رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بل الشكر لله ثم للأشقاء.. واجب

ما الذي قاله الرئيس السيسي في دبي أمام العرب والعالم، فترك قوله غصة في بعض الصدور؟ لقد وجه الشكر والعرفان وأظهر الامتنان وأفاض لمن قدم وبادر وساعد وقت المحنة القاصمة، تزهق بالكاد روح الوطن.. أفي ذلك خروج عن المألوف، يقتضي إنكار المعروف؟ كلا..


بعض الناس يشكرون، وكثير من الناس يجحدون. الشاكرون للناس أفضالهم هم أسوياء النفس، وهم في الحقيقة يشكرون الله، أما الناكرون أفضال الناس عليهم فهم يعانون عقدة نقص مؤذية، يكرهون أن يعلنوا عن امتنانهم لمن ساعدهم ونصرهم وأخذ بأيديهم وهم يصارعون الغرق وسط أمواج تتلاطم بهم ومن حولهم. 

 

الذي يشكر من ساعد ونصر هو واثق من نفسه، عارف بقدرته على رد الجميل، بل إنه يزرع في قلب الشهم الذي ساند وساعد محبة تدوم، وأن الخير الذي فعله كان في محله، وليس في صحراء نفس جرداء. تنسى الشعوب عادة،  لكن التاريخ لاينسى، ولا ننسى قط أيام 2011،  و2012 السوداء، لن ننسى وقفة خادم الحرمين الشريفين الملك حبيب المصريين عبد الله بن عبد العزيز.

 

ولا وقفة وزير الخارجية السعودي الشجاع سعود الفيصل، حين حذر الغرب: إلا مصر.. لن نسمح بسقوط الدولة المصرية، وهو موقف سعودي تقليدي،  فقد كان الملك فيصل رحمه الله بطل معركة البترول في حرب أكتوبر عام 1973، ولقد شكره الرئيس الراحل السادات شكرا عظيما، ولم يخف امتنانه، ولم يحجب مشاعره تعاليا وإنكارا.

 

بل إنه وجه الشكر أيضا في خطبه الرسمية إلى شاه إيران حين زود الدبابات المصرية بشحنات بترول إيرانية أمر بتحويل سفنها إلى مصر وقت الحرب، وشكره مرة ثانية حين قدم إلى مصر أسطولا من الأتوبيسات لفك أزمة المواصلات في القاهرة وقت رئاسة دكتور عبد العزيز حجازي للحكومة.

مصالح مشتركة

وإذا عدنا إلى الوراء، سنجد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وجه الشكر في أعقاب هزيمة 5 يونيو 1967، إلى الصين، في عهد شوا ين لاي، لتقديمها قروضا ومساعدات عسكرية واقتصادية لمصر الجريحة وقتئذ، وبالطبع لم يكف عبد الناصر عن إبداء الشكر والعرفان للاتحاد السوفيتي، خروشوف ومن بعده بريجنيف، للمساعدات السوفيتية الهائلة، لبناء السد العالي، ثم للعون العسكرى الكبير لتعويض خسائرنا في السلاح والمعدات إثر هزيمة الخامس من يونيو، وبالسلاح الروسي والعزيمة والتخطيط المصرى وشجاعة الرجال والقرار، انتصرنا، وعبرنا.


وإذا مددنا البصر نحو القارة الأوروبية، سنجد أن أمريكا سخرت آلتها العسكرية والمالية والاقتصادية لدعم الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، بل قدمت لأوروبا مشروع مارشال لإعادة بناء الاقتصاد الأوروبي الذي دمرته حرب قاسية مدمرة استمرت سنوات 1935-1945.


تتعاون الدول فيما بينها وتتحالف، لتواجه المحن والهزائم والزلازل، والأيام دول، فمصر هي من بادرت بإنقاذ الكويت من الاستعمار العراقي تحت حكم صدام حسين، جرجره الأمريكان إلى غزو الكويت ليكسروا العراق القوي بعد ذلك ويشنقون صدام مع تكبيرات عيد الاضحي.


فما الذي فعله الرئيس في قمة حكومات العالم بدبي ليزعل البعض من أنه فتح قلبه وأفاض في بيان مشاعر العرفان والامتنان؟
لقد فعل الرئيس الشيء السوى الصحيح، وهو واثق من نفسه عارف قدر وطنه، وهذه كلمة حق واجبة. من لا يشكر الناس لم يشكر الله.. وشكر الله واجب حتى نزداد من فضله. علاقات الدول كيمياء ومصالح.. فلنكف عن ثقافة المعدداتية في الجنازات الوهمية.
 

شكرا الأشقاء في الإمارات وفي السعودية وفي الكويت والبحرين وعمان.. وكل من أفزعه أن مصر في خطر،  وأدرك أنه بالتالي في خطر أعظم.

Advertisements
الجريدة الرسمية