رئيس التحرير
عصام كامل

أموال الزكاة للمصانع والمستشفيات!!

أعرف أنني سأدخل حقل ألغام يختلط فيه الحق بالباطل، وحسن النية بسوء النية.. ولكن أدعو للحوار والنقاش بعيدا عن التخوين والتهويل والتكفير، والقضية التي أدعو إليها هي لماذا لا يتم توجيه وتخصيص أموال الزكاة لاقامة مصانع ومستشفيات ومشروعات إنتاجية تدر ربحا وعائدا يمكن توزيعه على مصارف الزكاة التي ذكرها المولى عز وجل في كتابه الكريم..

في البداية حددت الآية الكريمة الخاصة بتوزيع الزكاة في سورة التوبة (60) عدة مجموعات أساسية تستفيد من الزكاة، فقال الله عز وجل: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”.

وبعيدا عن هذا التحديد الدقيق الذي لا جدال فيه بعد استبعاد من غابوا عن حياتنا الآن مثل العبيد الذين يمكن تحريرهم بهذه الأموال.. ويكون السؤال: هل الأفضل أن نوزع ما يتم جمعه من أموال مباشرة إلى هؤلاء أم ننمي هذه الأموال في مشروعات إنتاجية بما يعود عليهم وعلى الوطن من خير..  

أدرك أن هناك أراء ووجهات نظر لها كل التقدير ترى أن الأصل هنا أن يتم توزيع أموال الزكاة بحالتها دون استثمارها لأن الاستثمار يعنى ببساطة توزيع ريع أو فوائد هذه الأموال وهي قد تكون 10 أو 15 % وليس أصل المبلغ كله، وهذا فارق كبير طبيعا.

ولكن السؤال الذي أطرحه وإجابته التي تستحق النقاش.. أليس من الأفضل أن نعطى الفقراء والمساكين وغيرهم من المستحقين سناره يصطادون بها سمكا كثيرا لا نهائي من أن نعطيهم سمكة واحدة يأكلونها ثم ينتظرون أخرى؟! 
تعالوا نضرب مثالا: لو أنشأنا مصنعا بـ 100 مليون جنيه وعمل به 100 عامل وربحنا منه 10 ملايين جنيه في العام وتم توزيعهم على المحتاجين ممن يستحقون الزكاة.. 

مشروعات إنتاجية للفقراء والمحتاجين

وهذا يعنى أننا بعد 10 سنوات وبالحساب البسيط سنكون وزعنا الـ 100 مليون جنيه الذى بدأنا به مشروعنا، وبعد ذلك سيكون الإنتاج مستمرا والأرباح مستمرة والتوزيع سنويا مستمرا بالإضافة طبعا اننا خلقنا 100 فرصة عمل مباشرة ومثلهم الكثير من العمالة غير المباشرة وقضينا بها أو حاولنا من خلالها اقتحام مشكلة البطالة.. 

وطبعا سيكون من العاملين في هذا المصنع من سيكون من الأصل من المستحقين الى هذه الزكاة..  لكن سيكون الفارق هنا كبيرا بالنسبة لهم وقد حولناهم من طوابير انتظار الحصول على الزكاة إلى طوابير الواقفين لقبض مرتباتهم وأجرهم نتيجة عرقهم.


ألا نتذكر هنا قول الرسول عليه الصلاة والسلام في القصة الشهيرة حين جاءه من يطلب الصدقة: أن يأخذ أحدكم حبله ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه.


أعرف أن هناك فارق بين توزيع الزكاة وطلب الصدقات.. لكن الرسول علمنا أننا أولى بأمور دنيانا وعلينا أن نطور فكرنا في هذا العصر.. تخيلوا معى لو أقمنا مستشفي به جزء استثمارى للإنفاق من عائده على علاج الفقراء، وما يفيض يتم توزيعه على باقى المصارف التي حددتها الآية الكريمة.

 
أعرف أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أصدر قرارًا جمهوريًا منذ عام 2014 بإنشاء بيت الزكاة والصدقات ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ويخضع لإشراف شيخ الأزهر شخصيا ويتولى شئونه، ويهدف إلى قبول أموال الزكاة والصدقات والتبرعات والهبات والوصايا والإعانات الخيرية..

بغرض تنميتها وصرفها في وجوهها المقررة شرعًا حسب أولوياتها، وصولًا لتنمية الفرد والمجتمع.. ويضم في عضويته شخصيات مؤثرة من داخل مصر وخارجها.. وأعرف أن أموال الزكاة لو تم جمعها تتعدى الـ 70 مليار جنيه إذا ادركنا أن الودائع في البنوك نحو الـ3 آلاف مليون جنيه.

وأعرف أن ما يتم جمعه لا يتعدى مئات الملايين من الجنيهات في العام ولا تقترب من المليار أو نصفه.. والسؤال ماذا يحدث لو تم استغلال هذه الأموال لإقامة المصانع والمستشفيات والمشروعات الزراعية والانتاجية.. أليست النتيجة ستكون مذهلة!


طبعا التخوفات موجوده من نهب هذه الأموال أو صرفها في غير أوجه إنفاقها أو.. أو.. أو..  وكلها مخاوف مشروعة لكن ألا تستحق هذه الفكرة من الدراسة العميقة ووضعها على بساط النقاش بشرط أن تكون حسن النوايا هي السائدة، وبحث الأمر بأفق مفتوح بعيدا عمن يتصورون حتى الان أن الجهاد في سبيل الله لا يدخل فيه تحرير الأوطان أو صد العدو عنها تحت زعم التفسير الضيق بان الجهاد في سبيل الله يقتصر على نشر الإسلام وإعلاء كلمة الله فقط..

أعيد وأكرر: ماذا يحدث لو فكرنا في استغلال أموال الزكاة لإنشاء مصانع ومزارع ومشروعات إنتاجية ربحية تكون ساحة للعمل للفقراء وغيرهم من أبناء الوطن، وفي نفس الوقت يكون العائد مجزيا على المدى البعيد الذى يمكن الاضافة اليها سنويا وتنميتها من أموال الزكاة المتجددة سنويا وبهذا نكون حولنا أموال الزكاة بحق إلى مشروع كبير للقضاء على الفقر والعوز.
Yoysrielsaid@yahoo.com 

الجريدة الرسمية