلم فيما يَعدكم، وفيما ينبئكم من الخبر عما يؤول إليه أمركم وأمرهم.


لا شك أن الشعور بالحزن غريزة إنسانية طبيعة، عاشها الرسل أنفسهم فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم حين مات ولده إبراهيم: "وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"، وهذا دليل على مدى رحمته وشفقته صلى الله عليه وسلم، ويظهر ذلك في تقبيله وشمه لابنه وقت مرضه، وحزنه وبكائه بعد موته..

 

 

كما ظهر مدى أدبه صلى الله عليه وسلم مع ربه سبحانه، حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يقل -مع حزنه الشديد- أي كلمة تدل على جزعه وعدم صبره ورضاه بقضاء الله وقدره، فقال صلى الله عليه وسلم: "ولا نقول إلا ما يرضى ربّنا"، فكان صلوات الله وسلامه عليه مثالًا وقدوة عملية في الصبر والرضا، والأدب مع الله عز وجل.. وللحديث بقية إن شاء الله.

الجريدة الرسمية