رئيس التحرير
عصام كامل

الكريمة والعقاب

عاش الفأر الصغير فرافيرو في منطقة هادئة ومنعزلة بمدينة الكرات الحمراء مع عائلته، وكان يحب اللعب والاستكشاف خصوصا في الليل. لكن بعد أن قتل كلب والده في حادث مأساوي، تغيرت حياته تماما. وتقول الجدة الراوية إن الكلب قتل الفأر الكبير لأنه أكل الكريمة التي كانت تزين تورتة عيد ميلاد القط السمين، ولهذا فقد شهد الكثير من القطط زورا لتبرئة الكلب ومجاملة للقط السمين.

 

أصبح الفأر الصغير غاضبا ومحطما، وقرر أن ينتقم من كل الحيوانات الأليفة في مدينة الكرات الحمراء. بدأ فرافيرو بالتخطيط لقتل كل القطط التي شهدت زورا في قضية مقتل والده، بدءا من قطة السيدة العجوز مرورا بالقط السمين وانتهاء بقطة العائلة الكبيرة.

 

كان الفأر الصغير ينتظر حتى تنام القطط في الليل قبل أن يدخل إلى منازلها ويهاجمها بلا رحمة. وقد تعلم فرافيرو كيفية الهروب من الفخاخ وكيفية الحفاظ على سريته، وتحول إلى قاتل متسلسل مخيف.

 

واحدا تلو الآخر، تم العثور على جثث القطط المذبوحة في الصباح، ولم يتم العثور على أي دليل يشير إلى الجاني. ولكن كان هناك شيء غريب في الحوادث، حيث لم يتم العثور على أي آثار للخنزير المنزلي، الذي كان يتجول في الحي ويعتبر أحد أكثر الحيوانات شهرة في مدينة الكرات الحمراء.

جريمة مروعة

بدأ السكان يشعرون بالقلق والخوف، وحتى القطط الباقية في مدينة الكرات الحمراء بدأت تخاف من الذهاب إلى الخارج في الليل. وكان الفأر الصغير يشعر بالفخر لأنه تمكن من إثارة الرعب والذعر في مدينة الكرات الحمراء، ويرى في ذلك تعويضا عما قاساه بعد فقدان والده.

 

ولكن عندما بدأ الفأر الصغير في الاستهتار بخططه والاعتماد على نجاحه في الهجمات السابقة، تمكنت الشرطة من تحديد هويته والقبض عليه. وبعد التحقيق، تم العثور على أدلة تدينه بالجرائم التي ارتكبها. وتم إيداع الفأر الصغير في السجن، لكن السكان لم يستطيعوا نسيان ما فعله. ولأجل ذلك، تم إعدام الفأر الصغير، وعادت الحياة إلى مدينة الكرات الحمراء بعد أن تمت تهدئة الأمور وتهيئة الأجواء للحيوانات الأليفة للعيش بسلام وأمان.

 

لم يدم السلام طويلا رغم إعدام فرافيرو، إذ عادت من جديد حوادث القتل المريبة، حتى أن الشرطة اضطرت إلى إعادة فتح مقبرة فرافيرو.. فكانت المفاجأة. لقد اختفت جثة الفأر الصغير، فهل مات حقا أم أن أمرا قد حدث وزيفت عملية إعدامه؟!

 

لسبع ليال لم يستطع سكان مدينة الكرات الحمراء وحيواناتهم الأليفة أن يغمض لأحدهم جفن ولو لثانية، ونظموا دوريات لحراسة البيوت والمباني الحيوية، فبقيت المدينة في سلام ولم تسجل حالة قتل واحدة، فخففت الحراسة تدريجيا حتى ظن الجميع أن القاتل قد فر ولن يعود.

 

في الليالي التالية، ورغم غياب الحراسة، لم يظهر القاتل المتسلسل الذي يعتقد أنه الفأر الصغير فرافيرو، فتحول الظن إلى يقين وهنأ سكان المدينة بعضهم البعض بالخلاص من ذلك الكابوس. تجمع كل سكان مدينة الكرات الحمراء من بشر وحيوانات في الساحة الكبرى، من أجل الاحتفال بالسلام، فتزينت النساء وارتدى الرجال أفخر ثيابهم بينما حصل الأطفال على لعب جديدة والحيوانات منحت أطواقا فاخرة من الجلد الطبيعي.

 

وبينما الساحة الكبيرة مكدسة بالبشر وحيواناتهم، يرقصون ويغنون ويعبون في بطونهم كؤوس المشروب الوطني المصنوع من منقوع الخوخ البري، وجدوا أنفسهم محاصرين بطوق عظيم من النار، وقبل أن يحرك أحدهم ساكنا كانت كرات اللهب الحمراء تتساقط على رؤوسهم فاحترقوا.

 

 

نظر آخر الأحياء إلى خارج دائرة النار، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وجد الكلب قاتل الفأر الكبير هو من يطوح الكرات الملتهبة، التي أحرقتهم جميعا. عاش الكلب طويلا في مدينة الكرات الحمراء، وتناوبت عليه أجيال وأجيال من السكان الجدد، فكان من فترة لأخرى يقتل حيوانا ثم يتخلص من شهود الزور. مرت قرون على هذه الحكاية، ولا أحد لليوم يعرف هل الكلب مذنب لأنه قاتل، أم بطل يخلص العالم من شهود الزور.

الجريدة الرسمية