رئيس التحرير
عصام كامل

سر ترقيم مقابر الإمام الشافعي باللون الأحمر.. الأهالي: لم نتلق إخطارات بالإزالة.. وباحثون: هذه المقابر أثرية والحفاظ عليها «ضرورة»

مقابر الإمام الشافعي،
مقابر الإمام الشافعي، فيتو

ثمة شيء ما يجعل من مقابر الإمام الشافعي إرثا تاريخيا أكثر من مجرد مبان  تحوي رفات آلاف الموتى ما بين عظماء أمة ونبلاء حِقب وبسطاء أزمنة من ماتوا علانية ومن سقطوا دون شهود.

فحيثما وليت وجدت مبان قديمة ليس بوسعك إلا أن تقف أمامها احترامًا ومهابة كما ليس بوسعك إلا أن تنفض غبار الأزمنة عن اشهدتها الرخامية ليتسني لك قراءة الاسم المدون لأناس اختاروا أن تكون حتى قبورهم مزيج من فنون شهدت أن مصر في وقت من الأوقات كان يجسد بداخلها كل الفنون والثقافات فهذا المدفن مصمم علي الطريقة الإسلامية وذاك على الطريقة القوطية وهذا ما أن تعرج يمينًا على الطريقة الأندلسية.

Advertisements

مقابر الإمام الشافعي

فعلى مدى عقود خلت نعمت تلك المقابر بهدوء وسكينة الموتى في قبورهم وبقي الأحياء بجوارهم يحرسون الأثر تارة ويرشدون الغرباء تارة أخرى هدوء يبدو طبيعي في مدينة أغلب ما فيها هم الموتى.

 ولكن في الأشهر الأخيرة ربما كان علي هؤلاء الموتى أن يستيقظوا من سباتهم الطويل استعدادًا للرحيل حيث جرت في الآونة الأخيرة إزالة عدد كبيرًا من المقابر التاريخية والتي تجاوز عمر بعضها أكثر من ألف عام وبحسب ما أوردته الحكومة فإن هذا التحرك هو البداية لنقل أكثر من 2700 مقبرة ونقلها لأماكن جديدة في مدينة 15 مايو (علي مسافة 35 كيلو متر من القاهرة) وذلك لأجل تنفيذ مشاريع تستهدف تطوير تلك المنطقة.

إزالة المقابر خاصة التاريخية منها أثار حالة من الجدل علي وسائل التواصل الاجتماعي هدأت قليلا ولكنها ما لبث أن عادت من جديد فخلال الساعات الماضية شغلت مقبرة "علي باشا فهمي" في منطقة الإمام الشافعي العديد من المهتمين بالتراث ومحبي القاهرة القديمة عقب نشر الباحث الاثري" زيزو عبده" صورة لواجهة المقبرة وقد كتب على وجهتها الرقم 548 بمادة حمرا، وهو ما أثار مخاوف من تعرض المقبرة للهدم ضمن مخطط لتطوير المنطقة بإقامة جسور وطرق جديدة "فيتو" قامت بجولة ميدانية لها داخل مقابر الإمام الشافعي للتأكد من صحة ما تم تداوله عن إزالة تلك المقبرة ومقابر أخرى بجوارها وما حقيقة الأرقام التي يتم تدوينها علي مخارج تلك المقابر.

ليس علي باشا فهمي فقط

شارع الطحاوي المسمي علي إسم أبي جعفر إبن محمد الطحاوي والذي انتهت الية رياسة الطائفة الحنفية في مصر  يضم بين جانبية مقابر غاية في الرقي والأناقة مبنية علي الطراز المملوكي والعثماني والأندلسي لعظماء أثرو حياتنا السياسية والثقافية والأدبية في أزمنة خلت، ما تقطع بضع خطوات علي قدميك حتي تتفاجأ بمقبرة إسماعيل باشا صدقي أحد أشهر ساسة مصر إثارة للجدل  ومن ينسب آلية دومًا محاولة أثقال نفوذ الملك فؤاد بوضعة لدستور 1930 مبني يمتاز بجمال معماري فريد ولكن طالته يد خفية دونت علي مدخلة باللون الأحمر الرقم 554 ما أن تنعطف يسارا حتي تصطدم بمقبرة يحيي باشا إبراهيم رئيس وزراء مصر الأسبق والملقب بشيخ القضاء والذي ينسب آلية الإفراج عن الزعيم سعد زغلول بعد أسبوعين فقط من تولية الوازرة وايضا قد دون عليها هذا الرقم556 نفس الشيء أيضا لمقبرة محمود سامي باشا البارودي والتي حملت الرقم543 علي مدخلها ومحمد توفيق نسيم باشا والتي حملت الرقم 544 وإلى جانبها مقبرة عدلي باشا يكن والتي خصت بالرقم 538 بجانب مقربتي محمد علوي باشا رائد طب الرمد في مصر وعمر عزمي باشا أول ناظر للزراعة في مصر والتي حملتا الأرقام 502 و521، وجميعهم دون علي مدخلهم نفس الأرقام التي دونت علي مدخل مقبرة علي باشا فهمي والذي يشاع عن نية هدمها وأن الأرقام المدونة ما هي إلا خطوة أولية أو تعريفية عن إزالتها.

مقابر الإمام الشافعي، فيتو

حقيقة الأرقام المكتوبة
يبدوا الأمر مقلقا بعض الشي إذا ما تم التأكد من فرضية أن الأرقام التي يتم وصم تلك المقابر التاريخية بها خطوة أولية لإزالتها بحسب ما تم تداوله علي مواقع التواصل الاجتماعي فهذا يعني أن الأمر لا يتعلق بمقبرة علي باشا فهمي فقط بل وبكل تلك المقابر التي تم تدوين تلك الأرقام عليها، لمعرفة ذلك تواصلنا مع الباحث الاثري ومؤسس المبادرة الاجتماعية "سيرة القاهرة" زيزو عبدة باعتباره أول من دق جرس إنذار عن خطورة الأرقام التي توضع علي مداخل المقابر التاريخية تأهبا لإزالتها حيث قال: أن ما قام بتصويرة هو توثيق للحظة تدوين تلك الأرقام علي مقبرة علي باشا فهمي وأنة لم يعطي في تدوينتة الشهيرة علي حسابة الشخصي فيسبوك فرضية أكيد عن نية السلطات إزالة المقبرة.
مضيفًا في تصريح ل "فيتو" أنة لم يبدي إلا قلقا فقط من ماهية تلك الأرقام التي توضع علي مداخل المقابر ذات الأثر التاريخي بالامام الشافعي
مستطردا" انا مقولتش أن الأرقام دي معناها الإزالة للمقبرة كل الي قولتة إني متخوف من أن تكون تلك هي خطوة تمهيدًا للإزالة ".

وعلي الجانب الآخر يقول الدكتور سامح العلايلي، عميد كلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة الأسبق: أن ما يتم تداوله  علي مواقع التواصل الاجتماعي من مخاوف تجاة الأرقام التي ترقم بها تلك المقابر هو حق مشروع ولكن لا يجب إعطاء أحكام مسبقة بناء علي مخاوف غير مؤكد منها.
مضيفًا" تلجأ لجان التخطيط في الأحياء بوضع أرقام معينة علي واجهة المبان لأمرين فقط وهما عند الاحصاء السكاني أو عند أقدام السلطات علي هدم منطقة ما فتوضع الأرقام علي المبان القاطنة حتي لا تهدم فإذا وضع الأرقام هنا معناة إحصاء سكاني لسكاني تلك المقابر أو عدم هدمها لأن أحد ما يقطنها ويسكنها ".

سكان المقابر
جميع من التقت بهم "فيتو" من سكان تلك المقابر خاصة الأثرية منها أجمعوا علي أن تلك الأرقام ليس لها من قريب أو بعيد بمسألة الهدم التي تحدث في المنطقة وأنها مجرد أرقام تعريفية قامت بها لجنة الحي لمعرفة اي المقابر التي يسكنها الناس ويتخذونها ماؤي لهم

" المباني إلي بتتهد بيكتبوا عليها إزالة مش أرقام".

هكذا يقول الحاج رضوان حسن62 عاما أقدم تربي بالمنطقة والذي أكد أن جميع المقابر المزالة أو التي ستزول يجري الإبلاغ بها قبل الإقدام علي هدمها بشهرين علي الأقل ليتسني لاهل المقبور نقل رقاتة أو المقيمين بداخل المقبرة من نقل أدواتهم ومعداتهم.

بينما يقول الحاجة روحية 56 أحد ساكني مقبرة يحي باشا إبراهيم: أنه لم يجري إبلاغها حتي الآن بنية السلطات إزالة المقبرة برغم أن تلك المقبرة من ضمن المقابر التي تم تدوين تلك الأرقام عليها.
مضيفة" الناس إلي بتحط الأرقام دي موظفين تبع الحي ولما سألتهم لية، قالولي عشان نعرف المقابر إلي ساكن فيها أسر وناس".

شوقي رمضان 60 عام حارس مقبرة علي باشا فهمي والتي آثار علي أثرها الجدل المحتدم يقول "كل الي اعرفة أن الأرقام دي اتحطت ليها يومين وموظفين الحي قالولي أمنع اي حد يصور عند المدفن أو يسأل عن لية اتحطت الأرقام دي".
مضيفًا" معرفش بصراحة هي اتحطت لي بس لو هيهدوها كانو علي الأقل بلغوني أو بلغوا الورثة والي أكيد هيجوا عشان يشيلو رفات الباشا وينقلوها".

 

عظماء تحت المطارق
ضمت قائمة المقابر المهمة والتي تمت إزالتها مؤخرا كل من الفيسلوف المصري أحمد لطفي السيد ورئيس وزراء مصر الأكثر جراءة حسن باشا صبري والذي رفض اشتراكها في الحرب العالمية الثانية وعبود باشا فهمي أحد أعمدة الإقتصاد المصري قديما وأحد مؤسسي التربية والتعليم في مصر زكي بك المهندس والد الفنان الراحل فؤاد المهندس ونازلي هانم حليم حفيدة محمد علي باشا الكبير ومراد باشا محسن ناظر الملكية في عهد الملك فاروق ونازلي هانم ذو الفقار زوجة الملك فؤاد الأول ووالدة الملك فاروق وصاحب رائعة قنديل "أم هاشم" يحي حقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم.

ليست مجرد جبانة

منحت القرافة إسمها لنسبة لقبيلة بني قرافة والتي سكنت أرضا بالقطاع الشرقي للفسطاط عاصمة مصر إبان الفتح العثماني، وسميت منطقة المدافن التي نشأت بينها وبين المقطم نسبة إليها ومع الوقت صار إسم "القرافة"يشير إلي المقابر التي نعرفها الآن بالقاهرة.

وعن أهمية القرافة يقول الدكتور احمد زايد رئيس مكتبة الإسكندرية الأسبق"  تحتوي القرافة علي جزء من تأريخ مصر،لان كل شخص دفن بها شاهد علي جزء من تأريخ ذلك البلد".
ويضيف زايد ل "فيتو" انا الجانب الأهم في القرافة هو الطراز المعماري الفريد والذي تمتاز بية ويجمع خليط بين فنون متنافرة ولكنها في نفس الوقت متناسقة كالفن العثماني والمملوكي والأندلسي بل والقوطي أيضا والتي تشتهر بة بعض المقابر كمقبرة الملكة نازلي  والأمير يوسف جمال إبن عم الملك فاروق والأميرة فاطمة إسماعيل إبنة (الخديوي إسماعيل).

مستطردا حديثة" علينا أن نتعامل مع تلك المقابر علي أنها إرث تاريخي وثقافي هو حق للأجيال القادمة ليتسني لها رؤية شهود عظماء وطنها ".

من يحمي التراث

عندما حاولنا تتبع مقبرة" علي باشا فهمي" والتي أثيرت الأقاويل في الآونة الأخيرة حولها بنية هدمها علي موقع مشروع خريطة القاهرة الإسلامية التابع لمركز توثيق التراث الحضاري والطببعي أحد مراكز مكتبة الإسكندرية، وجدنا أنها غير مسجلة في قائمة الآثار، الأمر الذي يعني حتميا خروجها من حضانة الحصانة المعمارية والتاريخية وتعرضها للازالة في أي وقت، يبدوا الأمر مقلقا بعض الشي إذا ما كانت باقي المقابر التاريخية والذي ورد ذكرها لا تتبع أيضا قائمة الآثار مما يعني إمكانية هدمها هي الأخري
في هذا الجانب تقول الدكتورة "نيفين ابو الحسن" أستاذة التاريخ المعاصر بجامعة الزقازيق" أن الشاهد التاريخي ليس بالضرورة الشرطية أن يتبع لمنظمات بعينها كيف يتم تعريفة علي أنة تاريخي،بل يكفي قدمة الزمني وقيمتة الثقافية ورمزيتة الإنسانية،يكفي أن يكون قديما ليكون أثرا".

مضيفة" المقابر في القاهرة التاريخية ليست مجرد مدافن للموتي، بل هي جزء حي من نسيج هذ البلد وتاربخة وعدم إدراج بعضها في منظمة أثرية بعينها لا ينفي رمزيتها ولا يقلل من قيمتها".

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية