رئيس التحرير
عصام كامل

الغش في الامتحانات.. أزمة ضمير أم قانون أم طرق التقويم؟!

استبشرنا خيرًا بتصريحات وزيرالتعليم السابق الدكتور طارق شوقي عن زوال كابوس الثانوية العامة واستبشرنا أكثر حين تولى الوزارة رجل من أهلها ورغم تغير نمط الامتحانات وطريقتها لكن الثانوية العامة لا تزال بعبعا لطلابها وأولياء أمورهم تؤرق أيامهم وتستنزف عقولهم ونفسياتهم والنتيجة أننا مزلنا نراوح مكاننا في سلم التصنيف العالمي لجودة التعليم.


ورغم ما قيل عن الغش في الفضاء الإلكتروني أو الكواليس ورغم وجود وقائع ثابتة بمحاضر رسمية للغش الذي ساعد عليه التطور التكنولوجي الرهيب لكن شيئًا لم يتغير، وتأتي إجراءات الحساب والمساءلة رخوة باهتة لا تجعل الغشاشين ومن ساعدوهم بتسريب الامتحان عبرة لغيرهم.. 

Advertisements

 

والنتيجة إهدار تكافؤ الفرص والعدالة وقصور تقييم المستوى، فهل يكفي لامتحان مدته ساعتان لتحديد مصير طالب ثم أمة بأكملها.. أليس هناك وسيلة أخرى أكثر موضوعية وعدالة للتقييم بعيدًا عن شبح الدروس الخصوصية والغش والتسريب.

الغش في الامتحانات وأسبابه


صحيح أن الغش في الامتحانات ظاهرة غير مقصورة على مصر لكنها أكثر فجاجة هنا؛ فثمة حالات تخرج لسانها للقانون وهي موجودة إن أردنا التحقيق فيها وليس التهوين منها. الأمرالذي يقتضينا أن نبحث في مسببات الغش وهل هو ثقافة مجتمع يستهين بالقانون ويهدر سيادته أم ضمير مجتمع يستسيغ الغش ويجعله أمرًا مباحًا لا غضاضة فيه ولا ضير منه، رغم أنه ظلم كبير يجافي أبسط تعاليم الشرع؛ ذلك أن نبينا الكريم يقول "من غشنا فليس منا"؟!


للظاهرة أسباب تستمدها من انهيار الأخلاق تارة، وعدم كفاءة نظام الثانوية العامة من ناحية أخرى، ما يجعلها آفة كبرى يسهم كلنا فيها بنصيب؛ سواء القائمون بالغش أو المتسترون أوالساكتون عليه.. المجتمع نفسه لا يرفض الغش، ولا يمانع في اللجوء إليه إذا ما كان يحقق للبعض مصالح ضيقة حتى ولو ألحقت أبلغ الضرر بالمجتمع كله.


الاستهانة بالقانون والأخلاق يعني وجود ضمائر ميتة لا تستنكف الغش ولا تأباه بل تباركه وترحب به ويكرس لمبدأ عام وهو الغش في التجارة والغذاء والبناء وكافة مناحي النشاط الإنساني؛ إذ إن سكوت المجتمع عن غش الامتحانات من شأنه كسر القدوة وتخريج أجيال بلا ضمير حي وبلا نفوس سوية.


دراسة تجارب الدول المتقدمة في المناهج وطرق التقويم لتفكيك الطريقة العقيمة للثانوية العامة التي ليس من العدل أن نجعل امتحانًا مدته لا تتجاوز ثلاث ساعات لكل مادة دراسية تقررمصير مستقبل أمة بأكملها.. 

 

 

توسيع نطاق التقويم بطرق أكثر موثوقية وموضوعية يضمن تخريج أجيال تعقل وتفكر وتبدع ولا تكون الامتحان غاية في ذاته تبث الرعب في القلوب وتفرغ العملية التعليمة من مضمونها ولا تنتج نظاما تعليمياُ مثمرًا يجاري عصر شديد التطور عصر بات فيه الذكاء الاصطناعي يحدد مصير البشرية.. منع الغش معناه ألا نجد  مهندسًا ولا طبيبًا غير كفء ولا محاميًا يتلاعب بالقانون ولا سياسيًا انتهازيًا.. ولا معلما غير صالح.

الجريدة الرسمية