رئيس التحرير
عصام كامل

القوة الناعمة المصرية أصبحت مجرد تراث!

القوى الناعمة المصرية في ما تقدمه الشاشات العربية، أثناء شهر رمضان بالصدفة شاهدت ثلاث قنوات دجلة زمان – دبى زمان – ذكريات، والقنوات الثلاثة تشبه وتماثل قناة ماسبيرو زمان المصرية، لفت نظرى عدد المسلسلات والبرامج المصرية التى تذاع يوميا، مثل ليالى الحلمية، ضمير أبلة حكمت، الإمام الأعظم أبوحنيفة النعمان، خامس الراشدين عمر بن عبدالعزيز.. 

 

بالإضافة إلى مسلسلات الوعد الحق، الرجل الآخر، العطار والسبع بنات، الشارع الجديد، صيام..صيام، رجل شريف جدا، ألف ليلة وليلة، فوازير نيللى، فوازير شيرهان، بالإضافة إلى حلقات للإمام الشعراوى وشيوخ الأزهر السابقين الشيخ جاد الحق جاد الحق، الشيخ سيد طنطاوى، بالإضافة إلى أفلام وأغانى نجوم مصر الكبار، كل هذا يعرض على ثلاث قنوات فقط.

 

وبالعودة إلى الستينات سنجد أن المصريين كانوا في كل مواقع الإبداع، على سبيل المثال كان من أبرز الإصدارات في تاريخ الثقافة العربية مجلة العربى الكويتية التى صدرت فى الستينات كان مؤسسها الدكتور أحمد زكى، وفى السبعينات ظهرت مجلة الدوحة القطرية مبهرة كانت توزع في مصر 120 ألف نسخة، كان يقودها العظيم رجاء النقاش الأستاذ الذى قدم للساحة العربية الكثير منهم سميح القاسم، محمود درويش وغيرهما، وفي المجلتين كان الكثير من مبدعى مصر دورا كبيرا ومؤثرا فى الثقافة العربية..

 

القوة الناعمة لمصر 

وفي مجال الإعلام في مجالاته المتعددة (الصحافة - الإذاعة - التليفزيون) كان أبناء مصر منتشرين وهم الذين أسسوا كل قواعد الإعلام في دول الخليج، بل أبناء مصر في الرياضة كان المدربون في كل الألعاب يؤسسون قواعد هذه الالعاب ونظمون ادارتها، هذا كله ما كان يقال عليه القوة الناعمة لمصر، حتى فى فترة قطع العلاقات العربية المصرية بعد اتفاقيتى كامب ديفيد، كان المصريون منتشرين فى كل دول الخليج بلا استثناء.

 

أذكر هنا في السبعينات عندما تم التضييق على المثقفين بإغلاق مجلاتهم ( الكاتب والطليعة والفكر المعاصر، كما تم تفريغ مجلة روزاليرسف وجريدة المساء من محتواهما التقدمى)، كما بدأ تأثر الدولة بالاتجاهات الدينية، وعندما قال الرئيس السادات إنه مسلم ويحكم دولة مسلمة، ووضح تراجع الإعلام والثقافة في مسايرة الدولة المتجه بقوة إلى التطبيع مع العدو الصهيونى والغرب..

 

هذا أدى إلى التراجع عن بعض جوانب الهوية المصرية، كان الأمر قد وصل إلى لجوء بعضهم إلى سلاح التكفير، مما أثر هذا سلبا على حرية العقل والفكر، وشكلت إعاقة لتطور الإنتاج العقلى والثقافي والإبداعي. وكان من مظاهر عداء السلطة إلى الثقافة والمثقفين، أن تم نقل أعداد من الصحفيين والمثقفين المعارضين من الصحف القومية إلى أعمال ووظائف إدارية في الوزارات المختلفة.. 

 

وهو ما أدى إلى هجرة الكثيرين منهم إلى بعض البلاد العربية أو الأوربية، سافر الدكتور غالى شكرى والدكتورة نوال السعداوى والكاتبة صافيناز كاظم والشاعر محمد عفيفى مطر والمفكر والناقد أحمد عباس صالح.. وآخرون إلى بغداد. كما هاجر عدلى فخرى وسمير عبد الباقى وآخرون إلى دمشق. وهاجر محمود أمين العالم وميشيل كامل وأحمد عبد المعطى حجازى، وآخرون إلى باريس. 

 

وهاجر محمد عبد الحكم دياب وشريف حتاتة وإبراهيم فتحى وآخرون إلى لندن. وهاجر الشاعر الدكتور حسن فتح الباب والكاتبة بهيجة حسين إلى الجزائر، وهاجر رجاء النقاش وحسن طلب وآخرون إلى قطر. وهاجر الدكتور فؤاد زكريا والدكتور أحمد أبو زيد والكاتب أحمد بهاء الدين  والروائى محمد المنسى قنديل والقاص محمد المخزنجى والمخرج زكى طليمات وغيرهم، من خيرة أساتذة الجامعات والكتاب والفنانين الى الكويت وغيرها من بلاد النفط.. الخ، ولا يستثنى من ذلك، أصحاب الصنعة والمهارة من العمال والفلاحين والحرفيين.. ألخ الذين هاجروا بدورهم إلى بلاد النفط.

 

 

ولا يمكن تجاهل دور السينما المصرية، التى كانت من أهم عناصرالقوى الناعمة فى العالم العربى، يكفى أن اللهجة المصرية أصبحت سهلة ويعرفها العرب من المحيط الى الخليج، وأصبح كل الفنانين المصريين نجوما فى البيوت العربية، كما أن حفلات أضواء المدينة قدمت كل نجوم الغناء العربى، وكانت جميع الدول العربية تنتظر حفلات  أضواء المدينة، ناهيك على دور أم كلثوم التى قيل إنها وحدت العرب كل أول شهر لدرجة أن النادى المغربى أطلق على ناديه اسم الوداد محبة في أم كلثوم وفيلم وداد.

أين نحن الأن من هذا؟ كنا أصحاب ريادة بحق.. ولم نعد للأسف نملك منها شيئا!

الجريدة الرسمية