رئيس التحرير
عصام كامل

من رع وآمون للنقشبندى، هذا دليل مصرية الابتهالات والتواشيح الدينية

رواد التواشيح فى
رواد التواشيح فى مصر محمد عمران والنقشبندى وطوبار والهلباوي

 الابتهالات  فن عريق له تاريخ قديم منذ العصر العباسى الأول على يد إبراهيم الموصلى وإسحق الموصلى كما جاء في كتاب الأغاني للأصفهانى، فهو بمثابة حلقة الوصل بين القراءات القرآنية بمعناها الفني وبين الغناء العربى وكان شهر رمضان مجالا لهذا الفن بوجه خاص، وعندما جاء العصر الحديث انضم كثير من المشايخ إلى هذا الفن بجانب تلاوة القرآن، وقد فتحت الإذاعة أبوابها له فظهر الشيخ سيد النقشبندى والشيخ محمد الفيومى ونصر الدين طوبار وطه الفشنى وعلى محمود والشيخ كامل يوسف البهتيمى والشيخ إبراهيم الفران وغيرهم.


 ارتبط الابتهال بحب الله وبالصفاء الروحي والسمو بالذات‏، وهو يعنى في المعاجم الإخلاص في الدعاء، وقد وجدت كما ذكر الدكتور إبراهيم النواوى أستاذ علم الآثار في مجلد أصدره المجلس الأعلى للثقافة عام 1975 بعنوان “ تقييم ”.

ظاهرة مصرية منذ ايام الفراعنة 

إن الانشاد الدينى ظاهرة مصرية أصيلة راسخة في وجدان المصريين منذ العصور القديمة كاحتفالات الألهة رع وأمون وإيزيس كما أنه توجد صور على جدران المعابد للعازفين والمنشدين، كما وجدت كثير من البرديات تحوى نصوصا دينية تحمل الابتهال إلى الإله الخاص بكل حقبة صدره، ثم جاء الابتهال والإنشاد والمديح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعددت مراحل تطوره حتى وصل إلى الصورة الحالية.

فرقة الإنشاد الدينى  

 وحفاظا على هذا اللون من الغناء الدينى أنشأت فرقة الموسيقى العربية فرعا لها يقدم الإنشاد أطلق عليها فرقة الإنشاد الدينى تابعة لأكاديمية الفنون، وبدلا من مدرسة المشايخ الذى ساد أواخر القرن الـ 19 حتى أوائل القرن العشرين وسمى بعصر المشايخ الذى ضم الشيخ عبد الرحيم المسلوب ودرويش الحريرى وإسماعيل سكر وعلى محمود وطه الفشنى..أصبح الآن المعاهد الموسيقية‏، والمساحات المحدودة في وسائل الإعلام المختلفة‏,‏.

الشيخ على محمود 

وفى العصر الحديث جاء من طور في الأداء والكلمة واللحن للابتهالات والمدائح النبوية منهم الشيخ على محمود والشيخ سيد النقشبندى والشيخ نصر الدين طوبار والشيخ محمد عمران ومحمد الكحلاوى، فالشيخ على محمود هو سيد القراء وإمام المنشدين وصاحب مدرسة عريقة في التلاوة والانشاد، تعلم أصول النغم على يد الشيخ على المغربى ومن خلال حفظ البحور الشعرية حتى صار منشد مصر الأول حتى أن الشيخ عبد العزيز البشرى قال عنه ( إن صوت على محمود من أسباب تعطيل حركة المرور في الفضاء لان الطير السارح في السماء يتوقف إذا استمع إلى صوته).

مولاى إني ببابك 

 ومن تلامذته الشيخ سيد النقشبندى صاحب الصوت الملائكى فعندما تسمعه يشدو " مولاى انى ببابك قد بسطت يدى..من لى ألوذ به إلاك ياسندى "، ارتبط صوته القوى بشهر رمضان يصافح آذان الملايين اثناء الإفطار والسحور بأحلى الابتهالات، حفظ أشعار البوصيلى وابن الفارض، واستطاع أن ينقل فن الابتهالات والتواشيح من أروقة الصوفية وزواياهم إلى آذان المسلمين جميعا بعد اعتماده بالإذاعة عام 1967 ليصبح ملمحا من ملامح شهر رمضان، وان يوجد جمهور كبير لفن التواشيح والابتهالات حتى أنه أثرى مكتبات الإذاعة بعدد كبير منها.

الشيخ نصر الدين طوبار 

أما ثانى المبتهلين الشيخ نصر الدين طوبار جميل الصوت، قدم مايقرب من مائتى ابتهال منها يامالك الملك ومجيب السائلين، وجل المنادى يا منقذى، يامالك الملك، ماذا بعد مازحف المشيب، يابارئ الكون، طه البشير، عدت الى رحابك وغيرها، وعمل قائدا لفرقة الانشاد الدينى التابعة للاكاديمية وانشد على قاعة البرت هول بلندن وكتبت عنه الصحافة أن صوته يعزف على أوتار القلوب 
ويعتبر الشيخ محمد الهلباوي أشهر المبتهلين وأول من قدم الابتهالات على موسيقي غربية ولذلك لقب بـ موزار الشرق.
 

 يقول الدكتور احمد عمر هاشم الرئيس السابق لجامعة الازهر: إن فن الابتهالات والمدائح النبوية أسهم بشكل كبير في المحافظة ونقل وانتشار قواعد اللغة العربية في الغرب وأيضا الموروثات الثقافية الإسلامية المتوارثة عبر الأجيال المختلفة مشيرا إلى أن أشهر الموروثات الثقافية التي تداولها المنشدون والمبتهلون المسماة ببردة المديح، وان اول بردة كانت في تاريخ التراث الصوفى تلك التي كتبها كعب بن زهير عندما خرج من الكفر الى الإسلام وأشد قصيدته التي أعجب بها الرسول الكريم حتى انه خلع بردته واعطاها له تعبيرا عن تقديرا ومن هنا سميت القصائد بالبردة.

من أين جاءت تسمية البردة 

وأضاف هاشم: ثم كانت البردة الثانية للإمام البوصيرى الذى كان ينشد الابتهالات وهو قعيدا فالقى عليه رسول الله ببردته فى المنام ـ كما روى ـ فمن الله عليه بالشفاء وكان أفضل  من أنشد بردة البوصيرى الشيخ عبد العظيم العطوانى ولذلك فالابتهالات تخاطب القلوب والوجدانات.

الابتهال فن مشروع 

ويشير المفتى السابق الدكتور على جمعة إلى أن مدح الأمة للنبى محمد دليل محبتها له وهذه المحبة هي من أصول الايمان وقد عرف العلماء المدح النبوى بأنه الشعر المنصب على مدح النبى بتعدد صفاته وسيرته وغزواته وبما أن المدح مشروع بعموم القران جاءت السنة النبوية نصا واقرارا فروى أحمد في مسنده عن الأسود ابن سريع رضى الله عنه قال: يارسول الله انى قد مدحت الله بمدحة ومدحتك بأخرى، فقال النبى: هات وابدأ بمدحة الله عز وجل.


وأضاف أن المدائح النبوية سنة كريمة درج عليها المسلمون سلفا وخلفا وليست مستحدثة مع الإمام البوصيرى ومن الذين مدحوا الرسول الكريم في أشعارهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زهير وعبد الله بن رواحة.
 

الجريدة الرسمية