رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الإفتاء توضح حكم صلاة ركعتين بعد الطواف

الكعبة المشرفة، فيتو
الكعبة المشرفة، فيتو

حكم صلاة ركعتين بعد الطواف،  ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول هناك رجلٌ أكرمه الله تعالى بالعمرة، وبعد الانتهاء من الطواف أخبره أحد الأشخاص بأنَّ عليه أنْ يصلي ركعتين مخصوصتين للطواف. فما حكم هاتين الركعتين؟

حكم صلاة ركعتين بعد الطواف


ومن جانبها أجابت دار الإفتاء إن الطواف بالكعبة المشرفة عبادةٌ مِن أفضل العبادات، وقُربةٌ مِن أشرف القربات، وطاعة من أجلِّ الطاعات، وفيها امتثال لأمر الله تعالى القائل في محكم التنزيل: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29]، ويكفي المسلم شرفٌ أن يطوف بالبيت الحرام الذي نسبه الحق سبحانه وتعالى إلى نفسه، فطهَّره وعظَّمه وشرَّفه وكرَّمه؛ قال تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: 26].

Advertisements

والحكمة من مشروعية التعبد بالطواف: إقامة ذكر الله تعالى؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ؛ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الأئمة: أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "سننه"، والترمذي في "جامعه" وصحَّحه، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه" وقال: صحيح الإسناد.

 

أنواع الطواف بالبيت وفضله


الطواف بالكعبة المشرفة أنواعٌ عدة؛ منها: طواف الإفاضة وهو ركنٌ مِن أركان الحج، وطواف العمرة وهو ركنٌ مِن أركانها، وطواف التطوع؛ كطواف تحية المسجد الحرام، وللطائف أجرٌ عظيمٌ، وثوابٌ جزيلٌ مِن الله عزَّ وجلَّ؛ فعن الحَجاج بن أَبي رُقَيَّةَ قال: كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا أَنَا بِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَبِي رُقَيَّةَ، اسْتَكْثِرُوا مِنَ الطَّوَافِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ حَتَّى تُوجِعَهُ قَدَمَاهُ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُرِيحَهُمَا فِي الْجَنَّةِ» أخرجه الإمام الفاكهي في "أخبار مكة".

 

الحج

 

كما أنَّ الطائف بالبيت تُرفَعُ له الدرجات، وتُحطُّ عنه السيئات، وتُزَادُ له الحسنات بكلِّ خُطوةٍ يَخطُوها؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ؛ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمًا، وَلَمْ يَقَعْ لَهُ أُخْرَى؛ إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَحُطَّتْ عَنْهُ خَطِيئَةٌ، وَرُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ» أخرجه الإمامان: ابن خزيمة في "صحيحه"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".

وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ طَافَ أُسْبُوعًا يُحْصِيهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ» أخرجه الأئمة: أحمد في "مسنده" واللفظ له، وعبد الرزاق في "مصنفه"، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال". و«أُسْبُوعًا»: "أي سبع مَرَّات"؛ كما قال بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (9/ 267، ط. دار إحياء التراث العربي).

مذاهب العلماء في حكم ركعتي الطواف
اختلف الفقهاءُ في حكم ركعتي الطواف: فذهب الحنفية، والشافعية في وجهٍ، والإمام أحمد في روايةٍ: إلى أن صلاة ركعتي الطواف بعد الانتهاء منه واجبٌ شرعًا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]؛ أي: صلُّوا، والأمر يقتضي الوجوب، فدل على وجوب صلاة الركعتين، ولأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدَّاهما، وفِعلُه إما أن يكون بيانًا، أو ابتداء شَرْعٍ، وأيهما كان دلَّ على الوجوب.

قال علاء الدين السمرقندي الحنفي في "تحفة الفقهاء" (1/ 402، ط. دار الكتب العلمية) في ذكر ما يفعله الطائف بالبيت الحرام: [فإذا فرغ من الطواف يصلي ركعتين.. وهي عندنا واجبة] اهـ.
وذهب الشافعية في الأصح، والحنابلة في الصحيح: إلى أنَّ الركعتين بعد الطواف سُنَّةٌ مؤكدةٌ يستحب صلاتهما؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَمْ يَدَعْهُما، فدلَّ ذلك على سُنِّيَّتِهِمَا وتأكيد أمرهما.

والقول الثاني: إنهما مستحبان؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي حين قال: هَلْ عليَّ غَيْرَها؟ قَالَ: «لَا، إلَّا أَنْ تَتَطَوَّعْ»، فجعل ما سوى الخمس تطوعًا] اهـ.

وأما المالكية: فقد ذهبوا في حكم ركعتي الطواف إلى ثلاثة أقوال:

الأول: أنهما سُنَّةٌ مطلقًا.

والثاني: أنهما واجبتان مطلقًا.

والثالث: أن حكمهما تَبَعٌ لحكم الطواف؛ فإن كان الطواف واجبًا كان حكمهما الوجوب، وإن كان الطواف مندوبًا كانَتَا سُنَّةً، وقد جمع هذه الأقوال ونص عليها شمس الدين الحطاب، ثم رجَّح أنهما واجبتان مطلقًا؛ سواء كان الطواف واجبًا أو نافلة؛ فقال في "مواهب الجليل" (3/ 110-111، ط. دار الفكر): [م: (وفي سُنِّيَّةِ ركعتي الطواف أو وجوبهما تردُّدٌ) ش: أشار بالتردُّد؛ لتردُّد المتأخرين في النقل، فاختار الباجي: وجوبهما مطلقًا، وعبد الوهاب: سُنِّيَّتهما مطلقًا، والأبهري وابن رشد: أن حكمهما حكم الطواف في الوجوب والندب، وهذا الثالث هو الظاهر، وعليه اقتصر ابن بشير في "التنبيه"، وقال سند: لا خلاف بين أرباب المذاهب أنهما لَيْسَتَا ركنًا، والمذهب: أنهما واجبتان تُجبَران بالدم انتهى.

الكعبة المشرفة

 

المختار للفتوى في حكم ركعتي الطواف


المختار للفتوى في هذه المسألة هو القول بأن ركعتي الطواف سُنَّةٌ مؤكدةٌ مطلقًا، وأما القول بوجوب صلاة الركعتين بعد الطواف؛ استشهادًا بالأمر الوارد في قَوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾.

فيُنَاقَشُ: بأنَّ الأمر وإن كان يدل على الوجوب كما هو مقرر في قواعد الشريعة، إلا أن جمهور الفقهاء قد ذهبوا إلى أنَّ اقتضاء الوجوب إنما هو مختص بالأمر المطلق المجرد عن القرائن الصارفة له إلى غير معنى الوجوب دون غيره، فإذا وُجِدَت قرينة تدل على أنَّ المراد بالأمر غير الوجوب كالندب أو الإباحة؛ حُمِلَ الأمر على ما تدل عليه هذه القرينة؛ كما في "التلخيص" لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني (1/ 263، ط. دار البشائر الإسلامية).

وقد ورد في السُّنَّة قرينةٌ صارفةٌ عن الوجوب في الأمر الوارد في الآية السابقة؛ فعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِر الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسلام، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ»، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» متفق عليه.

ففي هذا الخبر ثلاثة أدلة على كون ركعتي الطواف سُنَّةً:

الدليل الأول: أن الرجلَ سألَ عن الفرضِ الذي عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، ولم يقل "سِتُّ صلوات".

الدليل الثاني: سؤال الرجل: "هل عليَّ غيرها" فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا»؛ فنفى عنه وجوب غيرها، ثم أكد النفي بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»؛ فدل على أن غير الصلوات المكتوبة إنما يكون تطوعًا من فاعله.

الدليل الثالث: قول الأعرابي: "والله لا أَزِيد على هذا ولا أنقُص"، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم معلقًا على ذلك: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»، فلو كان غير الصلوات الخمس واجبًا لم يكن الرجل بتركه مفلحًا؛ كما في "الحاوي الكبير" للإمام الماوردي (2/ 279)، و(4/ 153).

وهذه المناقشة وإن أوردها الإمام الماوردي في معرض كلامه عن سُنَّة الوتر، إلا أنها تجري على غيرها من السنن، ثم إنه قد أورد ذات الحديث في معرض كلامه عن ركعتي الطواف -كما سبق في النقل عنه من "الحاوي الكبير" (4/ 153)- من غير مناقشة؛ مكتفيًا بسبق مناقشته في سياق سُنَّة الوتر.

ويدل أيضًا على عدم فرضيتهما: الحديثُ السابقُ ذكرُه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ طَافَ أُسْبُوعًا يُحْصِيهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ».

قال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (4/ 153) شارحًا هذا الحديث: [أخرجه مَخْرَجَ الفضلِ، وجعل له ثوابه محدودًا، فدلَّ على أنه تَطَوُّع؛ لأنَّ الواجب غير محدود الثواب] اهـ.

ما يقرأ من القرآن في ركعتي الطواف


يستحب أن يقرأ المُصلي فِي الركعة الأولى بعد سورة الفاتحة بـ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، وَفِي الثانية بـ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، ويُسِرُّ فيهما بالقراءة نهارًا، ويجهر بها ليلًا؛ كما في "المجموع" للإمام النووي (8/ 53)، و"شرح منتهى الإرادات" لأبي السعادات البهوتي (1/ 574-575، ط. عالم الكتب).

وبناءً على ذلك: فإن الطواف ركنٌ من أركان العمرة، يُثاب عليه فاعله أيَّمَا ثوابٍ؛ من رَفْعِ درجاتٍ، ومَغْفِرَةِ زَلَّاتٍ، وحَطِّ سَيِّئَاتٍ، ويُسن للطائف أن يُصلي بعد الطواف ركعتين، ويستحب أن يقرأ فِي الركعة الأولى منهما بعد الفاتحة بـ(سورة الكافرون)، وفي الثانية بـ(سورة الإخلاص)، يجهر فيهما بالقراءة ليلًا، ويُسِّرُ بها نهارًا؛ لما في فعلهما من إصابةِ السُّنَّة.

وفي واقعة السؤال: صلاة ركعتين بعد الطواف مشروعٌ على جهة كونهما سُنَّةً مؤكدةً؛ يُثابُ فاعلها، ولا يُعاقَب تاركها.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، القسم الثاني، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

Advertisements
الجريدة الرسمية